أفريقيا برس – الجزائر. تباين تعاطي وسائل الإعلام الفرنسية التقليدية مع الحوار المطول الذي خص به الرئيس عبد المجيد تبون، يومية “لوبينيون”، والذي يعتبر الأول من نوعه للرئيس مع وسيلة إعلام فرنسية منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباريس قبل نحو ستة أشهر من الآن.
واكتفت غالبية الصحف والمواقع الالكترونية الفرنسية، بإعادة تدوير برقية لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس)، بما فيها يومية “لوموند” ذائعة الصيت، تتحدث عن الضرر الذي لحق بالعلاقات الثنائية في الآونة الأخيرة، وعن شروط الجزائر مقابل استئناف الحوار المعلق بين الطرفين.
وعلى العكس من ذلك تماما، سارت يومية “لوفيغارو” ذات التوجهات اليمينية المتطرفة، بحيث خصصت خمسة مقالات لحوار الرئيس تبون، في عددها الصادر الإثنين، وفق ما أفرزته عملية بحث مفصل على موقعها الالكتروني، علما أن هذه الصحيفة كانت قد أجرت حوارا مطولا للرئيس تبون خلال عهدته الرئاسية الأولى.
وأفردت الصحيفة مقالين صحفيين وبرقية لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس)، فضلا عن إثنين مشفوعين بـ”بودكاست”، تطرقت من خلالها جميعا إلى مختلف النقاط الحساسة التي أثارها الرئيس تبون، في العلاقات الثنائية، ما يؤشر إلى الأهمية التي توليها “لوفيغارو”، التي تعتبر منبر الإعلام اليميني الأول في فرنسا، الذي زاد من وتيرة عدائه للجزائر، منذ سجن الكاتب الفرانكو جزائري، بوعلام صنصال، ورفض الجزائر استقبال المؤثر “بوعلام”، الذي رحله وزير الداخلية، برينو روتايو، خارج الأطر القانونية والدبلوماسية.
وحاولت الصحيفة البحث عن ثغرات في الحوار من أجل استهداف الرئيس تبون، ومن بين ما توقفت عنده، السؤال المتعلق بقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ترحيل عدد من المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، ضمن حملة الترحيل الشاملة التي باشرها ضد الأجانب، وموقف الجزائر من ذلك.
وكان صحفي “لوبينيون” سأل الرئيس تبون هل ستستقبل الجزائر رعاياها الـ306 المرحلين من الولايات المتحدة؟ في محاولة لإحراجه بسبب رفضه استقبال المؤثر “بوعلام”، فرد بالإيجاب: “سوف نفعل هذا، لأن هذا الطلب قانوني. لا توجد لدى الرئيس الأميركي أي دوافع خفية مرتبطة بالهجرة الجزائرية إلى الولايات المتحدة، في حين يهاجم برنامج الجبهة الوطنية منذ جان ماري لوبان الراحل الإسلام والهجرة بشكل منهجي، مع اعتبار الجزائر كبش فداء”.
ولم يرق هذا الموقف للصحيفة اليمينية، التي عنونت “نعم لأمريكا ولا لفرنسا”، في محاولة لتسطيح أزمة المهاجرين مع الفارق الكبير. وكتبت منتقدة الطرف الجزائري بسبب عدم إصداره تصريحات قنصلية لرعايا جزائريين غير شرعيين ينتظرون ترحيلهم إلى الجزائر.
وأفردت الصحيفة أيضا، مقالا خاصا لقضية الكاتب الفرانكو جزائري، بوعلام صنصال، التي شكلت على مدار أشهر ساحة لحرب إعلامية بين البلدين، فضلا عن مقال آخر لزعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، التي هددت باستنساخ طريقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعامل مع المهاجرين الجزائريين، في حال وصولها إلى سدة الحكم.
ويكشف تعاطي صحيفة “لوفيغارو” مع حوار الرئيس لـ”لوبينيون”، أنها تضع الأزمة مع الجزائر قبل أي موضوع داخلي فرنسي، وهو موقف يؤكد أن الجزائر تحولت إلى هاجس لدى اليمين المتطرف وأذرعه الإعلامية، والتي يأتي في مقدمتها المجمع الإعلامي الذي يملكه فانسون بولوري، الذي كان محل انتقاد من قبل الرئيس تبون في حواره، علما أن بولوري يسيطر على عدد كبير من المنابر الإعلامية، كلها تسير في اتجاه استهداف الجزائر وأبناء جاليتها، وبالمقابل تدافع وتحتضن الهجمة التي يشنها اليمين المتطرف ضدها.
المصدر: الشروق أونلاين
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس