أثقل ملف فساد أمام القضاء الجزائري

12

بقلم: فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. يشهد القضاء الجزائري منذ الأحد الماضي أطوار قضية لم تشهدها البلاد منذ استقلالها سنة 1962 لأن المتهم الأول في القضية هو وزير العدل حافظ الأختام الأسبق، الطيب لوح مدشن محكمة الدار البيضاء شرق العاصمة التي تحتضن أطوار محاكمته مع 15 متهم آخر.

ويتابع الطيب لوح بصفته المتهم الرئيسي في القضية والذي وجهت له جناية التحريض على التزوير في محررات رسمية، جنح إساءة استغلال الوظيفة، وإعاقة السير الحسن للعدالة والتحريض على التحيز، وهي الأفعال المنصوص والمعاقب عليها بالمواد 41، 132، 215 من قانون العقوبات الجزائري والمواد 33 ـ 44 ـ 48 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.

ويتابع في الملف ذاته الأمين العام السابق لوزارة العدل “ل. ز”، والمفتش العام لوزارة العدل “ب. ط”، مدير الشؤون المدنية وختم الدولة بوزارة العدل “ب. ح” سابقا المولودان في المغرب، لارتكابهم في نفس الظروف الزمنية والمكانية جناية التحريض على التزوير في محررات رسمية، وجنح إساءة استغلال الوظيفة، والتحريض على التحيز، الأفعال المنصوص والمعاقب عليها بالمواد 41، 132، 215 من قانون العقوبات الجزائري والمواد 33 ـ 48 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.

وُجهت جنح إساءة استغلال الوظيفة والتحريض على التحيز للرئيس السابق لمجلس قضاء الجزائر المدعو “ب. م”، فيما يتابع كل من نائب عام سابق لدى مجلس قضاء بومرداس المدعوة “ز. ج”، وقاضي التحقيق للقطب الجزائي المتخصص لدى سيدي أمحمد سابقا “س. س. أ” وكذلك وكيل الجمهورية السابق لسيدي أمحمد “ب. خ”؛ بجنح إساءة استغلال الوظيفة، وهي الأفعال المعاقب عليها بالمواد 33 و48 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.

كما يتابع في قضية الحال أيضا الوزير السابق للطاقة والمناجم شكيب خليل، وزوجته نجاة عرفات، ونجلاه سينا وخلدون الذين صدر في حقهما أوامر بالقبض الدولي بجنح المشاركة في جنح استغلال الوظيفة، والفعل المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 42 من قانون العقوبات الجزائري والمادتين 33 ـ 52 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.

وفي القضية ذاتها يوجد شقيق ومستشار الرئيس سابقا السعيد بوتفليقة، ورجل الأعمال والرئيس السابق منتدى رؤساء المؤسسات الـ “الأفسيو” علي حداد تم تكييف تهمتهما على أساس “جنحة” المشاركة في استغلال الوظيفة والمشاركة في إعاقة السير الحسن للعدالة، والأفعال المنصوص والمعاقب عليها بالمواد 33 ـ 44 ـ 01/ 52 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.

بين من دخل أنيق وهزيل بدأت المحاكمة

وسط تعزيزات أمنية لرجال الشرطة والدرك لمحيط محكمة الدار البيضاء تشديداً في إجراءات المراقبة على الدخول لها انطلقت محاكمة وزير العدل الأسبق الطيب لوح وشقيق الرئيس الراحل السعيد بوتفليقة بمحكمة الجنايات الابتدائية للدار البيضاء، وظهر الطيب لوح أنيقا ببدلته الكلاسيكية سوداء اللون ودخل إلى المكان المخصص للموقوفين وتبادل الحديث مع هيئة دفاعه مع المفتش العام لوزارة العدل سابقا بن هاشم الطيب.

فيما ظهر شقيق الرئيس السابق الراحل السعيد بوتفليقة هزيلاً ونحيفاً ببذلته الكلاسيكية خلال دخوله للقاعة، ولم يتوقف عن الحديث والهمس لرجل الأعمال علي حداد حيث كان ينصت لكلامه باهتمام خاصة وأن صوت السعيد بوتفليقة يكاد يسمع من طرف الحاضرين.

وعند الساعة التاسعة والنصف صباحا دخل الموقوفون إلى قاعة الجلسات رقم 1، وكان رجل الأعمال علي حداد أول الداخلين إلى القاعة قادما من سجن باتنة، وبدا أحسن حالا مما كان عليه خلال المحاكمة التي أدين فيها بـ12 سنة حبساً نافذاً، وكان الوزير الأسبق الطيب لوح ثاني من دخل قاعة المحاكمة.

“سجنت بسبب قائد الاركان ووزير العدل”

وجه وزير العدل الأسبق الطيب لوح، اتهاما خطيراً لوزير العدل السابق بلقاسم زغماتي معتبرا أنه تم تعيينه بطريقة غير شرعية خلفا له، في ظل الفترة الانتقالية التي أشرف عليها رئيس الدولة السابق الراحل عبد القادر بن صالح.
وخلال استجوابه قال لوح إن الدستور واضح، لا يجوز تعديل الحكومة أو إنهاء مهامها إلا بعد انتخاب رئيس الجمهورية، ورئيس الدولة ليس له صلاحيات تعديل الحكومة.

وحسب لوح فالدعوة التي تم تحريكها بخصوصه وإيداعه السجن، كانت بطلب من رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الراحل، قايد صالح، قائلا: ” إن ظروف تحريك الدعوة وإيداعي السجن كانت لدواعي سياسية والكل يعرفها شعباً وقضاة ودفاعاً وفي الداخل والخارج”.

وشكّك لوح بوضوح في شرعية رئيس الدولة الراحل عبد القادر بن صالح، قال إنه رئيس جمهورية غير منتخب، وأضاف: “في الوقت الذي كان الكل يطالب من سياسيين ورموز الحراك بإرجاء ملفات المحاسبة إلى انتخاب رئيس جمهورية من قبل الشعب، كيف لنا فتح القضايا ونحن بدون رئيس وقتها ومع ذلك حركت الدعوى”.

تصريحات مثيرة للسعيد بوتفليقة

أطلق شقيق رئيس الجمهورية الراحل، ومستشاره السعيد بوتفليقة، خلال استجواب هيئة محكمة الجنايات بالدار البيضاء جملة من التصريحات المثيرة، متمسكاً ببراءته من كل الاتهامات الموجهة له.

أكد السعيد بوتفليقة، أنه تم استدعائه للتحقيق في قضية التآمر، أول مرة كشاهد، طرح عليه السؤال الأول ليجيب أنه لا لرد عليه حسب روايته بالحرف الواحد، إن لم تجب تحمل مسؤوليتك”، “فقد كنت شاهد وتحولت لمتهم”، حيث قد قال قاضي التحقيق باللغة الاجنبية “لو تمتنع عن التكلم ستتحول إلى متهم “، وأنا رفضت الكلام. وقد أخبرت النائب العام بعدها “أنني تعرضت للتهديد”.

وأشار أنه متابع في قضيتي “بور تيفي” و”شكيب خليل”. مشيرا بالقول: “عندما كنت في منصبي كانت 80 في المئة من الرسائل عبارة عن شكاوي، حيث أتفقدها لإرسالها للمسؤولين المعنيين قصد حلها دون ادنى تدخل مني”.

وعن قضية “بور تي في” قال السعيد: “لا علاقة لي بمديرها إلا أني أسمع عليها أنها قناة محترمة ووقتها تلقيت رسالة نصية من ناصر محيقني وأرسلت ذات الرسالة النصية لوزير العدل في 19 ديسمبر 2018، إلا أن هذا الأخير لم يجبني، حولت بعدها لعلي حداد الرسالة كما هي، إلا أنه وبعد أيام صدر حكم ضد هذه القناة. أين هو التدخل هنا سيدي الرئيس. وما هو تأثيري ؟”.

وعن قضية شكيب خليل، يقول السعيد إن “ذلك أمر قضائي وسياسي، فلما تولى شقيقي المرحوم رئاسة الجمهورية عام 1999. وقبل ذلك كنا قد ذقنا الأمرين، العائلة كلها في فترة حكم الرؤساء السابقين فطيلة 20 سنة وهو في الحكم يغفر للجميع إلا من يتعدى حدوده مع الوالدة رحمها الله”.

وأضاف: “فقد تعرضنا للشتم من طرف الصحافة إلا أننا لم نسجن يوما صحفيا بسبب تجاوزاته، فقد كنت انا واخي الرئيس نتعرض يوميا للسب والشتم لكن لم نمس أحد”. وأضاف السعيد قائلا: “أهانو في نشرة الثامنة التي تعتبر سابقة منذ الاستقلال، يظهر نائب عام مجلس قضاء العاصمة ويتحدث بشراسة حول أمر بالقبض على شكيب خليل وزوجته وأسرته، وهو أمر غير مقبول يمس بسرية التحقيق، فهذا الأخير الذي لن أذكر أسمه تعامل مع الموضوع بكل غل، وقال أنه كان مأموراً من طرف وزير العدل للظهور في التلفزة”.

وكشف السعيد “الرئيس بوتفليقة وفي إحدى مجالس وزراء طلب من وزير العدل طيب لوح البقاء بعد انتهاء المجلس ومغادرة الوزراء وتحدثا مطولا دون أن أكون متواجدا معهم نظرا للخصوصية وبعد انتهائهم أخبرني الرئيس المرحوم أنه تكلم مع الوزير للنظر في قرار الأمر بالقبض في إطار القانون كما أخطرني أنه تحدث أيضا عن أمور أخرى تتحدث عن القطاع”.

وفي خضم دفاعه عن نفسه قال شقيق الرئيس ومستشاره: “كانوا يقولون ان السعيد بوتفليقة استولى على خيرات البلاد وعلى الحكم فمواقع التواصل الاجتماعي شوشت على شخصي واستهدفتني كمستشار للرئيس وكنت أنبه على أنها أيادي داخلية وخارجية تسعى لخلق الأزمة بين أبناء الوطن، وأقول بكل فخر أني تربيت على أيدي العظماء وعلى رأسهم الراحل بن بلة”.

النيابة العامة تلتمس السجن لبوتفليقة والطيب لوح

التمست النيابة العامة لمحكمة الجنايات للدار البيضاء، 10 سنوات في حق الطيب لوح وزير العدل في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، و7 سنوات حبساً نافذا في حق السعيد بوتفليقة ورجل الأعمال علي حداد.
كما تم التماس 7 سنوات حبساً نافذاً في حق المفتش العام السابق لوزارة العدل الطيب بن هاشم والأمين العام السابق لوزارة العدل زواوي لعجين.

كما التمست النيابة العامة، 3 سنوات حبساً نافذاً في حق وكيل الجمهورية السابق لمحكمة سيدي امحمد خالد الباي، وقاضي التحقيق السابق للقطب الجزائي لسيدي امحمد المدعو “سمعون”، والرئيس السابق لمجلس قضاء الجزائر المدعو “بن حراج”، حسب المصدر ذاته.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here