أحزاب جزائرية من الموالاة والمعارضة تطرح مبادرات سياسية لـ”حماية البلاد من الخطر الخارجي”

14
أحزاب جزائرية من الموالاة والمعارضة تطرح مبادرات سياسية لـ”حماية البلاد من الخطر الخارجي”
أحزاب جزائرية من الموالاة والمعارضة تطرح مبادرات سياسية لـ”حماية البلاد من الخطر الخارجي”

أفريقيا برس – الجزائر. أطلقت أحزاب جزائرية في الفترة الأخيرة مشاريع مبادرات سياسية، محركها الأساسي الظروف الدولية والإقليمية التي تحيط بالبلاد. ولئن كان الكل متفقا في الموالاة كما المعارضة، على وجود تهديدات وتحديات يفرضها الوضع الخارجي، فإن الاختلاف يبدو جوهريا في التشخيص والأهداف.

واليوم، مع الخفوت العام لصوت الأحزاب، ظهرت من جديد نداءات ومشاريع مبادرات دون أن يتوج ذلك بالضرورة بأشياء ملموسة ومكتوبة. وفي سياق ذلك، نادت جبهة القوى الاشتراكية وهي أقدم حزب معارض في بيانها الأخير، إلى “تشكيل تجمع للقوى الوطنية حول مشروع تاريخي مستمد من قيم ومبادئ أول نوفمبر 1954 وأرضية مؤتمر الصومام 1956، الذي يستأنف الرسالة التاريخية لبناء دولة وطنية ديمقراطية واجتماعية ويكرس المبادئ العالمية لسيادة القانون، حرمة الحريات الفردية والجماعية والعدالة الاجتماعية، في إطار الاحترام الصارم للوحدة الوطنية وسيادة البلاد”.

وجاءت دعوة جبهة القوى الاشتراكية بعد تشخيص شديد الانتقاد للسياسات الحالية، فقد ذكرت أن “سلطات البلاد تواصل بالرغم من الإعراب المتكرر عن حسن النوايا، التشبث بالمنطق الأمني والريعي، مؤجلة ما يلزم من إصلاحات هيكلية كبرى”.

واعتبرت أن الاعتقاد أن “الانغماس في الجمود والتغذي على هذا الوهم الخطير القائل بأن احتياطات الصرف، القضاء كل أوجه الحياة السياسية وإعادة توزيع الريع عبر إجراءات اجتماعية، وإن كانت ضرورية، يكفي لضمان الاستقرار ولتفادي انتفاضة اجتماعية، هو رهان عالي المخاطر، خاصة أنه يأتي ضمن محيط إقليمي ودولي خطر لا يتوقف عن التحول”.

واعتبر الحزب المعارض أن “الجزائر الجديدة” (شعار الرئيس عبد المجيد تبون) التي تم تقديمها على أنها من سيُعيد للجزائري اعتزازه الوطني وكرامته وذلك بوضع حد للتعسف، للظلم ولاحتقار حقوقه الأساسية، “لم تغادر حسب الحزب حالة التردد وهي غير قادرة على تخطي مرحلة النوايا الحسنة و الوعود التي لا غد لها”.

وفي اعتقاد الحزب، فإنه فقط مناخ الانفتاح السياسي واستراتيجية واضحة جريئة وطموحة تحرر القوى الخلاقة للثروة وتعيد الاعتبار لقيمة العمل، من سيمنح آفاقا حقيقية للبلاد ويجيب على المخاوف التي تسيطر على شرائح واسعة من المجتمع تعاني من تدهور مضطرد لظروف حياتها.

وتابع يقول: “لقد حان الوقت لوضع حد لهذا العبث السياسي القائم على إمكانية تصور مشروع تنموي وطني من دون انخراط حر ومسؤول للشعب ومن دون التشاور مع مجموع القوى السياسية، الاقتصادية والاجتماعية للبلاد”.

ويأتي نداء القوى الاشتراكية، بعدما قال إنه أخذ علما بـ”التطورات الحاصلة على مواقف بعض الأوساط السياسية المحسوبة على المعارضة التي تخلت عن المنطق الشعبوي والمتطرف الذي ساهم بقوة في إفساد الروح الوطنية والديمقراطية للانتفاضة الشعبية لـ 22 فيفري 2019.”

ويشير الحزب بذلك إلى إمكانية التشاور مع قوى سياسية أخرى باتت تتبنى فكرة الحوار على الرغم من موقفها المعارض بشدة للسياسات الحالية. وكانت أحزاب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والإتحاد من أجل التغيير والرقي، قد اتفقت على القيام بعمل تنسيقي مشترك بينهم لمتابعة الوضع السياسي في البلاد في ظل ما تعتبره وضعا دوليا عصيبا يتطلب حماية البلاد.

واعتمدت هذه الأحزاب لغة خطاب مشتركة ناصحة للسلطة أكثر منها هجومية ضدها، ما قد يمهد لإمكانية فتح قنوات حوار بين الطرفين. ومن أبرز مطالبها إلغاء القوانين المقيدة للحريات مثل قانون العمل النقابي والحق في الإضراب وقانون الإعلام وإطلاق سراح سجناء الرأي والسجناء السياسيين، وفق ما ظهر في بياناتها.

عكس ذلك، تبدو اللغة مختلفة تماما في صف الموالاة. فالجزائر لا تواجه حسب مقاربتهم أزمة، بل مجرد تحديات ومخاطر جراء الوضع الدولي. أما القوانين والسياسات فهي تمثل ذروة الإصلاح السياسي من وجهة نظرهم.

وضمن هذا التوجه، أطلق حزب جبهة التحرير الوطني الذي يمثل الأغلبية في البرلمان دعوة إلى تشكيل جبهة داخلية للدفاع عن مؤسسات الدولة رئيسا وجيشا وأمنا وحماية الوحدة الوطنية وثوابت الأمة والحفاظ على المكاسب المحققة تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، وفق بيان الحزب.

وتمثل هذه المبادرة نوعا من الدعم الإضافي للرئيس الذي قال الحزب إنه يعبر عن ارتياحه للقرارات والإجراءات التي اتخذها على صعيد الجبهة الاجتماعية وعلى الصعيد الاقتصادي، معتبرا أن دعمه فعلي ومخلص في سبيل تحقيق ما يطمح إليه الشعب.

وتمثل في الوقت ذاته دعما للمؤسسة العسكرية، معتبرا أن الجيش خطا خطوات مشرفة على درب القوة والاحتراف في كل المجالات ومواصلة العمل دون هوادة على بناء جيش قوي وعصري قادر على أداء مهامه الدستورية في كل الظروف والأحوال.

وعلى نفس المنوال، أطلق عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني مبادرة جديدة بعنوان “لم الشمل”، مفسرا خلال المؤتمر الثاني لحزبه دوافعها بالقول: “لكي لا تتحول دولتنا لساحة فوضى خاصة بعد الارتدادات السلبية التي تعم المنطقة أطرح أمامكم مبادرة سموها مبادرة لم الشمل”، مشيرا إلى “هذه المبادرة هي مبادرة المواطن من أجل مجتمع متماسك”.

وأبرز المرشح الرئاسي السابق “سموها كما تشاؤون المهم أن نجتمع، وألا تتحول ساحتنا إلى ساحة فوضى”، مخاطبا مناضلي حزبه “إذا خُيِّرتم بين الوطن وبقاء الديمقراطية عليكم أن تختاروا الوطن، وإذا خيرتم بين الحرية والجزائر اختاروا دون تردد وديعة الشهداء”.

وليست ظاهرة المبادرات السياسية جديدة في الجزائر، ففي كل الأزمنة كانت تتكرر محاولات الأحزاب لتجميع بعضهم خدمة لغاية محددة. وكانت العهدة الأخيرة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة التي كان غائبا فيها بسبب المرض من أكثر الفترات التي عرفت انتعاشا لهذه الظاهرة، وكان أبرز ما طرح في تلك الفترة مبادرات الانتقال الديمقراطي والإجماع الوطني من جانب المعارضة ومبادرة الجدار الوطني للدفاع عن الرئيس السابق في صفوف الموالاة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here