أطفال الجزائر يقلدون “أبو عبيدة”… لثام وكوفية

3
أطفال الجزائر يقلدون
أطفال الجزائر يقلدون "أبو عبيدة"... لثام وكوفية

أفريقيا برس – الجزائر. خلال التجمع الشعبي الذي نظمته حركة “مجتمع السلم” في العاصمة الجزائرية، برز في التجمع عدد من الأطفال، كان بعضهم بلباس شبه عسكري، ويحملون بنادق بلاستيكية، وظهر أطفال آخرون ملثمين على طريقة الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، ما يظهر تأثراً لافتاً لدى أطفال الجزائر بما يحدث في فلسطين المحتلة، ومحاولة بعضهم محاكاة رجال المقاومة.

وزاحمت شخصية “أبو عبيدة” شخصيات الأفلام والرسوم المتحركة التي كان يتأثر بها ويحاكيها الأطفال في الأحياء الشعبية الجزائرية، وبدا انجذاب الأطفال إلى الشخصية واضحاً أثناء اللعب عبر تجسيدها من خلال البزة العسكرية وتغطية الرأس بالكوفية واللثام.

يلعب الطفل كريم ياحي (9 سنوات) مع أقرانه في ساحة صغيرة بحي المدنية بالعاصمة الجزائرية، ويظهر بينما يغطي وجهه براية فريق شباب بلوزداد الرياضي، ليحاكي هيئة “أبو عبيدة”، بينما يقف رفاقه خلفه، ثم يسيرون بطريقة شبه عسكرية، ويهتفون بصوتهم الطفولي “فلسطين الشهداء”.

يقول كريم: “نتعاطف مع أطفال غزة كثيراً، ونتمنى أن نتمكن من مساعدتهم، فهم أطفال لا ذنب لهم، وكان يجب أن يكون لديهم ألعاب وكتب وكراريس، ويعجبنا أبو عبيدة لأنه بطل من فلسطين، يحارب الشر والظلم، وهو مثل مجاهدي الثورة الجزائرية الذين ندرس عنهم في المدارس، وكلنا نريد أن نكون مثل أبو عبيدة، وأتمنى أن تكون هناك رسوم متحركة عنه لنشاهدها دائماً في التلفزيون”.

تشارك الطفلة رحيم حاجي (11 سنة)، في ورشة للرسم على هامش معرض الكتاب المقام في العاصمة الجزائرية، وتقول: “لم نعد نلعب لعبة الدمى، لأننا نرى كيف يعيش الأطفال الفلسطينيون، ونحن نتضامن معهم، ونلعب مع بعضنا لعبة الفلسطيني الذي يقاوم، ويموت من أجل وطنه شهيداً، في مواجهة الصهيوني الذي يقتل الأطفال بلا رحمة. يعجبني أبو عبيدة لأنه بطل يدافع عن وطنه، وقد تعلمنا في المدرسة أن من يدافع عن وطنه بطل يجب أن نحفظ اسمه مثل الشهيد الذي سميت على اسمه مدرستنا”.

ومع تسارع الأحداث في قطاع غزة، يظهر جلياً أن تأثير الصور التي تُبَث حول المقاومة الفلسطينية وصلت إلى الأطفال الجزائريين، ما غيّر من طرق لعبهم المعتادة، ففي الحارات الشعبية، بات تقليد “المقاومة” لعبة يومية للأطفال، ويعمد بعضهم إلى الاستعانة بقطعة قماش لوضعها على الوجه لتصبح لثاماً يشبه لثام المقاومين في فلسطين، وفي الغالب يجد الأطفال أن البنادق البلاستيكية التي اشتروها في الأعياد السابقة، مناسبة لاستخدامها في تقليد المقاومين الفلسطينيين، ومحاكاة شخصية الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة، والذي يطلق عليه الجزائريون لقب “الملثّم”.

وتقول سامية بنّور: “لاحظت أن ابني البالغ 11 سنة متأثر كثيراً بالملثّم، وصار يسألني بشكل متكرر عن ظهوره تلفزيونياً، وفي بعض الأحيان يضع لثاماً ليظهر في هيئة أبو عبيدة”.

وخلال احتفالات الجزائر بعيد الثورة، في الأول من نوفمبر/تشرين الأول، نشطت دور الشباب والمراكز الثقافية في تقديم أنشطة للأطفال، وجهت كلها للتعبير عن التضامن مع أطفال فلسطين، وكان لافتاً فيها تمثيليات قدمها أطفال النوادي الثقافية والتربوية، تجسد بطولات المقاومة الفلسطينية، وظهر فيها التأثر الواضح برموز المقاومة التي تظهر عبر الشاشات.

وتبرز تلك الأنشطة التضامن العفوي مع أطفال فلسطين، وغرس فكرة المقاومة في النفوس، وعدم قبول التعدي على الأرض والعرض، ونصرة القضايا الإنسانية العادلة، وهي قيم مهمة للأجيال الجديدة في الجزائر، والتي يتعزز رصيدها في تقدير المقاومة بالاطلاع على تجربة ثوار الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي.

يقول أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الجزائر، عبد الكريم بلوصيف: “الأطفال يتأثرون بالأحداث التي تدور من حولهم، رغم عدم قدرتهم على فهمها جيداً، أو إدراك كل تفاصيلها، لكن الأحداث المركزية التي تطغى على الانشغال العام للمجتمع، تصدر للأطفال صورة ذهنية يحولها الأطفال إلى لعبة عفوياً عبر اللباس وغيره، خاصة إذا كانت هذه الصور تعكس قيم الرجولة والقوة والصبر التي لا تقترن بمرحلة عمرية”.

واعتبر بلوصيف أن “التعرّض المتكرّر لصور المقاومين وهم يواجهون العدو دفاعاً عن أرضهم هو موقف يتأثر به الطفل من خلال أفراد أسرته ومحيطه، فعندما يرى الطفل أن محيطه يبجل المقاومة، ويسعد لظهور أبو عبيدة، فإنه يفهم هذا الموقف، ثم يترجمه عبر مظاهر مختلفة مثل ارتداء الزي العسكري، أو مطالبة الوالدين بشراء هذا النوع من الملابس له، أو وضع الكوفية، وحمل العلم الفلسطيني”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here