أفريقيا برس – الجزائر. اجتمع، نهاية الأسبوع، ممثلون من كبار وشيوخ وأعيان خمس ولايات، بالشرق الجزائري، من باتنة، وخنشلة، وتبسة، وأم البواقي، وبسكرة، على مستوى قاعة الحفلات بخنشلة، لمناقشة مشروع توحيد وثيقة العُرف الخاصة بإصلاح ذات البين، وهي المبادرة التي لاقت التفافا من شيوخ الولايات المعنية، الذين حضروا بقوة، وناقشوا بنود الوثيقة، الخاصة بتوحيد وثيقة الصلح داخل الأعراش، بدون التدخل في العمل القضائي، حيث تهدف المبادرة – بحسب مقترحيها -إلى التخفيف من أعباء الأحداث، ومجابهة العداوة، والتهدئة وجبر الخواطر وإصلاح ذات البين وفق الدين والتقاليد الجزائرية، مع التقيّد التام بمسار القضاء الجزائري.
وكشف صاحب المبادرة، الشيخ شعبان غدير، ممثل عن أعيان وكبار ولاية خنشلة، بأن المنطقة باعتبارها أول ولاية على مستوى الوطن، اعتمدت وثيقة الصلح، وترجمت في بنودها ومنذ سنوات، تفاصيل مدققة لكيفية التعامل مع الحوادث بمختلف أنواعها، من أجل وضع حد للكراهية وآفة الثأر والانتقام، بين الأعراش داخل وخارج الولاية، حيث تنص الوثيقة على حساب مدة العجز المقدمة، بالنسبة للاعتداء، وسلامة كل الوثائق من تأمين، سكانير، الضرائب في حوادث المرور وما شابه من مصاريف.
وتم دعوة كبار وأعيان الولايات المجاورة لخنشلة، والتي سبق لها أن تعاملت في أحداث مختلفة ودامية، مع مجلس الصلح، بنية تحيين الوثيقة واعتمادها بشكل موسع للولايات المشاركة، على أن تعمم لاحقا عبر ولايات الوطن، وهي المبادرة التي دعمها أحد ممثلي ولاية أم البواقي، الحاج بوعمامة، الذي أكد نجاعة عمل لجنة الصلح، بشكل جهوي ووطني، مستندا على سنة رسول الله، وعملا بقوله تعالى في كتابه العزيز، فَاتَّقُوا اللـهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُم” وقوله أيضا، في سورة الحجرات، “إنما المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ” وفي سورة النساء:”فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ”، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ستعمل على تنظيم الأجيال القادمة، وغرس المودة والرحمة والتعاون والتآزر فيما بينهم.
في حين يرى ممثل ولاية تبسة، الإمام قريب عز الدين، بأن هذا الاجتماع يعد فرصة سانحة، للمشاركين بغية مناقشة وتحديد بنود وثيقة، اعتاد آباؤنا وأجدادنا التعامل بها، طبعا من دون التدخل في مهام وصلاحيات القضاء، من خلال فرض لغة التسامح والتآخي بين أي طرف متخاصم، مع فرض غرامات على الظالم بقيمة ما اقترفه، من جهة، والعمل على تخفيف أعباء تكاليف خسائر حوادث المرور، من جهة أخرى.
وثمّن ممثل أعيان وكبار ولاية بسكرة، السيد صالحي عبد المجيد، المبادرة، وقال بأنها جاءت في وقتها، فولاية بسكرة الآن تسجل مشاكل وحوادث يومية، ما صار يستدعى تدخل الكبار والعقلاء لتهدئة الوضع، حيث سيساهم هذا الإجراء في تحديد العمل بالوثيقة.
وفي ختام المبادرة، وبعد تشكيل لجان لدراسة بنود الوثيقة وتحديدها، وإعدادها للإمضاء بعد المصادقة عليها، في ختامها ذكر أحد أعيان خنشلة السيد كمال بوجهين، بأن المبادرة جاءت بعد أن وجد أعيان الولاية، خلال جلسات صلح ذات البين، إشكالا، في حالة وقوع الحادث خارج الولاية، خاصة في حوادث المرور، أين تلتزم كل منطقة بشروطها وديتها، وهي تختلف من منطقة إلى منطقة، وهو الأمر الذي ألزم لجنة الصلح في التفكير في توحيد الوثيقة، والعمل بها لفائدة الجميع.
للإشارة، فقد كانت خنشلة، في سنة 2008، قد أعلنت في اجتماع، باسم أعيان الأعراش، وجماعة العرف لإصلاح ذات البين، ببلديات ودوائر خنشلة من مسجد الإمام عبد الحميد بن باديس بخنشلة، وبالتنسيق مع المجلس العلمي لمديرية الشؤون الدينية، عن قائمة ضمّت الديّات التي تم الاتفاق عليها، آنذاك والسائدة بداية من منتصف سنة 2008، الخاصة بضوابط العرف المعدلة مع تقدير الديّات، ومن تفاصيلها، دية قضايا القتل الخطأ باستعمال السلاح والرصاص الحي، وإقامة تجمع عائلي للصلح، تقدر بثلاثة ملايين سنتيم، و25 مليونا يدفعها أهل القاتل لأهل الضحية، في حالة استعمال الذخيرة الحية والأسلحة الحربية، في حين تدفع دية 10 ملايين سنتيم، وتجمّع عائلي للصلح بثلاثة ملايين سنتيم في حال استعمال الذخيرة للبارود، ودية الاغتصاب بثمانية ملايين سنتيم، تدفع من طرف المغتصب لفائدة الضحية العزباء مع الزواج منها، وفي حال رفض الزواج بالمغتصبة، ترتفع قيمة الدية ويلزم الفاعل بدفع مبلغ 15 مليون سنتيم لوليّ الضحية.
وفي حوادث المرور، فقد لجأ الأعيان والأعراش آنذاك، إلى تحديد مبلغ 10 ملايين سنتيم، ووليمة لقاء، قدرها ثلاثة ملايين سنتيم، تدفع من طرف المتسبب في الحادث، لفائدة الضحية في حالة إذا كان الحادث يتعلق بصدم فقط. وإذا نجم عن حادث تصادم مركبتين في الاتجاه المعاكس، ووفاة السائقين، فقد تتولى الجهات القضائية وصندوق شركة التأمين القضية، في حين يدفع الحي في حالة وفاة سائق واحد، لأهل المتوفى دية القتل الخطأ.
كما حددت دية القتل العمدي، بعد توفر النية في ذلك، وباستعمال أدوات لذات الغرض تؤدي للوفاة كالبندقية والأسلحة البيضاء، بخمسين مليون سنتيم نقدا، مع إعداد تجمع عائلي مع مأدبة غداء أو عشاء، أو إعطاء ما يقابلها نقدا وهو ما لا يقل عن 10 ملايين سنتيم، وهي البنود التي نقاشها المجتمعون أمس الأول، مع تغيير في أرقام الديّة، لأن الوثيقة الأولى عمرها الآن 16 سنة، في انتظار إصدار الوثيقة النهائية للصلح والتي تشمل الولايات الخمس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس