يستعد أحمد أويحيى، منتصف شهر ديسمبر المقبل، لعرض حصيلته كوزير أول في خضم جدل واسع حول أدائه الحكومي الذي ارتبط بعدة قرارات اقتصادية وتصريحات سياسية تتباين أراء الخبراء والمحللين حولها.. فهل نجح أويحيى كرئيس للجهاز التنفيذي أم فشل؟.
قدم أويحيى، خلال لقائه بقادة التحالف الرئاسي (الأفلان، تاج، الأميبا) يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 2018، بقصر الحكومة، التزامًا بعرض بيان السياسة العامة على غرفتي البرلمان شهر ديسمبر القادم بالأرقام، وذلك منذ تعينه شهر أوت 2017 خلفًا لعبد المجيد تبون.
ويُجبر الدستور الجزائري، الوزير الأول، تقديم بيان السّياسة العامّة، سنويًا إلى المجلس الشّعبيّ الوطنيّ، على أن تعقُبها مناقشة عامة من طرف النواب، يمكن أن تُختتَم بلائحة.
كما يمكن أن يترتّب على هذه المناقشة إيداع مُلتمَس رقابة يقوم به المجلس الشّعبيّ الوطنيّ، في حين يحق للوزير الأول أن يطلب من المجلس الشّعبيّ الوطنيّ تصويتا بالثّقة، وفي حالة عدم الموافقة على لائحة الثّقة يقدّم الوزير الأول استقالة الحكومة.
حصيلة حكومية أم رئاسية
وتعوّد رؤساء الحكومات المتعاقبين على “التهرب” من تقديم حصيلة حكومية مع نهاية كل سنة، بحجة عدم استكمال البرامج أو تواصل الورشات المفتوحة وتارة أخرى بسبب تعديل حكومي مفاجئ، يرجع العداد إلى الصفر.
وبهذا الخصوص يُؤكد الناطق باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، شهاب صديق، أن الوزير الأول سيعرض حصيلته الحكومية بصفة رسمية على البرلمان بمجرد الانتهاء من التصويت على قانون المالية لعام 2019.
وقال شهاب في تصريح لـ “TSA عربي” إن أويحيى ومنذ تعينه في منصب الوزير الأول، عمد على عرض بيان السياسية العامة” نافيًا في السياق أن تكون الأرقام التي سيقدمها رئيس الجهاز التنفيذي حصيلة لبرنامج الرئيس بوتفليقة منذ تسلمه الحكم عام 1999.
وأكد الوزير الأول في تصريحات سابقة، أن تقديم حصيلة الانجازات المحققة خلال العشريتين الاخيريتين “أمر ضروري” للإجابة على دعاة مقولة أين ذهبت الـ1000 مليار دولار ؟.
طبع النقود.. القرار المثير للجدل
وقُوبلت عودة أويحيى على رأس الجهاز التنفيذي، وهو من تولى المنصب نفسه ثلاث مرات منذ 1995، عدة إنتقادات من طرف أحزاب المعارضة والنقابات المستقلة.
وكان إجراء طبع الأوراق النقدية أبرز قرار حكومي تعرض للهجوم من طرف الخبراء، دون أن يلقى إلغاءً أو تعديلاً من طرف رئاسة الجمهورية، على خلاف تلك القرارات التي أعلن عنها وجوبهت بالرفض من طرف بوتفليقة، أهمها الشراكة بين القطاع العام والخاص وزيادات على الوثائق البيومترية، وفتح الاستثمار الفلاحي أمام الأجانب.
بهذا الخصوص يُؤكد الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، أن ” الحكومة فشلت في كل التدابير التي أقرتها منذ بداية الأزمة النفطية، ولم تصل إلى الأهداف المسطرة كالتحكم في الواردات، تطوير الصادرات ووقف نزيف العملة الصعبة، بالعكس تم اتخاذ قرارات انتحارية كاللجوء إلى طبع النقود”.
ويُشير لالماس في تصريح لـ” TSA عربي”، أن “الجزائر لا تزال تفتقد إلى السيادة الاقتصادية، تضمن بها نوعا من الاستقلالية الغذائية، مشددًا على ” أداء أويحيى الحكومي كان سلبيًا لأنه قام بتسيير وضعيات وليس اقتصاد، حيث لم تسعى حكومته للتحرر من الريع البترولي، لأن المشكل في الأشخاص وغياب سياسة واضحة وتهميش الكفاءات”.
أداء متوسط .. لكن
على العكس من ذلك، يعتقد الخبير المالي، كمال رزيق، أن بداية الحكومة التي تولاها أحمد أويحيى كانت صعبة بسبب شح الموارد المالية وتآكل مدخرات صندوق ضبط الإيرادات.
ويقول كمال رزيق في تصريحات لـ ” TSA عربي” إن حكومة أويحيى، استطاعت إيجاد حلول ترقيعية حيث كانت أمام خيارين أولها الاستدانة الخارجية وثانيها تعديل قانون القرض والنقد الذي تم بموجبه طبع الأوراق النقدية للخروج من أزمة مالية خانقة وتدبر السيولة”.
من جهته، يضيف نفس الخبير” أداء الحكومة كان متوسطًا، ففي مسألة تسيرها للشأن العام استطاعت أن تتجاوز بعض العقبات، لكن ننتظر مع تحسن الظروف المالية أن تشرع في إصلاحات إقتصادية عميقة والتخلي عن سياسية الترقيع”.
ودعا المتحدث حكومة أويحيى إلى عدم تضيع الفرص لأن كل يوم يمر دون فائدة سيكون له انعكاس على أداء الحكومة والوطن”. في حين، توقع رزيق، أن لا يجد الوزير الأول أحمد أويحيى، صعوبة في تمرير بيان السياسية العامة للحكومة، بالنظر إلى أن نواب الموالاة عادة ما يقفون مع الجهاز التنفيذي ويساندون قراراته حتى لو كانت على حساب الشعب”.