أفريقيا برس – الجزائر. وصفت حركة مجتمع السلم الجزائرية، التصريحات الأخيرة للحاخام الأكبر بفرنسا حاييم كورسيا، عشية زيارته للجزائر رفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالاستفزازية والخطيرة، وقالت إنها تمسُّ بالموقف الرسمي الجزائري ضدَّ التطبيع، وتقتضي الرَّد عليها، ومنع الحاخام من دخول الجزائر.
ونبّهت حركة مجتمع السلم في بيان لها إلى “خطورة مرافقة رجل الدِّين الحاخام اليهودي الداعم للصهيونية من استغلال مثل هذه الزيارات الديبلوماسية من دولةٍ تدَّعي اللائكية، والمكر في التوظيف السياسي لها، والتي تحمل خلفيات الحركى من يهود الجزائر (الجزائريون الذين حاربوا مع فرنسا)، ومحاولات الاختراق الخطير في موضوع التطبيع، والذي تلعب فيه فرنسا دور الأداة الراعية والحامية له”.
كما استغربت الحركة، التي تمثل المعارضة في البرلمان، “حالة الارتباك وعدم الاستقرار والوضوح التي تكتنف ملف العلاقات مع فرنسا، بين أقصى درجات التوتر وأقصى درجات التقارب بما يدل على غياب الرؤية أو صراع المصالح واللوبيات”.
وأبرزت أنه من مسؤولية السلطات تقييم ماذا حققت الجزائر من مصالح بالعلاقات المتميزة مع فرنسا، بالنظر للاستفادات الكبرى التي حققها هذا البلد أثناء البحبوحة المالية قبل الحراك الشعبي على حساب المصلحة الوطنية الجزائرية. واعتبرت أن المسؤولية تقتضي البحث عن علاقات خارجية مع كل الدول على أساس الندية والمصالح الحقيقية والاحترام المتبادل، وأن يضرب على يد اللوبيات التي تشتغل من أجل المصالح الأجنبية حيثما كانت.
كما أشارت الحركة إلى أنها تتحفظ على عدم مصارحة الرأي العام الوطني حول حقيقة وخلفيات وأجندات مثل هذه الزيارات، وهو ما يقتضي مراجعة الأداء الإعلامي الرسمي.
وفي حوار له مع “فرانس 24″، قال الحاخام كورسيا إنه “يتشوق إلى رؤية هذه الأرض” التي لطالما قرأ عنها الكثير “عبر الكتب والمقالات”، متمنيا أن تكون هذه الزيارة بداية لعودة جميع اليهود الذين ولدوا في الجزائر للوقوف على مقابر أقاربهم الذين دفنوا في الضفة الأخرى من المتوسط.
وذهب كورسيا لحد تشبيه زيارته للجزائر برحلة النبي إبراهيم، قائلا “في الواقع، كل إنسان يرغب في العودة إلى أيام طفولته وإلى النعومة والحلاوة التي كانت تتسم بها هذه الطفولة. أشعر عبر سفري هذا إلى الجزائر كأنني أعيش ما عاشه النبي إبراهيم الذي تلقى الأمر من ربه بمغادرة وطنه ومكان ولادته ومنزل والده”.
وأبرز كورسيا أن “الرهان بالنسبة لليهود اليوم هو إعادة ترميم مقابر اليهود والحفاظ عليها من أجل السماح لأفراد طائفتنا بزيارتها”. وأضاف “نحن نسعى إلى الانفتاح على الآخرين وإلى التبادل شريطة أن يجد الرئيس إيمانويل ماكرون مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون أرضية للتفاهم فيما بينهما. فإذا اتفق الرئيسان، كل شيء سيصبح ممكنا. من الممكن مثلا أن ننظم عدة سفريات وزيارات إلى المدن الجزائرية”.
وأشار الحاخام إلى أن هناك العديد من الجهات التي بدأت فعلا تعمل وتنشط من أجل التقارب بين الجالية اليهودية التي كانت تعيش في الجزائر ووطنها الأصلي. وتابع قائلا “شخصيا لدي قناعة كبيرة بأن السلطات الجزائرية تعمل هي الأخرى في هذا الاتجاه ومن أجل تصالح الذاكرة والسماح ليهود الجزائر بالعودة إلى وطنهم الأصلي لرؤية الأنوار التي عرفوها خلال طفولتهم ولكي يشموا من جديد الروائح التي دفنوها داخل قلوبهم وذاكرتهم خلال سنوات عديدة”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس