أفريقيا برس – الجزائر. تشهد التشكيلات السياسية هذا الصيف حركية غير اعتيادية، بعدما عرفت في السنوات الأخيرة ركودا نسبيّا خلال العطلة، إذ اختارت هذه المرة أن تكثف نشاطها بتنظيم جامعات صيفية وبرامج تكوينية موازية، في وقت تعمل فيه على تجنيد قواعدها تحضيرا للمواعيد السياسية المُقبلة، وعلى رأسها الانتخابات المحلية والتشريعية، فضلا عمّا تعتبره رهانات وطنية لا تحتمل التأجيل.
وفي وقت ما تزال فيه بعض الأحزاب محافظة على تقليد تنظيم جامعاتها الصيفية كل سنة، على غرار حركتي مجتمع السلم والبناء الوطني، باعتبارها فرصة للالتقاء بمناضليها وإطاراتها، فإن المستجد هذا العام يتمثل في تكييف مواضيع هذه اللقاءات مع الرهانات السياسية المقبلة، وهو التوجه ذاته الذي سارت فيه تشكيلات أخرى، اختارت أن تستغل عطلة الصيف لإعادة ضبط قواعدها الداخلية وفتح ملفات تنظيمية تحتاج إلى تسوية قبل خوض غمار الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة.
وفي هذا السياق، ورغم الصراع الداخلي الذي يعيشه حزب جبهة التحرير الوطني بين القيادة ومعارضيها، يسابق “الأفلان” الزمن لطي عملية تجديد هياكله عقب انتخابات المحافظات والقسمات، حيث تتواصل عملية منح الاعتمادات للمحافظين الجدد في مسعى لتجاوز الخلافات وإعادة ترتيب البيت الداخلي استعدادا للمواعيد القادمة حسب ما أعلن الحزب.
أما حركة مجتمع السلم فقد برمجت تنظيم جامعتها الصيفية بين 20 و23 أوت الجاري، على أن تتخللها لقاءات تنظيمية ولائية تجمع قياداتها ومناضليها، في إطار تعبئة تنظيمية وتحضيرات انتخابية مكثفة.
كما يسعى “الأفافاس” الذي غاب عن الاستحقاقات الماضية، باستثناء الرئاسيات، إلى تعزيز حضوره داخل المجالس المحلية والنيابية المقبلة، من خلال حشد مناضليه وإعادة ترتيب صفوفه الداخلية، حيث كان الأمين الوطني للحزب يوسف أوشيش قد شدد في تصريحات صحفية سابقة على “ضرورة إعادة بعث ديناميكية الحزب عبر تقوية القواعد النضالية وتوسيع دائرة التعبئة، بما يسمح باستعادة موقعه السياسي وموازنة حضوره داخل الساحة الوطنية.
أما حركة البناء الوطني فقد اختارت شعار “التعبئة الوطنية لتأمين السيادة وتعزيز التنمية” لجامعتها الصيفية، التي تمتد على مدار 40 يوما وتُنظم على دفعات متخصصة تشمل سبع دفعات كاملة، وتهدف هذه الأخيرة إلى تفعيل وسائل استيعاب الشباب في برامج التنشئة السياسية، وتعزيز الجاهزية للمشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة.
كما تشمل الجامعة ورشات خاصة لفائدة القيادات الولائية، تركز على آليات التعبئة الانتخابية وتحقيق الريادة، إلى جانب التدريب على كيفية إدارة الحملة الانتخابية والتسويق السياسي، فضلا عن ورشة حول معايير اختيار المترشحين ضمن قوائم الحركة.
ويرى متابعون للشأن السياسي أن هذه التحركات وإن اختلفت أشكالها بين مؤتمر وجامعة صيفية أو لقاءات تنظيمية، فإنها تعبر عن محاولة جدية من الأحزاب لكسر حالة الركود التي طبعت أداءها في السنوات الأخيرة حيث اكتفت غالبية التشكيلات خلال الفترة الماضية بإصدار بيانات وتعليقات على الأحداث الوطنية والدولية، دون أن تترجم ذلك إلى حضور فعلي في الميدان أو مبادرات ملموسة.
ولا يستبعد محللون أن تكون هذه الديناميكية جزءا من سباق مبكر لإثبات الحضور وإظهار القدرة على التجنيد والتنظيم، خاصة في ظل تنافسية عالية متوقعة بين مختلف التشكيلات، ومحاولة كل منها استقطاب شرائح جديدة من الناخبين، لاسيما فئة الشباب.
كما يرى آخرون أن هذا الحركية تعكس أيضا حاجة داخلية للأحزاب لترتيب بيتها وتجاوز أزماتها التنظيمية، خاصة أن أي تراجع في الانضباط الهيكلي أو ضعف في التعبئة الميدانية يفقد الحزب وزنه عند أي استحقاق انتخابي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس