أفريقيا برس – الجزائر. بينما لا تزال العلاقات الجزائرية الفرنسية تنزلق نحو مستوى سحيق، تعزز الجزائر علاقاتها مع كبرى الدول الأوروبية المجاورة لفرنسا، إسبانيا وإيطاليا وكذا العملاق الألماني، في رسائل مشفرة للمستعمرة السابقة، التي يبدو أنها تتجه نحو خسارة الامتيازات التي لطالما تمتعت بها في الجزائر على مدار عقود.
بال فقط أنهى الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، زيارة عمل إلى الجزائر دامت يومين تكللت بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات. وحظي الضيف الجزائري خلال هذه الزيارة باستقبال خاص انطوى على الكثير من الرمزية، فقد أهداه الرئيس عبد المجيد تبون، حصانا عربيا أصيلا، كما أشرف ماتاريلا على تدشين حديقة تحمل اسم أحد أصدقاء الجزائر التاريخيين، وهو الإيطالي أنريكو ماتي.
ويعتبر أنريكو ماتي من الرجال الذين ساعدوا الثورة التحريرية، ضد المحتل الفرنسي البغيض، ويكفي للتدليل على ذلك، أن اسمه أطلق على أنبوب الغاز “العابر للمتوسط” الذي يربط بين الجزائر وإيطاليا منذ العام 1999 تكريما له، وهو الذي كان قد منحه الرئيس تبون مؤخرا وسام أصدقاء الثورة الجزائرية ما بعد الوفاة.
وبينما تعود آخر زيارة لمسؤول فرنسي إلى الجزائر لما يقارب السنة، لم تتوقف زيارات المسؤولين الإسبان إلى الجزائر، ويشار هنا إلى زيارة تيريزا ريبيرا رودريغز النائب الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية، التي حلت بالجزائر الأسبوع المنصرم، وقبلها وزير الخارجية خوسي مانويل الباريس، تأكيدا على قوة العلاقات الثنائية.
وإن لم تسجل أي زيارة لمسؤول ألماني للجزائر خلال الأشهر الأخيرة، إلا أنه سجل وجود رسائل الود بين الجزائر وألمانيا، نقلتها مجلة “دير شبيغل” الألمانية إلى الساسة في برلين، وعلى رأسهم المستشارة أنجيلا ميركل، التي أثنى عليها كثيرا الرئيس تبون في حواره للمجلة المذكورة.
الرئيس تبون لم يحمّل المجلة الألمانية رسائل الود فحسب، وإنما أرفقها بدعوة إلى برلين من أجل تعزيز الشراكة بين البلدين: “أود أن نبني مستشفى كبيرا في الجزائر العاصمة معا. بيت يغطي كل تخصصات الطب، للمغرب العربي بأكمله. ويمكن للرئيس الأفريقي أن يسعى أخيرا إلى الحصول على العلاج هنا، في قارته، بدلا من سويسرا. ونحن على استعداد لتمويل جزء كبير من هذا المشروع. وهناك أيضا الكثير من الإمكانات للطاقات المتجددة. بمساعدة ألمانية، يمكننا تزويد أوروبا بالطاقة الشمسية”.
وبرأي بعض المراقبين، فإن تعزيز الجزائر لعلاقاتها مع الثلاثي الأوروبي، تشكل رسائل للمستعمرة السابقة، مفادها أن الجزائر ليست رهينة لباريس وأنها قادرة على مد جسور الشراكة مع الدول التي تحترمها، بل والأخطر من ذلك، هو تأكيد الرئيس تبون أن التعاون الجزائري الفرنسي لم يعد حتمية، ولعل هذا يعتبر أخطر تصريح من رئيس جزائري تجاه فرنسا، بعد الرئيس الراحل هواري بومدين.
وإن ظلت العلاقات الجزائرية الفرنسية خلال السنتين الأخيرتين متأرجحة، إلا أنه ومع بداية الخريف انحرفت عن المسار منزلقة إلى أزمة غير مسبوقة، بسبب التصريحات المستفزة التي صدرت عن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تجاه الجزائر، والتي لم تكن محسوبة العواقب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس