الجزائر تلفظ قمح فرنسا

14
الجزائر تلفظ قمح فرنسا
الجزائر تلفظ قمح فرنسا

أفريقيا برس – الجزائر. باتت صادرات القمح الفرنسية إلى الجزائر، التي تُعد أحد أكبر الزبائن العالميين لباريس، مهددة بسبب التوتر الدبلوماسي المتصاعد وتدهور العلاقات بين البلدين، يضاف إلى ذلك خطط ومشاريع الحكومة الجزائرية لتنويع الموردين ورفع الإنتاج المحلي، وأكبر هذه المشاريع يُنفَّذ بشراكة مع إيطاليا.

وتُعتبر الجزائر أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، بكميات سنوية تتراوح بين 9 ملايين و12 مليون طن، وذلك حسب الإنتاج المحلي الذي يعتمد في مجمله على التساقطات المطرية. وكرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في عدة مناسبات أن بلاده لن تستورد القمح الصلب إطلاقًا بنهاية عام 2025، في إطار جهود تحقيق الأمن الغذائي.

ينتشر استهلاك القمح اللين بشكل كبير في الجزائر، خصوصاً في إنتاج رغيف الخبز في معظم مخابز البلاد، بينما يُستخدم طحين القمح الصلب (السميد) لدى العائلات في صناعة رغيف الخبز التقليدي. في هذا السياق، صرّح رئيس المجلس الفرنسي للمحاصيل الزراعية الكبرى بونوا بييتريمون، لموقع “فرانس أغريكول” المتخصص بأخبار الزراعة، بأنه يتوقع تراجع صادرات الحبوب الفرنسية هذا الموسم بسبب تدهور العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر.

وشدّد على أن “سوق الجزائر مغلقة تقريبًا إن لم تكن مغلقة تمامًا” أمام القمح الفرنسي اللين، نتيجة التوتر الدبلوماسي. من جهته، عبّر الأمين العام للجمعية الفرنسية لمنتجي القمح (AGPB) فيليب هيوزيل، وفقًا للموقع نفسه، بصراحة عن مخاوفه من خسارة فرنسا حصتها التسويقية في الجزائر والصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي، حيث قال: “من المؤكد أننا سنفتح المجال لمنافسينا، خاصة في شمال أفريقيا، التي كانت سوقنا المعتادة بشكل أو بآخر”، مشيرًا إلى ضرورة مواصلة العمل لإثبات جودة الحبوب الفرنسية.

وظهرت أولى التهديدات التي طاولت مبيعات القمح الفرنسي إلى الجزائر في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما أصدر الديوان الجزائري المهني للحبوب بيانًا ردّ فيه على تقارير إعلامية عالمية أفادت باستبعاد الموردين الفرنسيين من مناقصة لاستيراد القمح. وأوضح الديوان أن جولة العطاءات المعنية كانت محكومة بمعايير تقنية معينة بناءً على احتياجات صناعية خاصة بهذه الفترة.

ما عزّز هذا التوجه، الذي يصفه متابعون بأنه “عقابي”، هو تجربة الجزائر السابقة مع إسبانيا، التي وصلت إلى حد القطيعة التجارية الأحادية منذ يونيو/ حزيران 2022 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وذلك بسبب ما وصفته السلطات الجزائرية بأنه موقف “انقلابي” من حكومة بيدرو سانشيز بشأن قضية الصحراء الغربية ودعمه مقترح الحكم الذاتي الذي طرحته الرباط قبل سنوات حلاً وحيداً للنزاع.

ونتج عن ذلك توقف شبه تام للواردات الجزائرية من إسبانيا، مقابل استمرار الصادرات الجزائرية إلى مدريد، ومعظمها من الغاز الطبيعي والمشتقات النفطية. في هذا السياق، رأى المحلل الاقتصادي جلول سلامة أن الجزائر لم تصدر تعليقًا رسميًا حول وقف استيراد القمح الفرنسي أو تقييد التجارة الخارجية، لكن الملاحظ أن حصة فرنسا في السوق الجزائرية تراجعت خلال السنوات الثلاث الماضية بنحو 400 ألف طن، مع اعتماد شروط صارمة في دفاتر الأعباء الخاصة بالمنتجين الفرنسيين.

وأوضح سلامة، أن التصريحات الفرنسية بشأن تراجع صادرات القمح إلى الجزائر يمكن تصنيفها ضمن محاولات المنتجين الفرنسيين ممارسة ضغوط إعلامية على الجزائر. وأشار إلى أن الجزائر تستورد سنويًا بما تقارب قيمته 2.7 مليار دولار من القمح، لافتًا إلى أن وارداتها لا تقتصر على فرنسا، بل تشمل مصادر أخرى مثل الأرجنتين وألمانيا وأوكرانيا وروسيا.

وأضاف: “الجزائر قامت بتنويع مصادر مشترياتها واشترطت في دفاتر الأعباء بعض المعايير الصارمة على المنتجين الفرنسيين، لأن الديوان المهني للحبوب يحتكم في النهاية إلى لغة السوق”. وكشف سلامة أن الواردات الجزائرية من القمح الفرنسي بلغت حوالي مليوني طن سنويًا حتى عام 2022، لكنها تراجعت تدريجيًا إلى 1.6 مليون طن في الوقت الحالي، لأسباب واقعية.

أما الخبير الزراعي أكلي موسوني، فقد شدّد على أن أكثر ما يقلق الجزائريين هو الاعتماد على الأسواق الخارجية للحصول على المنتجات الاستهلاكية، رغم جهود القطاع الزراعي المحلي في تعزيز الإنتاج، لا سيما القمح. وأشار موسوني إلى أن الجزائر انتهجت دائمًا سياسة تنويع مورديها في ما يتعلق بالمنتجات الغذائية والسلع الأخرى، بما في ذلك القمح. فبالإضافة إلى الموردين الأوروبيين، دخل القمح الروسي إلى السوق الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، ليصبح منافسًا تجاريًا قوياً لنظيره الفرنسي.

وحسب بيانات لمصدري الحبوب الروس، فقد استوردت الجزائر ما يقارب 2.5 مليون طن من القمح الروسي خلال العام الماضي. وعلّق موسوني بالقول: “في الوقت الحاضر، نشهد بالفعل فتورًا في العلاقات مع فرنسا، من دون أن يؤثر ذلك بشكل كبير على مناخ الأعمال التقليدي أو نشاط الشركات الفرنسية في الجزائر”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here