العدالة الجزائرية تتحرك للتصدي لممارسات التزوير في التشريعيات

8
العدالة الجزائرية تتحرك للتصدي لممارسات التزوير في التشريعيات
العدالة الجزائرية تتحرك للتصدي لممارسات التزوير في التشريعيات

أفريقيا برسالجزائر. بيطام: نشهد حياد السلطة وإرادة سياسية وقضائية في تفعيل القانون بصرامة

تواصل العدالة الجزائرية وقبيل الإعلان عن نتائج الطعون المودعة لدى المجلس الدستوري الضرب بيد من حديد، للتصدي لكل شبهات التزوير أو التلاعب بمحاضر الانتخابات التشريعية، تجسيدا لما ينص عليه القانون لحماية أصوات الناخبين من جهة، وتكملة للمساعي والإرادة السياسية التي عبر عنها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من أجل القضاء على الممارسات القديمة لاسترجاع ثقة الشعب من أجل استكمال مسار بناء الجزائر الجديدة.

وتطبيقا لما ينص عليه الدستور للحفاظ على السيادة الوطنية، جاء قانون الانتخابات الجديد بأحكام ردعية وصارمة للتصدي لكل محاولات المساس بالمسار الانتخابي وبنزاهته، لاسيما بعد فضيحة تشريعيات 2017 التي طغت عليها الرشوة والمحسوبية من أجل بيع القوائم وتصدرها في أحزاب كانت محسوبة على النظام السابق، فضلا عن شبهة التزوير التي لطالما صاحبت الانتخابات من أجل تغليب الكفة ومنح الأصوات لحزب دون آخر وكل هذا دون رقيب ولا حسيب بسبب الحصانة التي كان يتمتع بها هؤلاء في عهد الرئيس بوتفليقة، لتتغير الموازين مع انتخابات جوان 2021 تجسيدا للإرادة السياسية التي تُعول على إرجاع السيادة للشعب في قول كلمته دون الخوف من التزوير أو التدليس ولا حتى الترهيب.

وتجسيدا للنصوص القانونية التي تسعى للحفاظ على نزاهة الانتخابات، فقد أدانت محكمة الجنح بولاية تبسة 4 متورطين في قضية سرقة أوراق مخصصة للتصويت بعامين حبسا نافذا و30 ألف دينار غرامة نافذة، وهي القضية التي تم ارتكابها عشية انطلاق الاقتراع، ليعلن بعدها النائب العام لمجلس قضاء المسيلة عن المتابعة القضائية لسبعة أشخاص بتهمة تزوير الانتخابات التشريعية، وهذا إثر إخطار من المندوبية الولائية للسلطة المستقلة للانتخابات، حيث تتمثل في اقتحام مكتب التصويت رقم 19 مركز جبل ثامر ببلدية المعاريف بولاية المسيلة، ووجهت لهم تهم الزيادة في محاضر وأوراق أصوات الناخبين وتشويهها، وتعكير صفو عمليات مكتب التصويت والإخلال بممارسة حق حرية التصويت طبقا للمادتين 286 و295 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، وتوالت المتابعات القضائية بعد وضع 19 مؤطرا للانتخابات بولاية بسكرة تحت الرقابة القضائية بتهمة التزوير، وينتظر أن تشمل التحقيقات عدة ولايات أخرى طبقا للشكاوى والطعون المقدمة للجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات.

ويأتي هذا التحرك القضائي في وقت أبانت النتائج المعلن عنها لنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية عن نية حقيقية وإرادة سياسية لمواجهة التزوير وكل أشكاله، إذ مثلت النسبة المعلن عنها حقيقة الأصوات المعلن عنها، والصورة الواضحة لمجريات عملية الاقتراع بعيدا عن التضخيم والزيادة في النسب التي لطالما كانت محل شك في عهد النظام السابق، فبالرغم من أن النسبة وصفت بـ”الضعيفة” من قبل الأحزاب والمراقبين السياسيين، إلا أنهم اعتبروها خطوة نحو التأسيس لعهد جديد، بعيدا عن التزوير والتضخيم ولاسيما أن قانون الانتخابات لا يفرض نسبة معينة لاحتسابها أو إلغائها.

هذه هي الأفعال المصنفة في خانة الجريمة الانتخابية

جدير بالذكر، أن الترسانة القانونية التي تعزز بها قانون الانتخابات الجديد حددت طبيعة الأفعال التي تصنف في خانة الجريمة الانتخابية، والتي من شأنها المساس بالعملية الانتخابية ككل، وفرضت عقوبات قد تصل إلى حد 20 سنة سجنا مع دفع غرامة مالية حسب نوع الجريمة المرتكبة، وخاصة ما تعلق بمحاولة تعكير صفو العملية الانتخابية أو الإخلال بممارسة حق التصويت وحريته ومنع مرشح أو من يمثله من الحضور في عملية التصويت والذي يعاقب عليها القانون بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين، وقد تصل إلى 3 سنوات إذا ارتبطت بحمل سلاح وقد تضاعف من 5 حتى 10 سنوات إذا كانت الأفعال مُدبرة إثر خطة لتنفيذها في دائرة أو عدة دوائر انتخابية.

وفي حال نزع صندوق الاقتراع المحتوي للأصوات المعبر عنها ولم يتم فرزها بعد، يُسلط القانون عقوبة السجن بين 5 إلى 10 سنوات، وإذا كانت في إطار التعدد أو استعمال العنف يُعاقب عليها بالحبس من 10 إلى 20 سنة.

هذا ويكيف القانون الجديد جريمة إتلاف صندوق الاقتراع عن طريق العنف كجناية وقد تصل عقوبتها إلى 20 سنة إذا ارتبطت بالعنف، كما تُضاعف إذا صدرت من قبل مترشحين، وفي مقابل كل هذه الترسانة القانونية تعالت أصوات رؤساء الأحزاب وحتى المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تطبيق القانون والتصدي لعمليات التخريب ومنع المواطنين من التصويت عن طريق العنف وحرق مكاتب الاقتراع والتي حدثت في عدة بلديات بولايات البويرة، تيزي وزو وبجاية يوم 12 جوان المنصرم.

مؤشر خير على عهد جديد في نزاهة الانتخابات بالجزائر

وفي السياق، أكد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا، نجيب بيطام، في تصريح لـ”الشروق” على أن القانون يطبق على الجميع ولا يوجد أي استثناء لا للأشخاص ولا للمناطق، وكل من ارتكب مخالفة –حسبه- يفترض أن يكون محل متابعة قانونية امتثالا لأحكام القانون وتوقع أن تكون هناك متابعات بعد المسيلة وتبسة في جهات أخرى والتي يثبت حصول خروقات فيها، لاسيما تلك الموثقة بفيديوهات عبر وسائط التواصل.

وأوضح بيطام بأن عهد التزوير قد ولّى، خاصة أن القوانين كانت موجودة من قبل وتنص على بعض الجرائم الانتخابية والعقوبات المقررة لها، لكنها لم تكن مطبقة، ليصرح: “لم نشهد تفعيلا للقوانين مثل اليوم، وهو ما يؤكد وجود إرادة سياسية”.

وأضاف “في السابق كانت السلطة تتستر على هؤلاء رغم توثيق عديد عمليات التزوير.. أما اليوم فإننا نشهد حياد السلطة في العملية الانتخابية ونشهد إرادة سياسية وقضائية على تفعيل القانون بصرامة حتى، ولو كان الأمر يتعلق بمؤطرين انتدبتهم الدولة لتأطير العملية الانتخابية”، لافتا النظر إلى أن هؤلاء كانوا يعتقدون أنهم محميون مثلما تم حمايتهم في المواعيد السابقة لتكون المفاجئة هذه المرة.

وقال المحامي إننا “نلمس في هذه المتابعات صدقية الخطاب السياسي، تجسيدا لخطاب رئيس الجمهورية الذي تكلم عن النزاهة، لاسيما بعد الطلاق السياسي بين الشعب والسلطة في عهد العصابة”، وتابع “لإصلاح ذات البين وعودة الثقة السياسية بين الناخب والسلطة كان لزاما أن يطبق القانون بحذافيره وعلى الجميع… وأعتقد أن هذا مؤشر خير على عهد جديد في نزاهة الانتخابات بالجزائر”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here