الفرنسيون مذعورون من مرحلة “ما بعد تجريم الاستعمار”

الفرنسيون مذعورون من مرحلة “ما بعد تجريم الاستعمار”
الفرنسيون مذعورون من مرحلة “ما بعد تجريم الاستعمار”

أفريقيا برس – الجزائر. استشعر الفرنسيون خطر سياسة الحزم التي تبنتها السلطات الجزائرية في التعاطي مع عنجهية الدولة الفرنسية وتعاليها عندما يتعلق الأمر بماضيها الاستعماري الحافل بالجرائم ضد الإنسانية في الجزائر، وراحت باريس تبحث عن ورقة للرد على مضي السلطات الجزائرية هذه المرة بحزم، في سن قانون يجرم الممارسات الاستعمارية الفرنسية، في سابقة من شأنها أن تكون بداية لموجة مشابهة في الدول التي كانت ضحية لجرائم الدولة الفرنسية.

ولأن اليمين واليمين المتطرف الفرنسي يرفضان النظر إلى المرآة، بممارسة هواية الهروب إلى الأمام، فقد شرع سياسيوه ومنظروه في البحث عن مخارج للرد على قانون تجريم الاستعمار في الجزائر، الذي بات تجسيده أقرب من أي وقت مضى، وقد اهتدوا في الأخير إلى النبش في تاريخ ما قبل 1830، علّهم يجدون مشجبا يعلقون عليه آمالهم.

ويمكن تلمس هذا التوجه في مقال مطول بمجلة “لوفيغارو إيستوار”، نشر على موقع الصحيفة على الأنترنيت، الجمعة، بقلم ماري كلود موزيمان باربيي، جاء تحت عنوان: “ماذا لو طالبنا الجزائر بتعويضات عن آلاف الفرنسيين الذين تم استعبادهم هناك؟”، في إشارة إلى الجزائر.

وحرضت المجلة على إرفاق المقال بصورة توضيحية، للجندي والكاتب والروائي الإسباني الشهير، ميغيل دي سيرفانتس، صاحب رواية “دونكيوشوت دي لامانشا”، وهو يقدم كهدية إلى حسن باشا، داي الجزائر، الذي أسر من قبل الجزائريين في سنة 1575، وبقي بها لمدة خمس سنوات قبل أن يطلق سراحه، في محاولة من قبل الفرنسيين لتدويل القضية أوروبيًّا، حتى لا تبقى وحيدة في مواجهة جرائمها في الجزائر والتي لا تسقط بالتقادم.

وجاء في مغالطات مقال “لوفيغارو إيستوار”، التابعة لكبرى المنابر اليمينية في فرنسا: “يبدو أن الجزائر، التي تطالب باستمرار بتعويضات عن 130 عام من الاستعمار الفرنسي الذي أدى إلى إنشاء الجزائر، قد نسيت أن المنطقة كانت تحت الحكم الأجنبي لقرون: خمسة قرون في الإمبراطورية الرومانية، ثم غزاها العرب من القرن السابع، لتصبح تحت السيطرة العثمانية منذ عام 1526. ويبدو أيضا أنها نسيت مشاركتها الفعالة في تجارة الرقيق والرق”.

ولا تعد ماري كلود موسيمان باربيي، كاتبة المقال مجرد صحفية فحسب، وإنما هي شخصية علمية راقية، فهي تشتغل محاضرة فخرية في المدرسة العليا للأساتذة في باريس ساكلي، وعضو في مجموعة بحثية حول العنصرية وتحسين النسل (GRER)، في جامعة باريس ـ سيتي.

وفي تنظيرها للقضية، تحاول المحاضرة الفخرية في المدرسة العليا للأساتذة في باريس ساكلي، الغوص بعيدا في أعماق التاريخ بحثا عما يمكن أن يدين في زعمهم، الطرف الجزائري بممارسات شبيهة بتلك التي تتهم بها فرنسا اليوم، من أجل رفعها في وجه المطالب الجزائرية بضرورة اعتراف الدولة الفرنسية في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها في الجزائر طيلة 132 سنة، وهو المطلب الذي بدأ ينتقل من البعد السياسي إلى البعد القانوني، الأمر الذي بات يرعب السياسيين في فرنسا أكثر من أي وقت مضى.

تزعم ماري كلود موسيمان باربيي: “بالنسبة لمعظم مواطنينا، لا تزال تجارة الرقيق تُربط بتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، ولا يزال يُنظر إلى العبودية على أنها نتاج حصري لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي. مع ذلك، بدأت تجارة الرقيق في إفريقيا في وقت مبكر يعود إلى أواخر القرن السابع الميلادي، عندما انطلق القائد العربي عبد الله بن سعيد، بعد عشرين عامًا من وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، لغزو شمال إفريقيا”.

وتضيف: “بعد فتحه مصر، فرض على مسيحيي النوبة، بموجب معاهدة البخت، تسليم 360 عبدا سنويا. ثم واصل طريقه نحو المغرب العربي.. وقد وُثقت تجارة الرقيق البربرية على نطاق واسع في التاريخ: أسواق الرقيق على ساحل المغرب العربي، بما في ذلك سوق الجزائر الصاخب…”، في محاولة يائسة للبحث عما يدين الجزائر.

المصدر: الشروق

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here