أفريقيا برس – الجزائر. عندما لا يجد السياسيون الفرنسيون المهووسون بمعاداة الجزائر من اليمين المتطرف، ما يشتغلون عليه في هذا الباب، يعودون دوما إلى معاشات الجزائريين الذين أفنوا حياتهم في المصانع والورشات الفرنسية، مستكثرين عليهم ما يحصلون عليه من معاشات لا تتعدى في أحسن الحالات الألف يورو، وهي أقل بكثير مما يحصل عليه نظراؤهم الفرنسيون.
هذه القضية المفتعلة، كانت محور سؤال كتابي وجّهه النائب، أوريليان دو ترومبل، عن حزب “التجمع الوطني” الفرنسي ذو التوجهات اليمينية المتطرفة، والذي كان يحمل تسمية “الجبهة الوطنية”، التي أسّسها جون ماري لوبان، في بداية سبعينيات القرن الماضي، أحد أبرز رموز منظمة الجيش السري الإرهابية (O.A.S).
ويستهدف عضو الغرفة السفلى للبرلمان الفرنسي، “معرفة التدابير العاجلة التي تعتزم الحكومة اتخاذها، لوضع حدّ لما يصفه “الاختلاس الصارخ للأموال العامة (المعاشات)، وما إذا كانت تخطط لتطبيق نظام مراقبة بيومترية ممنهجة لوجود المستفيدين في الخارج”. والمثير في الأمر هو أن النائب اليميني المتطرف يطالب بتعليق صرف المعاشات لمجرد الشك، كما يتساءل عن جدية آليات الرقابة المعمول بها على هذا الصعيد.
وجاء في السؤال الكتابي الذي أودع الثلاثاء 10 جوان الجاري: “ينبه أوريليان دو ترومبل، وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية، المسؤول عن الحسابات العامة، إلى استمرار الاحتيال في المعاشات التقاعدية الفرنسية المدفوعة في الخارج، وخاصة في الجزائر، وبشكل أكثر تحديدا فيما يتعلق بالمعاشات المدفوعة من دون وجه حق لأشخاص متوفين لم يعلن عن وفاتهم”، وكان لافتا في كلام النائب اليميني المتطرف التركيز على المتقاعدين الجزائريين دون سواهم.
ويقول النائب أوريليان دو ترومبل: “وفقا لأرقام ديوان المحاسبة المنشورة في 26 ماي 2025، فإن هذا الاحتيال يمثل خسائر سنوية تتراوح بين 40 و80 مليون يورو للمالية العامة، في سياق يدفع فيه الصندوق الوطني للتأمين على الشيخوخة أكثر من 1.1 مليار يورو كمعاشات تقاعدية في الجزائر”.
وينتمي النائب أوريليان دو ترومبل، إلى حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، وقد اعتاد نواب هذا الحزب على استهداف الجزائر ومصالحها، كما لا يلتقي مع المواقف الجزائرية في أي قضية من القضايا الحسّاسة، مثل القضية الفلسطينية، والموقف من القضية الصحراوية، باعتباره يشكّل أحد لوبيات الضغط السياسية، التي تعمل لصالح النظام المغربي.
واستنادا إلى نص السؤال الكتابي، الموجود على موقع الجمعية الوطنية، فقد حدّدت عمليات التدقيق التي أُجريت على الوثائق، معدل وفيات غير معلنة يتراوح بين 2 و5 بالمائة، وذلك وفقا للعينات التي تم تحليلها. ويزعم النائب أيضا أن هذه الأرقام “تؤكد وجود ظاهرة واسعة النطاق ومنظمة، وفي جميع الحالات، وأعلى بكثير من مثيلتها في الدول الأجنبية الأخرى المستفيدة من مدفوعات المعاشات التقاعدية في إطار النظام العام”.
وذهب النائب بعيدا في استهدافه للمتقاعدين الجزائريين مباشرة دون سواهم، عندما شكّك في آليات الرقابة الحالية، التي تعتمد بشكل كبير على شهادات الحياة التي يقدّمها المستفيدون، وقال إنها لم تعد “كافية إلى حد كبير وعرضة للتلاعب”، على حد زعمه، داعيا في الوقت ذاته، إلى إلزام المتقاعدين الجزائريين بتقديم وثائق “داعمة دقيقة بانتظام” كتلك التي يقدّمها نظراؤهم الفرنسيين، حتى لا يتم “صرف المعاشات التقاعدية في الخارج، من دون التحقّق الدقيق من وجود المستفيدين في ظل ضائقة مالية”، على حد زعم النائب، الذي حاول تضخيم القضية وإعطائها بعدا هستيريا كعادة اليمين المتطرف.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس