انتخابات جزئية في منطقة القبائل الجزائرية برهانات سياسية

30
انتخابات جزئية في منطقة القبائل الجزائرية برهانات سياسية
انتخابات جزئية في منطقة القبائل الجزائرية برهانات سياسية

أفريقيا برس – الجزائر. أعلنت السلطات الجزائرية تنظيم انتخابات محلية جزئية في عدد من بلديات ولايتي تيزي وزو وبجاية بمنطقة القبائل الناطقة بالأمازيغية في الجزائر. وكانت الانتخابات في هذه البلديات، قد تعثرت خلال الموعد الرسمي العام الماضي، بسبب عرقلتها من مجموعات رافضة للمسار الانتخابي.

قبل أيام، أمضى الرئيس عبد المجيد تبون، مرسوما رئاسيا يستدعي بموجبه الناخبين لانتخابات جزئية لأعضاء المجالس الشعبية لبلديات ولايتي تيزي وزو وبجاية. وتشمل هذه الانتخابات، بلديات فرعون، مسيسنة، توجة، وأقبو، بولاية بجاية، وبلديات آيت محمود وآيت بومهدي، بولاية تيزي وزو.

وينتظر أن تجرى هذه الانتخابات الجزئية يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر 2022. ووفق المرسوم، سيتم الشروع في المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية خلال الفترة الممتدة من 20 إلى 28 تموز/جويلية 2022.

وكانت هذه البلديات التي تعذر فيها الحصول على نتائج في الانتخابات المحلية لتشرين الأول/أكتوبر 2021، تسير إلى غاية الآن عبر متصرفين يتم تعيينهم من قبل الوالي من بين الموظفين أو الأعوان العموميين أو من شخصيات المجتمع المدني ذوي الخبرة والكفاءة في تسيير الشؤون العمومية المحلية.

وتطبيقا لهذا القرار، أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، عن شروط الترشح للانتخابات الجزئية والتي ستتم بنفس الإجراءات والتدابير التنظيمية التي كان العمل بها خلال انتخابات أعضاء المجالس الشعبية البلدية ليوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

ويتوجب، وفق بيان للسلطة، على قائمة المترشحين المقدمة سواء تحت رعاية حزب سياسي أو بصفة مستقلة، أن تدعم بعدد من توقيعات ناخبي الدائرة الانتخابية المعنية (260 توقيعا في حالة ما إذا كان المجلس الشعبي البلدي به 13 مقعدا و300 توقيع إذا كان به 15 مقعدا و805 تواقيع إذا كان به 23 مقعدا).

أما شروط الترشح فتحددها المادة 184 من القانون العضوي للانتخابات، وتتمثل في أن يكون الشخص مسجلا في القائمة الانتخابية في الدائرة الانتخابية، أي البلدية التي يترشح بها، وأن يكون بالغا 23 سنة، على الأقل، يوم الاقتراع، أن يكون ذا جنسية جزائرية، وأن يثبت أداءه الخدمة الوطنية أو إعفاءه منها وكذا ألا يكون محكوما عليه نهائيا بعقوبة سالبة للحرية لارتكاب جناية أو جنحة ولم يرد اعتباره، باستثناء الجنح غير العمدية.

كما يجب على المترشح، حسب نفس المادة، أن يثبت وضعيته تجاه الإدارة الضريبية وألا يكون معروفا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية.

وفي سياق التفاعل السياسي مع الحدث، أعلنت جبهة القوى الاشتراكية، وهي أكثر الأحزاب تجذرا في المنطقة، قرار مشاركتها واعتبرت ذلك امتدادا لقرار مشاركة الحزب في الموعد الرسمي العام الماضي.

وتهدف مشاركة القوى الاشتراكية، وفق بيان لها، إلى “الفوز بمقاعد المجالس الشعبية البلدية المعنية”، كما ستعمل على “استغلال هذه المحطة السياسية للترويج لمشروعها السياسي وللمرافعة من أجل رؤيته للتسيير المحلي القائمة على الديمقراطية التشاركية والتضامن المحلي”. ووجّه أقدم حزب معارض في الجزائر مناضليه وهياكله المحلية، خاصة المعنية منها بهذا الاقتراع، بضرورة “الاستعداد الأمثل له والعمل على إنجاحه وبلوغ الأهداف التي سطرها الحزب خلاله”.

وكانت مشاركة القوى الاشتراكية في الانتخابات المحلية العامة العام الماضي قد صنعت الحدث بعد مقاطعته للتشريعيات والرئاسيات قبل ذلك. وبرر الحزب آنذاك مشاركته، بتحمل “مسؤوليتنا الوطنية وحرصنا الشديد على الوحدة والسيادة الوطنيتين، والحفاظ على السلم المدني والانسجام المجتمعي بعد أن أضحت هذه العناصر محل تهديدات متعددة ومتجددة سواء كانت داخلية أو خارجية”، وفق ما قاله يوسف أوشيش السكرتير الأول للحزب.

وينتظر أن تنحصر المنافسة على مقاعد المجالس البلدية المعنية، بين جبهة القوى الاشتراكية والقوائم الحرة، في ظل المقاطعة المتوقعة للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والذي لم يشارك في كل الانتخابات منذ بدء المسار الانتخابي برئاسيات 2019 التي أوصلت الرئيس عبد المجيد تبون للحكم.

ولا تستبعد مشاركة رمزية لأحزاب أخرى مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم وهي كبرى الأحزاب الوطنية حاليا.

ورغم أن المكاسب الانتخابية لا تعد كبيرة، فالأمر يتعلق بمجالس محلية لـ6 بلديات فقط، إلا أن لهذه الانتخابات رهانات سياسية معتبرة تتعلق باستعادة السلطة لهيبتها في المنطقة وتأكيد قدرتها على تنظيم انتخابات بشكل طبيعي، بعدما حدث في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 وانتخابات الاستفتاء على الدستور سنة 2020 والانتخابات التشريعية العام الماضي، والتي كانت فيها المقاطعة شبه كلية في منطقة القبائل، مع بروز مجموعات كانت تغلق مراكز الاقتراع وتمنع بالقوة الراغبين في التصويت.

وفي السنتين الأخيرتين، فرضت السلطات الجزائرية طوقا على المنخرطين في التنظيم الانفصالي “ماك” بمنطقة القبائل والذي اتهم عناصره بعرقلة سير الانتخابات، ثم قامت بتصنيف هذا التنظيم الذي يقوده المغني فرحات مهني من العاصمة الفرنسية باريس على قوائم الإرهاب، واعتقلت العشرات من عناصره، وبث التلفزيون العمومي شهادات لبعض عناصره يتحدثون عن تحول في عقيدة التنظيم نحو حمل السلاح ضد الدولة.

وفي اعتقاد ناصر حمدادوش مسؤول الإعلام بحركة مجتمع السلم فإن “الظروف اليوم تغيرت وليس من مصلحة المنطقة أن تكون حالة استثنائية من الإجماع الوطني في الاحتكام إلى الانتخابات”. وأبرز في تصريح لـ”القدس العربي” أن “الاختلاف في المواقف السياسية، ومنها الاختلاف في الموقف من المشاركة في الانتخابات لا يبرر استعمال العنف والتطرف في منع إجرائها، ومنع الناس بالقوة من المشاركة فيها”، لأن هذا يعد “اعتداء على أبسط حقوق الإنسان، وهي حرية الرأي والتعبير، والمشاركة في الانتخابات هي حرية فردية في التعبير عن المواقف السياسية”. ويخلص حمدادوش إلى أن “أسباب التطرف والتوتر قد زالت، ولا يمكن رهن المنطقة إلى أي نوع من أنواع العنف والتطرف”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here