أفريقيا برس – الجزائر. خلف انزلاق لإحدى الصحفيات الفرنسيات في برنامج حواري على منصة عمومية، هي إذاعة فرنسا الدولية “فرانس أنتر”، جدلا سياسيا وإعلاميا ارتبط بملف الذاكرة، العالق في أوحال أزمة سياسية ودبلوماسية بين الجزائر وباريس، تتفاقم من يوم لآخر منذ ما يقارب السنة.
ويتمثل هذا الانزلاق في اقتراح استبدال نحو تسعة آلاف (9000) جمجمة لمقاومين جزائريين معروضة بشكل لا إنساني، في “متحف الإنسان” بالعاصمة الفرنسية باريس، منذ أزيد من قرن، بإطلاق سراح الكاتب الفرانكو ـ جزائري، بوعلام صنصال، الذي يقضي عقوبة خمس سنوات حبسا نافذا في سجن القليعة غرب العاصمة، جراء أفعال خطيرة طالت الوحدة الترابية للبلاد.
صاحب هذا المقترح “الفضيحة”، كما وصفه الوزير والدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، هي الصحافية الفرنسية، لبنانية الأصل، ليا سلامة، وذلك حين محاورتها الكاتب كزافييه لوكليرك، الذي كشف بدوره عن تفاصيل أخرى أكثر فظاعة، لوقائع ارتكبها جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر منذ السنوات الأولى للاستعمار.
وكتب وزير الاتصال السابق عبر حسابه في منصة “إكس”، أو “تويتر” سابقا: “صحفية تقترح استبدال تسعة آلاف جمجمة (لمقاومين) جزائريين في متحف الإنسان بباريس، مقابل الإفراج عن صنصال.. هذه فضيحة”. وتشكل قضية استرجاع جماجم المقاومين الجزائريين واحدة من أبرز المطالب التي ترفعها الجزائر باستمرار في وجه السلطات الجزائرية، ولم تحصّل منها إلى حد الآن سوى نحو 20 جمجمة في سنة 2020.
وحمل حوار الكاتب كزافيييه لو كليرك مع إذاعة فرنسا الدولية، الذي جاء بمناسبة نشره كتابا تحت عنوان “خبز الفرنسيين”، تفاصيل جديدة عن فظائع جيش الاحتلال الفرنسي بحق الجزائريين، حيث تحدث عن إقدام الجيش الاستعماري في القرن التاسع عشر، على مزج عظام بشرية لجزائريين وحيوانات داخل أفران كبيرة لتبييض الدبس لصنع البنجر السكري. وكان الأمير عبد القادر قد أدان هذه الممارسة التي ترقى إلى حد أكل لحوم البشر.
وتحولت قضية سجن الكاتب الفرانكو ـ جزائري، بوعلام صنصال، إلى هوس لدى الفرنسيين، وذلك بالرغم من أنه ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون وقد نال جزاءه، ووصل هذا الهوس إلى حد مناقشة إمكانية مبادلته بجماجم المقاومين الجزائريين، على منبر إعلامي فرنسي ممول من قبل الخزينة الحكومية، لأن “فرانس أنتر”، هي مؤسسة إعلامية عمومية.
وينتظر أن يحسم القضاء الجزائري في قضية بوعلام صنصال في جلسة الاستئناف المقررة يوم 24 من الشهر المقبل، على مستوى مجلس قضاء العاصمة، وهي الجلسة التي ينتظرها الطرف الفرنسي بفارغ الصبر، حيث تغيرت نبرة المسؤولين وهم يعلقون على هذه القضية، من المطالبة بإطلاق سراحه، إلى مناشدة الرئيس عبد المجيد تبون القيام بلفتة إنسانية تجاهه.
وبالمقابل، تتمترس السلطات الفرنسية خلف ما تقول إنها الترسانة القانونية التي تمنع تسليم جماجم المقاومين الجزائريين، وتشترط مقابل تجسيد ذلك، مراجعة بعض القوانين ذات الصلة، الأمر الذي أبقى هذه معروضة في متحف الإنسان في باريس، في مشهد غابت فيه أسمى معاني الكرامة الإنسانية عند مستعمر الأمس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس