باريس نحو القطيعة مع الجزائر.. وهي الخاسر الأكبر!

1
باريس نحو القطيعة مع الجزائر.. وهي الخاسر الأكبر!
باريس نحو القطيعة مع الجزائر.. وهي الخاسر الأكبر!

أفريقيا برس – الجزائر. بات في حكم المرجح أن العلاقات الجزائرية الفرنسية أصبحت على حافة القطيعة، وهي مقاربة بات يرددها الكثير من المراقبين، كما تجسدها القرارات الصادرة من حين إلى آخر من العاصمتين، وآخرها تبادل طرد أعداد كبيرة من الدبلوماسيين من الطرفين للمرة الثانية في ظرف شهر فقط.

وفي خضم هذا التصعيد، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء 14 ماي 2025، أن فرنسا استدعت القائم بالأعمال الجزائري في باريس، لتبليغه احتجاج السلطات الفرنسية على قرار الجزائر طرد 15 موظفا في السفارة الفرنسية، لم يكن تعيينهم يتماشى والاتفاقيات الثنائية ذات الصلة.

وأوضح رئيس الدبلوماسية الفرنسية في برنامج حواري لقناة “بي اف ام تي في” أن بلاده سترد على قرار السلطات الجزائرية، غير أنه لم يتحدث عن عدد الدبلوماسيين الجزائريين المعنيين بالقرار المرتقب ولا عن موعده، وهو القرار الذي حمله أيضا بيان صادر عن الخارجية الفرنسية، تم تعميمه في اليوم ذاته.

وكانت الجزائر قد استدعت الأحد المنصرم، القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية بالجزائر، وأبلغته قرار طرد مسؤولين فرنسيين جدد من الأراضي الجزائرية كانوا يؤدون مهام بالسفارة الفرنسية في الجزائر، وذلك في برقية لوكالة الأنباء الجزائرية، جاء فيها أن الموظفين الفرنسيين تم تعيينهم خارج الأعراف الدبلوماسية المتفق عليها.

واستنادا إلى كلام المسؤول الفرنسي، فإن الأمر يتعلق بـ”جميع الموظفين حاملي جوازات السفر الدبلوماسية، الذين لا يملكون تأشيرة حاليا إلى الجزائر”. وكان لافتا في كلام جون نويل بارو، أن قرار السلطات الجزائرية لم يسبقه تشاور مع السلطات الفرنسية، وهو كلام يفتقد إلى المصداقية، لأن فرنسا هي التي كانت السباقة إلى منع الدبلوماسيين الجزائريين من الدخول إلى التراب الفرنسي.

والمثير في الأمر هو أن هذا الإجراء الذي تنظمه الاتفاقية الثنائية الموقعة بين البلدين في سنة 2013، والذي تحدث جون نويل بارو عن خرقه من قبل الجزائر، على حد زعمه، سبق لوزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، التأكيد بشأنه أن باريس ستوقف العمل بهذه الاتفاقية، رغم أن المسألة لا تعنيه تماما، ثم يأتي نظيره في الحكومة، وزير الخارجية، ليتهم الجزائر بخرق الاتفاقية في موقف يدفع إلى التساؤل حول مدى الفوضى والارتباك الحاصلين في الحكومة الفرنسية، والتي تعاني من هشاشة قد تسقطها في أي لحظة.

ومع انزلاق العلاقات الثنائية إلى مستويات غير مسبوقة من التأزم، يبرز الطرف الفرنسي كمسؤول بلا منازع عن هذه التطورات غير المتوقعة، باعتباره كان المبادر بالإساءة، من خلال القرار “غير الودي”، وغير المنسجم مع القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وهو المتمثل في دعم سيادة النظام المغربي المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة.

وتعليقا على ما يحصل بين الجزائر وباريس من تطورات متسارعة، يحمّل السفير الجزائري السابق، نور الدين جودي، كامل المسؤولية للسلطات الفرنسية، بسبب مواقفها المعادية للمصالح الجزائرية، واستفزازاتها التي تأبى التوقف.

وبرأي الدبلوماسي المتقاعد، وهو مدير سابق لدائرة إفريقيا في وزارة الخارجية، فإن لب المشكلة يكمن في “ضعف الحكومة الفرنسية، وتعدد مصادر صناعة القرار فيها، بحيث أصبح شخص مثل وزير الداخلية يخوض في شؤون وزارة الخارجية، فيما يبقى وزير الخارجية عاجزا عن وضع حد لتدخل زميله في شؤون حقيبته، في وقت يبقى رئيس الدولة (إيمانويل ماكرون) يتفرج على هذا المشهد”.

ويعتقد السفير الأسبق أن مصادر صناعة القرار في باريس أصبحت بأيدي قوى غير دستورية، وأشار هنا إلى التأثير القوي للوبي الصهيوني في فرنسا المعادي للجزائر والمتمثل في المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا(CRIF)، على السلطات الفرنسية الحالية.

ولم يستبعد نور الدين جودي وصول العلاقات الثنائية إلى قطيعة، غير أنه أوضح أن “الخاسر الأكبر في ذلك سيكون الجانب الفرنسي من دون شك، والواقع الحالي يؤكد ذلك، فقد توقف استيراد الحبوب واللحوم والعديد من المنتوجات الفرنسية الأخرى، أما نحن فلدينا العديد من الخيارات البديلة عن فرنسا”.

وأضاف: “نحن أمام أزمة ثانية على غرار ما حصل في سبعينيات القرن الماضي، بين الرئيس الراحل هواري بومدين ونظيره الفرنسي حينها، فاليري جيسكار ديستان، على خلفية قرار هذا الأخير دعم النظام المغربي في احتلاله الصحراء الغربية”، مؤكدا بأن باريس ستكون الطرف الخاسر.

المصدر: الشروق أونلاين

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here