أفريقيا برس – الجزائر. شرع مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية، البروفسور مصطفى صايج، في سلسلة لقاءات مع قيادات الأحزاب السياسية لاستطلاع مواقفها وآرائها حول المنظومة القانونية التي تؤطر العملية وعلى رأسها قانون الأحزاب والانتخابات.
واستقبل المستشار أغلب قيادات الأحزاب السياسية ومن بينها حركة مجتمع السلم، حركة البناء الوطني، وحزب العمال، وقال نائب رئيس حركة مجتمع السلم، أحمد صادوق، إن قانون الأحزاب يجب أن ينطلق من مبدأ أساسي، وهو أن الأحزاب السياسية مؤسسات دستورية على غرار باقي المؤسسات، بما فيها منظمات المجتمع المدني وغيرها، مؤكدا أن أي قانون يطرح اليوم ولا يستصحب تمكين الأحزاب السياسية للقيام بأدوارها هو قانون مرفوض.
كما دعا صادوق إلى صياغة مشروع قانون يجعل من الأحزاب مؤسسات قوية ووطنية، تساهم في السكينة المجتمعية، الاستقرار الوطني، التنمية والدفاع عن قضايا الوطن تجاه مختلف التحرشات. وقال إن القوانين المطلوبة اليوم هي تلك التي تعزّز دور الأحزاب، لا التي تضعفها أو تساهم في إضعافها.
وأشار المسؤول الحزبي إلى أن الواقع السياسي الحالي يشهد تهميشا كبيرا للأحزاب، وتقليصا لأدوارها، وتمييعا لمهامها عبر إسناد أدوار سياسية لكيانات لا علاقة لها بالعمل السياسي. وشدد على ضرورة مراجعة هذه المقاربة والعودة إلى ما هو معمول به في كل دول العالم، حيث تقوم السياسة على الأحزاب السياسية بقوانين مؤسِّسة وواضحة.
وبخصوص مشروع قانون الأحزاب، أكد نائب رئيس حركة مجتمع السلم، أن المادة التي تتعلق بتحديد عهدات القيادات الحزبية، خصوصا على مستوى المجلس الوطني، هي مادة “قاتلة” للعمل السياسي والحزبي، وتساهم مباشرة في إضعاف الأحزاب. وأوضح أن العمل السياسي والحزبي يقوم على التراكم والخبرة، وأن أي محاولة لتقليص هذه الخبرة ستنعكس سلبا على أداء الأحزاب السياسية، وبالتالي على أداء المنتخبين وحتى أداء المؤسسات المنتخبة.
من جانبه، قال القيادي في حزب العمال، رمضان يوسف تعزيبت، إن الأمينة العامة للحزب لويزة حنون ذكرت خلال لقائها مع مستشار الرئيس بمضمون الدراسة التي قام بها الحزب بعد استلامه المشروع المتعلق بالأحزاب السياسية، مؤكدا أن المسودة السابقة لا يمكن أن تكون محل نقاش لكونها لا تتماشى مع التعددية الحزبية وتفتح الباب لتدخل السلطة في الأحزاب السياسية وفي بعض الأحيان حتى في توجهها السياسي.
فيما طالب الحزب بسحب المسودة وفتح النقاش مع الطبقة السياسية قبل صياغة المسودة المقبلة وقال تعزيبت إنه انطلاقا من 36 سنة من التعددية الحزبية يمكننا أن نحدد بتدقيق ما هي العراقيل التي يجب إزالتها من أجل احترام التعددية الحزبية ولسماح للأحزاب أن تلعب دورها السياسي في المجتمع انطلاقا من التوجه لكل واحد منهم.
موضحا أنه لا بد من التوجه إلى نظام إعلاني سواء في تأسيس الأحزاب أو في تنظيم نشاطاته عوض نظام طلب السماح لتنظيم أي لقاء أو طلب الاعتماد عند تأسيس الأحزاب وختم مشددا على ضرورة أن تكون الأحزاب مستقلة عن الإدارة.
وتقول القيادات الحزبية التي التقت مستشار رئيس الجمهورية إنها تلقت تطمينات بأخذ مقترحاتها بعين الاعتبار عند صياغة مسودة مشروع القانون العضوي للأحزاب وتعمل السلطات التنفيذية حاليا على إدخال التعديلات الأخيرة على مسودة المشروع، قبل اتخاذ المسار التشريعي الاعتيادي الذي يشمل عرضه أولا على مجلس الحكومة، ثم مجلس الوزراء، وصولا إلى مناقشته والمصادقة عليه من قبل البرلمان.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أعاد قبل أسابيع فتح النقاش حول قانون الأحزاب الذي لم يشهد أي تعديل منذ سنة 2012.
وفي لقائه الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية، شدد تبون على أن القانون “لن يمرّر دون مشاركة الأحزاب”، مشيرا إلى أن مشروعا بهذا الحجم يتطلب انخراطا واسعا من التشكيلات السياسية، لاسيما وأنه يمس جوهر العمل الحزبي والتنظيم السياسي في البلاد.
ويذكر أن مسودة المشروع التمهيدي للقانون العضوي تضمنت جملة من التعديلات الجوهرية، أبرزها حظر “التجوال السياسي”، أي الانتقال من حزب لآخر خلال العهدة الانتخابية، وتحديد عهدات قيادة الهيئات الحزبية بفترتين كحد أقصى (خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة)، إضافة إلى حل الحزب في حال عدم تقديم مرشحين لانتخابين متتاليين على الأقل، وفرض تمثيل جغرافي واسع عند تأسيس حزب جديد بنسبة لا تقل عن 50% من ولايات الوطن.
وقد أثارت هذه التعديلات، ولا سيما ما تعلق منها بالعهدات والتمثيل الجغرافي، موجة من التحفظات والرفض داخل الأوساط الحزبية، فقد اعتبرت عدة أحزاب أن فرض مدة زمنية لعهدات القيادة يعدّ تدخلا في الشؤون الداخلية وخرقا لمبدأ حرية العمل السياسي، مشيرين إلى أن الحزب ليس مؤسسة إدارية تُنظَّم وفق هياكل موحدة مفروضة من الخارج.
تواجه الحكومة تحدي إكمال صياغة مشاريع القوانين ذات الصلة بالعملية الانتخابية وعرضها على المجلس الشعبي الوطني لمناقشتها والمصادقة عليها خلال الدورة البرلمانية الحالية، وقبل الموعد الدستوري المحدد لإجراء الانتخابات المقبلة.
فيما تبرز أهمية هذا التحدي بالنظر إلى أن هذه النصوص القانونية تعدّ الإطار المرجعي الذي سيحدد قواعد اللعبة السياسية المقبلة ويضمن سير العملية الانتخابية في ظروف قانونية واضحة ومستقرة.
دستوريا، يفترض تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة خلال الستين يوما التي تسبق نهاية العهدة البرلمانية الحالية، وهو ما يعني أن موعد الاستحقاقات سيكون محصورا بين 21 أفريل و21 جوان 2026. ويجعل هذا الإطار الزمني الضيق من مسألة الإسراع في مناقشة هذه القوانين والمصادقة عليها ضرورة ملحة، حتى تتمكن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وكافة الأطراف المعنية من التحضير الجيد للاستحقاق.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





