بلديات تفضل فرض الحجر الطوعي على نفسها وتجميد الحركة في الليل

8
بلديات تفضل فرض الحجر الطوعي على نفسها وتجميد الحركة في الليل
بلديات تفضل فرض الحجر الطوعي على نفسها وتجميد الحركة في الليل

افريقيا برسالجزائر. تفضل معظم بلديات الوطن تطبيق الحجر على نفسها حتى في غياب القرار، وتميل إلى النوم باكرا مع تجميد معظم النشاطات في الليل الذي لم يعد يصلح في بلادنا إلا للخلود الى الفراش باكرا، وتكريس ظاهرة غياب المدن الليلية في الجزائر.

رغم رفع الحظر على معظم الولايات إلا أن أوجه الإفراج ورفع هذا القرار لازالت غائبة في معظم المدن الجزائرية التي تتباطأ فيها الحركة قبل المغرب وتتجمد إذا عسعس الليل وأرخى سدوله، عكس ما هو عليه الحال بعديد الدول المعروفة بالمدن التي لا تنام.

وكعينة عن ظاهر المدن التي تنام باكرا نحط الرحال بمدينة سطيف المعروفة كمدينة كبيرة، وتتميز بحيوية تجارية واقتصادية ولها نمط معماري متميز، وشوارع شاسعة فيها بعض ملامح التحضر، لكن يبدو أن الوجه المشرق للمدينة له توقيت محدد، ويغيب حتى قبل أن تغيب الشمس. فجذوة الحركة التجارية تخمد في الساعات الأولى من الية، والحيوية التي تملأ الشوارع في الصبيحة لا تحافظ على نفس الوتيرة طيلة اليوم وتنطفئ في الليل. وإذا كان طريق قسنطينة هو الوجه البارز للمدينة فإن السكون يخيم في هذا المسلك في الية، وأغلبية المحلات تغلق أبوابها، بما فيها محلات المواد الغذائية التي يحتاجها الناس في كل الأوقات. وحتى الفضاء المحيط بعين الفوارة يتحوّل في الليل إلى مكان موحش تنعدم فيه معالم المدينة الحية، ويظهر ذلك من خلال الأبواب الموصدة، والإنارة العمومية الضعيفة والمنعدمة في العديد من الشوارع والأحياء. والحركة تكاد تقتصر على عابري السبيل، والمتأخرين عن منازلهم والمتشردين والسكارى.

فالجولة الخفيفة بوسط المدينة تكشف الفرق بين فرض الحجر ورفعه، بل هناك حظر طوعي فرضه الناس على أنفسهم في مدينة لا تحفز إلا على الخلود الى الفراش. وتأصل هذا المبدأ بعد أشهر من الحجر المنزلي الذي زاد في منسوب الرغبة التي تحث على إطفاء الأضواء باكرا وتأجيل إي نشاط بعد طلوع الشمس. والذي يبحث عن اقتناء حاجيات بعد السادسة مساء يقتنع تلقائيا بأنه لن يحصل عليها، وله أن يؤجل عمل الليل إلى الغد. وأما باقي الشوارع البعيدة عن وسط المدينة، فعادة ما تتحول إلى مناطق خاوية على عروشها لا تدب فيها الحياة، ولا تسمع فيها إلا همسا. والملفت للانتباه في سطيف إذا بحثت عن الخبز بعد الساعة الرابعة مساء فلن تجد له أثرا ولا رائحة، ولا ترهق نفسك في التنقل بين المخابز، ومحلات المواد الغذائية لأن هذه المادة الحيوية تنقضي قبل هذا التوقيت ولا توجد فترات مناوبة ليلية.

والوضع لا يختلف كثيرا بمدينة العلمة المعروفة وطنيا بسوق دبي، وبحيويتها التجارية الكبيرة، فبمجرد أن تحل الساعة الثالثة بعد الزوال تصفد أبواب الشارع التجاري، وتتحوّل دبي الى حي خاو تنعدم فيه الحركة، وتتراجع الحيوية التجارية مع انعدام أي نشاط يدفع الناس إلى الخروج. وأما باقي البلديات فلا علاقة لها أصلا بتسمية المدينة، وهي خاوية في كل الأوقات ومظلمة حتى في وضح النهار والحجر فيها على مدار العام.

النهضة الاقتصادية ينبغي أن تُقرن أيضا بمدن لا تنام، ففي السبعينيات والثمانينيات كانت شعلة المدن الساهرة لها نورها في عدد من المناطق كالجزائر العاصمة ووهران وعنابة على سبيل المثال، لكن هذه الشعلة انطفأت اليوم ولا علاقة لذلك بالوباء الذي قضى على ما تبقى من رماد الحركة في الليل، فغابت الحيوية الليلية حتى في المدن الساحلية والسياحية، وهي قضية ثقافة وذهنيات أزاحت الرغبة في إحياء الليل في المدن الجزائرية التي فقدت الكثير من تسمية المدينة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here