تحذيرات رسمية ورفض «استرخاص الدم الموريتاني»؛ ومطالبات بالتحقيق في اتساع المواقف المستنكرة لحوادث القتل بالطائرات المسيّرة

3
تحذيرات رسمية ورفض «استرخاص الدم الموريتاني»؛ ومطالبات بالتحقيق في اتساع المواقف المستنكرة لحوادث القتل بالطائرات المسيّرة
تحذيرات رسمية ورفض «استرخاص الدم الموريتاني»؛ ومطالبات بالتحقيق في اتساع المواقف المستنكرة لحوادث القتل بالطائرات المسيّرة

أفريقيا برس – الجزائر. اتسعت في موريتانيا المواقف المستنكرة والرافضة لحوادث قتل المنقبين والمنمين الموريتانيين بواسطة طائرات مسيّرة، وهي الحوادث التي تكررت في الأسابيع الأخيرة بعدة مواقع محاذية للحدود بين موريتانيا والصحراء الغربية.

وبينما تواصل الحكومة المغربية موقفها الصامت إزاء هذه الأحداث رغم ما وجه لطيرانها العسكري من اتهامات بخصوص ارتكابها، فقد خرجت الحكومة الموريتانية عن صمتها، حيث أعلن محمد المختار ولد عبدي والي ولاية تيرس الزمور في أول تصريح رسمي إزاء هذه الأحداث التي راح ضحيتها كثيرون، «أن حوادث مقتل المواطنين خارج الأراضي الموريتانية لم تعد مقبولة»، مؤكداً «أن الحكومة ستبدأ إجراءات لمنع عبور المواطنين نحو المناطق غير الآمنة، وبخاصة المنقبين عن الذهب والمنمين»».

وجاء التعبير عن هذا الموقف في كلمة للوالي أمام مشاركين في حملة توعية تنفذها السلطات حالياً حول المخاطر والمسلكيات الضارة بمواقع التنقيب الأهلي عن الذهب. وأضاف الوالي قائلاً: «علينا أن ندرك الظروف المحيطة بنا، فأرواح أبنائنا غالية جداً، ويتألم كل واحد منا لمصاب الآخر، ولكن الأكثر إيلاماً هو انتظار تكرار نفس المصاب مرة أخرى، فمثل هذا لم يعد مقبولاً، والدولة تعلن من هنا بصورة رسمية أنها لم تعد تقبل تكرار هذه الحوادث».

وزاد: «من دخل حوزتنا الترابية سيرى ما سنفعل به، في المقابل يجب على مواطنينا عبور الحدود بطريقة قانونية، فالظروف لم تعد كما كانت في السابق، ولا نعلم كيف ستكون في المستقبل، ومن المهم أن يدرك كل مواطن هذا الواقع».

وأضاف الوالي الذي يدير محافظة تحاذي الحدود بين موريتانيا وكل من الجزائر والصحراء الغربية أن «المحيط الإقليمي لم يعد يسمح بما كان ممكناً في السابق؛ فمنذ قرابة سنة تغير الوضع، وآن لنا أن ندرك ذلك». وهنا أوضح الوالي أن «أهم ما يمكن أن تقوم به الدولة في هذه الظرفية هو أن تقف على الحدود بجنودها وآلياتها وأسلحتها وطائراتها، ولكن أيضاً أن تعمل على بقاء مواطنيها في أماكنهم، وهذا هو علامة وجود الدولة، والأهم أيضاً أن يكون هنالك تماسك بين السلطات والمواطنين، وأن تقوم كل جهة تقوم بالدور المنوط بها».

وقال: «أرواح أبناء موريتانيا أهم من الذهب ومن المراعي، والدولة لن تسمح بتعريض أرواحهم للخطر»، وقال: «هنالك أشخاص يخاطرون بأرواح الآخرين، فيأخذون رعاة لا يدركون خطورة الوضع، ويرسلونهم إلى مناطق غير آمنة، وهناك ناشطون في التنقيب عن الذهب، يرسلون منقبين بالسيارات والوقود إلى مناطق الموت خارج الحدود، وهذا لم يعد مقبولاً، والمتاجرة بالبشر لم تعد مقبولة».

وأضاف الوالي: «سيتم اعتقال جميع المتورطين في إرسال مواطنين نحو المناطق الخطرة خارج الحدود، سواء من تولى إرسال السيارة أو تأجيرها، أو من تولى تجهيز المنقبين وتمويلهم». وقال: «على موريتانيا واجبات تجاه دول الجوار، حسب ما تنص عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية»، مشيراً إلى «أن ملف الحوادث يوجد بين أيد أمنية وستقوم فيه بالواجب تجاهه». وخارج الإطار الرسمي، تواصلت بيانات التنديد بهذه الحوادث والمطالبة بالتحقيق فيها، حيث اتهم حزب اتحاد قوى التقدم الموريتاني المعارض في ببان حول هذه الحوادث «الجيش المغربي بتعمد تكرار عمليات القصف بحق المدنيين الموريتانيين».

ودعا الحزب الممثل في البرلمان الموريتاني في بيان أخير له، «السلطات المغربية إلى وضع حد لعمليات القصف»، حاضاً جميع الفاعلين على الساحة الوطنية للرد على ما سمّاه «هذه الفظائع».

وطالب الحزب «السلطات الوطنية والمنظمات الدولية بالرد بقوة على هذا المنطق الذي يتعارض مع القيم الإنسانية العالمية والذي يتمثل في جعل أي مدني موريتاني هدفاً لطلقات الطائرات المغربية بدون طيار عندما تقترب من منطقة الحدود الشمالية أو تعبرها».

وأكدت حركة «كفانا» الموريتانية المعارضة في بيان آخر، «أن هذه الحوادث تستدعي الأسى والحزن والتساؤل المشروع عن الصمت المطبق إزاءها من طرف رئيس الجمهورية والحكومة».

وأضافت الحركة: «إننا نشجب ونستنكر وندين بشدة جرائم قتل المواطنين، وندعو إلى التعامل معها بكل حزم وحذر وجدية، كما نطالب بفتح تحقيق جاد حول ملابسات جرائم القتل المتعمد للمواطنين الموريتانيين على حدود بلادهم، ونحمل رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومته مسؤولية الصمت والتراخي اتجاه انتهاك سيادة الجمهورية».

وفي تدوينة حول هذه الأحداث، أكد سيدي محمد ولد محم، الرئيس السابق للحزب الحاكم، «أن تكرار قصف الطائرات المسيرة المغربية القادمة من خلف الجدار العازل بالصحراء الغربية لمدنيين موريتانيين عزل على أراضٍ صحراوية، أمر يقتضي التنبيه إلى أنه من الصعب لجم الساكنة في جانبي خط الحدود الموريتانية الصحراوية وإلزامها بحدود لا توجد لها معالم ولا إشارات تحددها، وقد ظلت بالنسبة لهم مجرد خطوط وهمية تفصل الأخ عن أخيه، وبين مجموعات بدوية متداخلة ديدنها الترحال المستمر وقد زادتها فيه ظروف الحرب والتشريد، وعلى أراض تعتبر دولياً تحت إدارة «المينورسو»، وصحراوياً مناطق صحراوية محررة، وليس بها أي وجود مغربي يمكن أن يشكل عليه وجود مدنيين موريتانيين خطراً من أي نوع».

وقال: «ندرك قدرة الجيش المغربي لوجستياً على التمييز بين الأهداف المدنية وتلك العسكرية، لذلك فحين يستخدم القوة ضد مدنيين مسالمين فإن عليه تبرير ذلك في بياناته وتقديم دوافعه وأسبابه علناً وأقل القليل من اعتذاراته التي لن تعيد ميتاً ولن تواسي جريحاً، خاصة إذا ما تعلق الأمر بعمليات متكررة أوشكت أن تصبح سلوكاً اعتيادياً للقوات المغربية الموجودة بالصحراء الغربية».

وزاد: «أخيراً، فإن استرخاص الدم الموريتاني أمر لا يجوز لنا السكوت عنه، وبلادنا قادرة وبكل الطرق على حماية أبنائها، وإراقةُ الدماء لن تكون الطريقة المثلى لفرض سياسات الأمر الواقع».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here