جزائريون يتحرّشون بالكورونا ويستقوون عليه بالشمس

13

لم تتمكن صور الرعب والهلع الذي تعيشه عشرات البلدان أغلبها متطوّرة ومتقدمة عبر العالم، من زرع الخوف في نفوس الجزائريين الذين أدمنوا في السنوات الأخيرة تحويل كل الأهوال والمخاطر إلى مصدر للتنكيت والتحدي، في صور لامبالاة تقهر الكورونا في حد ذاته كفيروس اكتسح العالم ولا يزال الجزائري يواجهه باللامبالاة والسخرية، الممتدة إلى التحرش به، بالابتعاد عن أدنى إجراءات الوقاية ومستقويا عليه بدرجات الحرارة المرتفعة.

لا حديث هذه الأيام ومنذ التصريح بتسجيل الحالات الأولى للمصابين بفيروس كورونا، إلا عن هذا الوباء الذي فشل في إدخال الخوف في قلوب أغلبية الجزائريين، رغم حالة الطوارئ المعلنة عبر العالم وفتكه بمئات الأرواح عبر مختلف الدول حتى تلك المصنفة ضمن البلدان المتقدمة على جميع المستويات.

موجة السخرية والتنكيت انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل طرق الفيروس لأبواب الجزائر، لتزداد حدته بعد دخوله، خصوصا بعد الاستثمار اللاأخلاقي في القضية من طرف التجار والصيادلة الذين رفعوا من أسعار وسائل الوقاية كالمحلول الكحولي المضاد للجراثيم وكذا الكمامات التي أصبح الحصول عليها لمن استطاع إليها سبيلا، من حيث ارتفاع أسعارها وندرتها.

وليذهب الجزائري بعيدا في تحديده وتحرّشه بالكورونا، باستمراره بالخروج في المسيرات التي تحوّلت من أسبوعية إلى يومية تقريبا من دون أدنى إجراءات وقائية، وكأنه يبحث عن الفيروس في أركان وشوارع المدن، لتأخرها عن الوصول إليه بمقر سكناه، مستقويا على كورونا بالعناية الإلهية ودرجات الحرارة المرتفعة التي لا يستطيع الفيروس الصمود تحتها.

التحدي اقتدت به حتى النسوة اللواتي كن في الموعد احتفالا بعيدهن العالمي، حيث اكتظت القاعات التي نظمت حفلات بالمناسبة وكذا المطاعم والحدائق العمومية، بشكل جعل القائمين على حملات التوعية والتحسيس، يصابون بالخيبة.

الشجاعة المتنزّلة بجرعات زائدة لدى الأغلبية، لم يكن للجميع نصيب منها خصوصا الذين يقطنون بالمدن وبوجه التحديد تلك القريبة من مدينة البليدة التي ظهر بها الفيروس أول مرة، حيث ألزمهم الرعب منازلهم وألبسهم لباس الحشمة من قفازات وستار للنسوة، وتغيير مسار وعادات الرجال، الأولياء منهم خصوصا.

وبولاية تيزي وزو حدثت واقعة طريفة حيث استقدمت إحدى العائلات متوفيا بفرنسا قصد دفنه بمسقط رأسه، ليتفاجأ مرافقوه من فرنسا بتواجدهم وحدهم في بيت العزاء الذي غادره حتى القاطنون به، حيث رفض المعزون حضور الجنازة وتقديم العزاء لأهل الفقيد، خوفا من حملهم للفيروس، إذ أصبح المغتربون غير مرحب بهم، خصوصا وأن من استقدم “مرعب العالم” إلى الجزائر، مغترب قدم من فرنسا.

ورغم عدم وعي الأغلبية بخطورة الفيروس ومدى فتكه بالأرواح، تبقى الحيطة والحذر وأخذ الأمر محمل الجد، أمرا ضروريا وملحا.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here