حراك الجزائر قبل أسبوع من عامه الأول

55

قبل أسبوع من الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الحراك الشعبي في الجزائر، يعود الشارع لتأكيد الزخم الشعبي من حيث أعداد المتظاهرين في المسيرات الأسبوعية الأخيرة، كل جمعة، وسط تمسك عميق بالمطالب المركزية التي أعلن عنها المتظاهرون منذ 22 فبراير/ شباط 2019، كما تعكسه الشعارات التي يرفعونها.

وخرج الآلاف اليوم في مسيرات احتجاجية أخيرة قبل أن يطوي الحراك سنته الأولى، وسط العاصمة، وغصت الساحة القريبة من البريد المركزي وشارع ديدوش مراد بالمتظاهرين، قبل وصول ثلاث كتل أخرى من المتظاهرين قدموا من حي باب الواد الشعبي وحي الحرش، ومسيرة ثالثة قدمت من ساحة أول مايو. وجدد المتظاهرون رفض وقف الحراك حتى تحقيق الأهداف التي خرج لأجلها الجزائريون منذ العام الماضي، وكتب على إحدى اللافتات شعار “ويستمر النظام، ويستمر النضال”، وأخرى “مستمرون حتى تحقيق التغيير”، و”نحن شعب لا نرجع لغير الله”. وغلبت اليوم بشكل لافت شعارات ترفض تدخل الجيش والأجهزة الأمنية في الشأن السياسي مع المطالبة باستقلالية العدالة، وهتف المتظاهرون باسم النائب العام بمحكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائرية أحمد بلهادي، بعد موقفه الرافض لأي ضغوط وقرارات فوقية في قضية معتقلي الحراك الشعبي، ما كلفه نقله إلى محكمة جنوبي الجزائر.

وقال الناشط محمد خيواني إن “موقف النائب العام مشرف”، موضحاً أن “هذا أحد أبرز مطالب الحراك وسبب مركزي من الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحراك قبل سنة”.

وعلى الرغم من نجاح الحراك الشعبي في إطاحة نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، ومنع تحقيق توليه العهدة الرئاسية الخامسة، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس جديد للبلاد واعتقال عدد مهم من كبار المسؤولين في السلطة السابقة ورجالات الكارتل المالي، إلا أن الحراك الشعبي ما زال يعتبر أن المطالب المركزية والتغيير الحقيقي لم يتحققا بعد في البلد، خاصة بعد فرض السلطة والجيش لمسار دستوري انتهى بانتخابات رئاسية شهدت مقاطعة كبيرة.

وشاركت في مسيرات اليوم قيادات من أحزاب “الكتلة الديمقراطية” كعلي العسكري، وحكيم بلعسل من “جبهة القوى الاشتراكية” ومحسن بلعباس رئيس “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، وعدد من قادة التنظيمات المدنية، وغلبت فيها شعارات كتب عليها “مدنية وليس عسكرية ” في سياق رفض الحراك تدخل الجيش في الخيارات السياسية للجزائريين.

وأكد الناشط حسين بزينة أن “الجزائريين ما زالوا يعتبرون أن الجيش والجهاز الأمني يلعبان دوراً في تحديد الخيارات وصناعة القرار السياسي والتدخل في قرارات العدالة والضغط على الإعلام”، معتبراً أن “الذكاء والشعور الجمعي للجزائريين يؤكدان أن العوامل المتدخلة في الواقع السياسي لم تتغير، والدليل على ذلك استمرار الاعتقالات واستمرار حبس ناشطين دون مبرر منطقي”. ورفعت في السياق صور ناشطين ما زالوا قيد الاعتقال ككريم طابو وفوضيل بومالة وغيرهما.

وتجددت المطالبات الشعبية اليوم بحل حزبي السلطة “جبهة التحرير الوطني”، و”التجمع الوطني الديمقراطي”، ويعتبر المتظاهرون الحزبين مجرد أجهزة سياسية وواجهات مدنية كانت تغطي على فضائح النظام وفساده المالي والسياسي، وخاصة بالنسبة إلى الجبهة التي يطالب الجزائريون بسحب تسميتها من الساحة السياسية باعتبارها ملكاً تاريخياً مشتركاً كجبهة قادت ثورة التحرير.

ونشرت السلطات قوات كبيرة من الشرطة في العاصمة لمراقبة المظاهرات، وحدثت مناوشات طفيفة بين مجموعات من الشرطة والمتظاهرين تم احتواؤها بشكل سريع منعاً لتطورها، خاصة أن الناشطين في الحراك يحاولون استيعاب ما يعتبرونه “استفزازاً” من قبل قوات الشرطة التي تعمد إلى غلق بعض الممرات والشوارع دون مبرر. ويتوقع مراقبون أن تعمد السلطات إلى زيادة وتعزيز الانتشار الأمني في العاصمة والمدن الكبرى قبيل الجمعة المقبلة التي تصادف السنة الأولى للحراك. وشهدت 42 محافظة من مجموع 48 محافظة بالجزائر مظاهرات شعبية اليوم الجمعة، وكانت أبرزها مظاهرات تيزي وزو وبجاية في منطقة القبائل، وقسنطينة وعنابة شرقي الجزائر.

واحتفى المتظاهرون في مدينة تلمسان غربي الجزائر بالناشطة في الحراك الطلابي والمعتقلة التي أفرج عنها أمس الخميس نور الهدى عقادي، والتي أكدت أن السجن لم يغير في موقفها وأنها متمسكة بمواصلة النضال في الحراك لحين تحقيق مطالب الحراك الشعبي وإطلاق مسار ديمقراطي وتحرير البلاد من الهيمنة السياسية. ودعت الناشطة الجزائريين إلى الاستمرار في هذه الحركة النضالية وعدم الاستسلام للأمر الواقع.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here