أفريقيا برس – الجزائر. جدّد رئيس الوزراء الفرنسي سباستيان لوكورنو، مساء الثلاثاء، رفضه لإلغاء اتفاقية عام 1968 مع الجزائر، مفضلاً إعادة التفاوض بشأنها في أسرع وقت ممكن، بدلا من إنهائها بالكامل.
وردا على سؤال من زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان، التي تعتبر التصويت على إلغاء الاتفاق انتصارا تاريخيا، أكد لوكورنو خلال جلسة في الجمعية الوطنية، معارضته لنهجها بهذا الخصوص، وفقا لفرانس 24.
وقال لوكورنو مخاطبا لوبان: “أتفق معك حيال مسألة احترام سيادة الجزائر وحكوماتها ومهما كانت اختلافاتنا يجب أن نكون قادرين على الانخراط في حوار جاد ويحمي مصالحنا”.
وأضاف: “بخصوص الجدول الزمني نعلم أن هذه القضايا تستغرق وقتا لذا يجب أن تبدأ مرحلة إعادة التفاوض في أقرب وقت ممكن”، مقترحا العودة إلى اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين لعام 2022، التي “أقرت بضرورة إعادة التفاوض حول هذا الاتفاق”.
وأوضح أن الأمر يتجاوز ملف الهجرة، وأن العديد من القضايا تتطلب اهتماما سريعا، مردفا: “يجب الانطلاق من مصالحنا الأوسع، فالمسألة لا تتعلق فقط بالهجرة”، في إشارة صريحة إلى حاجة بلاده إلى التعاون مع الجزائر في عدة قضايا شائكة.
وفي وقت سابق، وتحديدا بعد التصويت على إلغاء الاتفاقية، قال لوكورنو في تصريحات صحفية، معربا عن رفضه لذلك الإجراء رغم رمزيته: “لقد صرّح رئيس الجمهورية مرات عدة بأنه يجب أن تنطلق العلاقة مع الجزائر من مصالحنا الخاصة قبل أي شيء”.
وبينما يدفع اليمين الفرنسي نحو إلغاء الاتفاقية باعتبارها “امتيازاً غير مبرر” للجالية الجزائرية، ترى دوائر أكثر اتزاناً داخل الدولة الفرنسية أن هذا التوجه لا يخدم لا مصالح فرنسا ولا علاقاتها مع الجزائر، وتفضّل اعتماد مقاربة واقعية تعترف بثقل الشراكة بين البلدين وضرورة صون الإطار القانوني المنظم لوجود الجزائريين في فرنسا.
ووفق تقارير إعلامية فرنسية، فإن أسباب رفض الوزير سيباستيان لوكورنو ومسؤولين آخرين داخل الحكومة لفكرة الإلغاء الكامل تعود، في جوهرها، إلى اعتبارات عملية ودبلوماسية تتعلق أيضاً باحترام التزامات فرنسا تجاه الجزائر:
ـ تفادي فوضى قانونية تمس مئات الآلاف من الجزائريين
إلغاء الاتفاقية من دون بديل واضح يعيد وضع الجزائريين في فرنسا إلى ما قبل 1968، أي قبل تنظيم الهجرة بشكل دقيق. وهذا يعني غياب إطار قانوني مستقر يضمن حقوق الإقامة والعمل، ما قد يخلق حالة اضطراب كبيرة ويضر باستقرار جالية تعتبر جسرا بشريا وثقافيا بين البلدين.
ـ الحفاظ على إطار قانوني قابل للتطوير وليس الهدم
الاتفاقية، التي خضعت لثلاثة تعديلات سابقة (1985، 1994، 2001)، تُعد بالنسبة لكثيرين في باريس وثيقة مرنة يمكن تحديثها بما يتماشى مع التحديات الراهنة، بدلا من نسفها بشكل أحادي.
وهذا الاعتراف بإمكانية التعديل يعكس تمسكا بالإطار القائم الذي يُنظر إليه في الجزائر باعتباره جزءا من الترتيبات التاريخية بين البلدين.
ـ تجنب صدام دبلوماسي مع الجزائر
ترى الحكومة الفرنسية أن الإلغاء المفاجئ لاتفاق بهذا الوزن سيُفسَّر في الجزائر كخطوة عدائية قد تفاقم التوترات القائمة أصلاً. لذلك تميل باريس إلى خيار إعادة التفاوض باعتباره “إشارة حسن نية” تسمح بخفض منسوب التوتر وفتح المجال لحوار هادئ، يراعي مصالح الجزائر ويجنب المنطقة أزمة دبلوماسية جديدة.
يذكر أن وزير داخلية فرنسا لوران نونيز، وجّه يوم السبت 1 نوفمبر الجاري، رسالة واضحة إلى الطبقة السياسية في بلاده، محذّراً من اعتماد نهج “ليّ الأذرع” و”الأساليب العنيفة” في التعامل مع الجزائر، لأنه لا يجدي نفعا.
وجاءت تصريحات لوكورنو، غداة كشف الرئاسة الجزائرية، تلقي الرئيس عبد المجيد تبون رسالة تهنئة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمناسبة الذكرى الـ 71 لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة.
وفي مقابلة مع صحيفة leparisien، أكّد نونيز أن النهج المتشدّد الذي تبنّاه بعض السياسيين الفرنسيين خلال الأشهر الماضية، لم يحقق أي نتيجة، وأدى بالعكس إلى قطع قنوات التواصل بالكامل بين البلدين، في وقت تحتاج فيه فرنسا إلى تعاون وثيق مع الجزائر، خصوصاً في ملفات الهجرة والأمن ومكافحة الإرهاب.
وجاءت تصريحات نونيز بعد أيام من إقرار برلمان بلاده نصا غير ملزم قدمه “التجمع الوطني” من أقصى اليمين، يدعو إلى إلغاء الاتفاقية الجزائرية الفرنسية لعام 1968، والتي تمنح امتيازات للمهاجرين الجزائريين، ترفضها جهات سياسية في باريس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





