سباق مع الزّمن لإنقاذ الجزائريين من كورونا

7
سباق مع الزّمن لإنقاذ الجزائريين من كورونا
سباق مع الزّمن لإنقاذ الجزائريين من كورونا

افريقيا برسالجزائر. يجهل أغلب الجزائريين المشقة الكبيرة التي يتحملها جميع المستخدمين والعمال في قطاع الصحة وبقية القطاعات لتأمين وصول اللقاح المضاد لكورونا إلى جميع الولايات في بلد بحجم قارة مثل الجزائر، حيث يقطع هؤلاء مسافات طويلة ليلا للظفر بحصتهم، كما يتجند عديد المسؤولين والمستخدمين لساعات متأخرة، كل في منصبه للسهر على ضمان فعالية اللقاح وصلاحيته ووصوله آمنا فعالا لمستحقيه.

“الشروق” زارت مصلحة التموين بلقاح كورونا على مستوى معهد باستور الجزائر ودخلت غرف التبريد التي يحفظ بها في درجة حرارة تقل عن العشرين درجة ووقفت على معاناة الأعوان المكلّفين بتحضير الطلبيات ورافقتهم في ذلك ضمن أجواء نقلتنا إلى القطب المتجمد…

بسكرة تستلم 750 جرعة من لقاح كورونا

كانت الساعة تشير إلى حدود الثامنة صباحا بالقرب من معهد باستور.. حركية كثيفة أمام المديرية التجارية ومديرية التموين لتزويد الولايات بحصتها من لقاح كورونا وتعزيزات أمنية من قبل مصالح الدرك الوطني لمرافقة الطلبيات..

ممثلو ولاية بسكرة كانوا في الموعد مع الصباح الباكر.. حضروا بعد مسيرة 7 ساعات ليلا، كما أكده لنا بورزان سليم المكلف بتسيير المواد الصيدلانية على مستوى مديرية الصحة بولاية بسكرة، حيث كانت انطلاقتهم في حدود منتصف الليل نحو العاصمة على متن شاحنة مبردة لاستلام الحصة المخصصة للولاية من اللقاح والمقدرة بـ750 جرعة.

ولدى وصولهم إلى معهد باستور قام الوفد بكافة الإجراءات الإدارية وانتظر تجهيز طلبيته وفق ما يحدده البرنامج الوزاري المسطر في مرحلته الأولية.وتحدّث بورزان عن تجهيز كافة الإجراءات والاستعدادت لمباشرة عملية التلقيح لفائدة مستخدمي الصحة وذوي الأمراض المزمنة على مستوى ولايته وعن توفير كامل اللوجيستيك لذلك.

وجدّد بورزان نداء الحيطة والحذر لجميع المواطنين بأهمية اتباع إجراءات الوقاية من الفيروس وعدم التراخي فيها حتى مع تحسن الوضعية الوبائية واستقرارها.

غرف تبريد حفظ اللقاح تنقلك إلى برد روسيا

ليس سهلا أبدا أن تدخل غرف تبريد تقل درجة حرارتها عن 20 درجة وتمكث فيها وقتا لتحضير طلبيات الولايات ووضعها في علب خاصة.. هذا ما وقفنا عليه خلال معايشتنا لتجربة الأعوان المكلفين بالعملية.. حيث عايشنا عن قرب صعوبة ما يقوم به أزمور جمال وذبابحة عمر المكلفان على مستوى المعهد بتحضير وتسليم الطلبيات..

البداية كانت في الغرفة رقم 5 أثناء تحضير جمال وعمر نفسيهما وارتداء لباس خاص يحميهما من البرد وقفازات وكذا قبعات لحماية الرأس من البرد الشديد الذي يتعرضان له داخل الغرفة وبعدها أخذ كل واحد منهما علبا خاصة يصففان فيها جرعات اللقاح حيث تضم كل علبه 120 جرعة.

وبسرعة شديدة فتح الباب ودخلا على عجل لتحضير الطلبية وبعد دقائق خرج جمال لاسترداد أنفاسه وهو في حالة تعب شديد لما واجهه من البرد بالداخل ليتبعه عمر الذي بالكاد كان يستطيع التنفس.. استغرق الوضع بعض الوقت لعودتهما إلى حالتهما الطبيعية ليتم تكرير العملية مجددا مع الحرص على عدم البقاء داخل الغرفة لأكثر من 10 دقائق…

الثلج المتفحم لتعزيز حماية اللقاح والحفاظ على برودته

وبعد الانتهاء من وضع كامل الجرعات في علبها قام العونان بإضافة الثلج المفحم وغلقها بإحكام بواسطة شريط لاصق للمحافظة على برودتها تحسبا لأي خلل قد يحدث وكذا أثناء نقلها من غرف التبريد إلى المركبة التي تنقلها نحو وجهتها والتي تتوفر هي الأخرى على غرف تبريد مضبوطة على درجة حرارة -20.

ويتحمل الأعوان المكلفون بالدخول إلى غرف تبريد-20 برودة شديدة تنقلهم في لحظات إلى القطب المتجمد، ما يعرضهم إلى صعوبات تنفسية شديدة.

كل ثانية لها قيمتها والخطأ ممنوع

وقدّمت لنا مديرة التموين بمعهد باستور شروحات مستفيضة عن عمل فرقها منذ بداية استقبال لقاح سبوتنيك v الروسي، إلى غاية حفظه في غرف التبريد، حيث قالت “عند وصول اللقاح كان العمال يعرقون وهم يسرعون في نقل الكميات المستقبلة لوضعها في غرف التبريد دون أن يلحق بها أي ضرر.. كل ثانية لها قيمتها والخطأ ممنوع فهذا ما يحرص عليها العمال والموظفون سواء مع لقاح كورونا أو مع بقية اللقاحات.. الجميع يعمل ليل نهار حتى في العطل الأسبوعية للحرص على سلامة اللقاح”.

اطمئنوا.. نسهر على ضمان صلاحية اللّقاح ووصوله آمنا لمستخدميه

وقالت بن قدادرة إنّ اللقاح ليس أقراص دواء، بل هو منتج بيولوجي يحتاج إلى عناية خاصة في النقل والتخزين والحفظ والتعليب يتم احترامها بشكل صارم على مستوى المعهد والمؤسسات الصحية، حيث تم إعلام وتكوين جميع المستخدمين في المعهد دون استثناء بكيفية التعامل مع مختلف اللّقاحات سواء التي تم جلبها أو التي لم يتم جلبها وذلك فيما يخص شروط الحفظ والنقل والتحسيس بأهمية الحرص في التعامل معها.

وتحدثت مديرة التموين عن المجهودات الكبيرة التي يقوم بها جميع العمال كل على مستواه في غرف التبريد وفي المخزن وفي النقل وكذا الأمن وغيرهم لدينا مراقبة وحراسة 24 ساعة على 24 ساعة، تحسبا لأي طارئ قد يحدث.

وأثنت مديرة التموين على مستوى الحرص واليقظة لجميع العمال في الميدان وفي المؤسسات الصحية الجوارية بالولايات كاملة فبفضلهم كما قالت استطعنا القضاء على العديد من الأمراض مثل الدفتيريا والبوحمرون والشلل وذلك لتحسيسيهم بأهمية التلقيح وحرصهم على حفظه في ظروف جيدة، فالسلسلة فعالة بشكل كامل من معهد باستور إلى غاية المؤسسات الصحية الجوارية.

وطمأنت المسؤولة كل الجزائريين بسهر جميع المصالح المعنية على إيصال اللقاح في شكله الأصلي والفعال لحمايتهم من خطر الوباء القاتل. وأشارت بن قدادرة أنّ المعهد حضّر نفسه منذ شهر جويلية الماضي لاقتناء اللقاح وتابع المنشورات العلمية والمستجدات الخاصة بكل مخبر.

كاميرات ونظام إنذار لتعزيز إجراءات المراقبة

زوّد معهد باستور مخازنه بنظام إنذار إضافة إلى الفرق المكلفة بالمراقبة لمتابعة مسار اللقاح والتحذير من أي انخفاض في درجة الحرارة على مستوى غرف التبريد، بالإضافة إلى كاميرات مراقبة في كامل المديرية وكذا في المخازن وداخل غرف التبريد ذاتها وخارجها يتابع تطوراتها أعوان الأمن المكلفون برصد كافة المستجدات وإعلام المسؤولين بها في حينها، فاللقاح، كما تقول مديرة التموين، ليس مادة يمكن التساهل في التعامل معها، ويحتاج إلى لوجيستيك خاص بعيدا عن المصلحة الخاصة الضيقة.

وتساعد الكاميرات في العودة إليها في حال وقوع حادث معين أو انخفاض في برودتها وكذا مراجعة البروتوكول الخاص بالتعامل معها إذا ما سجلت أي أخطاء فيها أو لحق بها أي ضرر، فوجودها ليس لمتابعة السرقة فقط وإنما يهدف أيضا لمتابعة حالتها وكيفية الحفاظ والتعامل معها.

مولّدات ومثبتات للتيار الكهربائي للحفاظ على درجات البرودة

وحضّر معهد باستور نفسه لكافة الاحتمالات المتعلقة ببعض حوادث انقطاعات التيار الكهربائي، حيث يمتلك مولدات كهربائية تم صيانتها ومراقبتها بالإضافة إلى “مثبتات” للتيار الكهربائي بغية الحفاظ على استقرار التيار الكهربائي في حال وجود تغييرات، وذلك من أجل ضمان استقرار في درجات برودة اللقاح وتفادي أي تذبذب قد يلحق بها، كما أشارت إليه بن قدادرة زوليخة.

وإلى جانب كل ذلك يوجد أيضا فرق صيانة ميدانية للتدخل في الوقت المناسب وإصلاح الخلل في لحظته، حيث قالت المتحدثة “نسهر على متابعة كل صغيرة وكبيرة حتى خارج أوقات العمل فهواتفنا مفتوحة لاستقبال اتصالات الزملاء المناوبين في كل لحظة حتى ليلا ولا يحق لنا التماطل في الرد أو رفض أي مكالمة، مهما كان الظرف أو الوضع”.

وأضافت “حرصنا الكبير في المعهد ينصب على توفير اللقاح وتسليمه في حالة جيدة جدا، حفاظا على الصحة العمومية للمواطنين ولا يحق لأي عامل في المعهد التهاون في ذلك، فالجميع واعون بالمسؤولية الواقعة على عاتقهم”.

تسجيل مسار اللقاح من المصنع إلى الاستخدام

وأفادت مديرة التموين بن قداردرة زوليخة أنّ مسار اللقاح مسجل بشكل كامل من لحظة تعليبه في مصنعه إلى غاية استخدامه.

وأوضحت قائلة “حضر معهد باستور شاحناته لنقل اللقاح واعتمد الفرق التقنية التي انتقلت إلى المطار لتسجيل منحنيات البرودة ومراقبة اللقاح ومعاينته، وتم نقلها إلى معهد باستور في ظل مرافقة أمنية مشددة وعند وصوله إلى المعهد تم مراقبة درجة بردته مجددا وحوّل مباشرة نحو غرف التبريد الخاصة بعد إخراجه من الحاويات الكبيرة التي تحمل بداخلها أيضا مسجلات لكامل مسار اللقاح من لحظة إنتاجه في مصنعه بروسيا ووضعه داخل الحاوية إلى لحظة إخراجه منها ووضعه في غرف التبريد للمعهد.

ويفيد هذا النظام في متابعة معدلات البرودة ومقارنتها مع المنحنيات العلمية الأصلية الواردة من المنتج ومدى تطابقهما، حيث قالت بن قدادرة “الحمد لله وجدنا كل الجوانب على حالها ولم يلحق بها أي ضرر أو تغيير”.

20 ولاية استلمت لقاح “سبوتنيك”

وأكدت زوليخة بن قدادرة مديرة التموين على مستوى معهد باستور، في تصريح للشروق، أنّ 20 ولاية إلى غاية الآن استلمت لقاح كورونا ويتعلق الأمر بالولايات الأكثر تضررا من التلقيح وأفادت المتحدثة أنّ مديرية الوقاية تراسل المعهد بخصوص برامج التسليم وعدد الجرعات ونوعية اللقاح المقدم بالنظر إلى تنوع اللقاحات وفق الاستراتيجية الوطنية لوزارة الصحة.

وأوضحت بن قدادرة أنّ الولايات العشرين المعنية بالبرنامج الأولي للوزارة استلمت حصتها جميعا، آخرها ولاية بسكرة، على أن يتم استئناف العملية مع برنامج جديد متمم لبقية الولايات أو معزّز للكميات السابقة.

وأضافت المتحدثة أن الطلب كبير والتسليم يتم بشكل تدريجي حسب الوفرة مشيرة إلى أن عملية التوزيع تتواصل طوال السنة ويتكفل المعهد بتقديم كافة الجرعات في حين استلامها.

معهد باستور جاهز لاستقبال لقاحات بدرجة 80 تحت الصفر

صرّحت زوليخة بن قدادرة أن معهد باستور جاهز لاستقبال لقاحات تتراوح درجة حرارتها بين 2 إلى – 80 درجة، حيث عزّز إمكانياته وتجهيزاته بأحدث الوسائل الملائمة لهذه اللقاحات المطورة، وأوضحت مسؤولة التموين أن المعهد قام بفحص وصيانة جميع إمكانياته ومعداته واقتنى بعض الثلاجات الجديدة للحفظ في درجة حرارة -80 إذا قررت السلطات اقتناء لقاحات تتطلب هذه الشروط من التخزين… وجددت المسؤولة التذكير أنه مهما كانت القرارات التي تتخذها اللجنة العلمية فإن معهد باستور جاهز لتطبيقها لأنه عمل منذ شهر جويلية على هذا الملف جيدا ويتواصل مع تلك المخابر سواء المعتادة أو الجديدة.

وأردفت المسؤولة أنّ كل لقاح يخضع للحفظ حسب شروطه ومكوناته، حيث استفادت 20 ولاية عبر الوطن من لقاحات سبوتنيك على أن يتم مباشرة توزيع لقاحات استرازينيكا في القريب العاجل.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here