سفير فرنسا السابق: بالغت بـ”الجزائر ستنهار”

10
سفير فرنسا السابق: بالغت بـ”الجزائر ستنهار”
سفير فرنسا السابق: بالغت بـ”الجزائر ستنهار”

أفريقيا برس – الجزائر. تحدث السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريونكور، لأول مرة عن مقاله المثير للجدل الذي تنبأ فيه بانهيار الجزائر، معترفا أنه بالغ قليلا في توقعاته، لكنه بقي مصرا على أن الجزائر سيبقى البلد الوحيد الذي يمثل جزءا من السياسة الداخلية الفرنسية وليس فقط رهانا خارجيا أو دبلوماسيا.

وقال دريونكور في حوار مع إذاعة الجنوب في فرنسا (وسيلة إعلامية معروفة بتوجهها اليميني)، عندما سئل عن مقاله الأخير على جريدة “لوفيغارو”، إن ما دفعه للكتابة والتنبؤ بمصير الجزائر، هو معايشته للأوضاع خلال فترة الحراك الشعبي، والتي شهدت مسيرات ضخمة لمدة عام، لا يمكن تصور وقوعها في فرنسا، حسبه، “إذ يكفي خروج 50 ألف شخص حتى تغلق باريس”.

وأضاف أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نفسه خلال تلك الفترة، حدثه عن 13 مليون متظاهر، لكن آمال هؤلاء بقليل من الديموقراطية، وفق السفير، اضمحلت مع الوقت، ولم يعد هناك حرية تعبير فالصحف المعروفة باستقلاليتها تعيش ضائقة مالية وأخرى أغلقت أبوابها، بينما استعادت المؤسسة العسكرية سلطتها، حسب كلامه.

وأبرز السفير أنه بنى مزاعمه بانهيار الجزائر، على أساس أن كل تلك الجموع المطالبة بالحرية تم وضع ما يشبه السقف الحديدي فوقها وهو ما سيؤدي إلى الانفجار. لكنه استدرك بالقول: “ربما مصطلح الانهيار مبالغ فيه، لكن الجزائريين كرهوا الوضع، وبحكم الروابط مع فرنسا الناس يبحثون المجيء إلى هنا”، مشبها العلاقة بين الجزائر وفرنسا مثل الساعة الرملية، ما يجعل الجزائر حسبه البلد الوحيد الذي تعد مسائله جزءا من السياسة الداخلية الفرنسية، وهو أمر فريد من نوعه -يضيف- فحتى ألمانيا التي نريد أن تكون لنا علاقات قوية معها ليس لها هذا البعد الداخلي في فرنسا.

ويرى السفير السابق، أنه “بعد 60 عامًا من الاستقلال، لا تزال الجزائر هذا البلد الذي استعمرناه لمدة 132 عامًا، مجهولة ولا نعرف عنها سوى القليل جدًا”، لافتا إلى أن بين البلدين “تقاربا جغرافيا (مارسيليا تبعد عن الجزائر 800 كيلومتر فقط)، هناك أقدام سوداء، هناك حركة، هناك مهاجرون من الأجيال الأولى والثانية والثالثة، لا يزال هناك مليون ونصف جندي فرنسي قاتل في الحرب الجزائرية وعلى السلطات العامة أن تأخذ في الحسبان كل هذه الحساسيات”.

وزعم دريونكور أنه بحكم العلاقة مع فرنسا “هناك 45 مليونا أو لنقل 42 مليون جزائري يريدون القدوم إلينا، فقد قيل لهم الكثير عن فرنسا منذ طفولتهم لدرجة أنهم يريدون معرفة فرنسا أو اكتشافها، بينما آخرون يريدون المجيء والاستقرار”. واستطرد بالقول: “لكن السؤال هو لماذا كل هؤلاء الناس يريدون مغادرة بلادهم؟ هذا البلد يجب أن يكون “كاليفورنيا” أفريقيا، هناك المناخ والبحر الأبيض المتوسط ​​والجبال والنفط والغاز، والقرب من أوروبا”.

وتستقبل تحليلات دريونكور، على الرغم من أنه لم يعد لديه أي منصب، بكثير من الغضب في الجزائر، لكونه يبدو حسب كثيرين متحاملا ومتبنيا لنظرة يمينية كان يبدي عكسها عندما عمل سفيرا على فترتين بالجزائر من 2008 إلى 2012، حيث كان التوتر هو السائد في رئاسة نيكولا ساركوزي لفرنسا، ومن 2017 إلى 2020 بعد وصول إيمانويل ماكرون للرئاسة. وبات هذا الدبلوماسي، يقدم في الإعلام الفرنسي على أنه واحد من أكثر العارفين بخبايا هذه العلاقات، ومما زاد في طلب خبرته نشره السنة الماضية، كتابا بعنوان “اللغز الجزائري” يرصد فيه يومياته في الجزائر.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، نفسه، قد رد عليه بشكل غير مباشر مؤخرا، قائلا إن بلاده لن تنهار رغم كيد الأعداء، مشيرا إلى أن الوضع الاجتماعي للجزائريين سيتحسن في سنة 2023 بفضل الزيادات المقررة في الأجور والمعاشات ومقدما بعض النجاحات في المجال الاقتصادي. وكان أول من رد عليه، رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل الذي يعد دستوريا الرجل الثاني في الدولة الذي وصفه ببقايا الاستعمار، بينما كتب وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي ردا موسعا وصف فيه دريونكور بأنه يحمل حقدا على الجزائر، وهو بذلك يكسر التقاليد المتعارف عليها في المجال الدبلوماسي، إذ ليس معقولا حسبه أن تكون السفير الذي زاول أطول مدة في الجزائر وتمتلك إزاءها هذا الشعور، وفق ما قال.

وفي مقاله المثير للجدل على صحيفة “لوفيغارو، انتهى دريونكور إلى خلاصة مفادها أن الجزائر ستبقى مشكلة بالنسبة لفرنسا، فهي تنهار، حسبه، لكنها قد تجرّ باريس معها. وختم بأن الجمهورية الرابعة (أطاح بها ديغول سنة 1958) ماتت في الجزائر، فهل تستسلم الجمهورية الفرنسية الخامسة بسبب الجزائر؟ وسبب هذه النتيجة التي توصل إليها، أن هناك تحالفا، حسبه، بين جيش مناهض لفرنسا في الجزائر والإسلاميين، حيث يشترك الاثنان في كراهية فرنسا، والإرادة القوية للقضاء على بقايا الاستعمار لغويا وثقافيا، مع جعل فرنسا تدفع ثمن ماضيها الاستعماري، من خلال الهجرة والاعتذار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here