عدد الإصابات في الجزائر قد يتجاوز 20 ألف حالة في 15 أفريل

72

انتقد البروفيسور “حكيم جاب الله” عالم الفيروسات الجزائري ورئيس معهد باستور في كوريا الجنوبية سابقا، الطّريقة التي يتم التّعامل بها في الجزائر، وقال في حوار مع “الشروق” عبر الهاتف، إنّ الأرقام المعلنة عن الإصابات في الجزائر وفي كل بلدان المغرب العربي، لا يمكن أن تكون حقيقية، بسبب قلة عمليات الفحص التي يجريها معهد باستور، وطالب البروفيسور حكيم جاب الله الجمعية التي يرأسها بوناطيرو بكشف تركيبة الدّواء الذي زعموا اختراعه، مؤكدا أن الأمر يدخل في سياق الدّجل، وأن أشباه بوناطيرو غالبا ما يظهرون فجأة في كل الدول عندما تكون هناك أزمات صحية.

في البداية؛ ماذا تتوقع في قادم الأيام على صعيد انتشار وباء فيروس كورونا في الجزائر؟
الوباء وصل إلى الجزائر بعد أسبوعين من ظهوره في بلدان شمال البحر الأبيض المتوسط، وتحديدا إيطاليا وفرنسا وأسبانيا، لكن المشكل الذي نواجهه في الجزائر هو قلة عمليات الكشف عن الإصابة بالفيروس، فمعهد باستور بالعاصمة يقوم بتسعين عملية كشف في اليوم، وهذا الرقم قليل جدا، وليس في مستوى التهديد الذي نواجهه، لذلك أنا أتوقع على ضوء ما يحدث، أن أعداد الإصابة سترتفع إلى نحو 20 ألف إلى 30 ألف إصابة في 15 أفريل الدّاخل، وأنا أعتقد أن إجراءات الحجر الجزئي التي أقرتها السّلطات العليا لا تساعد في الحد من انتشار الفيروس، وكمختص في الفيروسات لم أفهم هذا الإجراء، يعني لما تترك حرية التنقل والخروج للناس خلال النهار، ثم تمنعها خلال الليل، وكأنك تقول لهم اخرجوا لتصابوا بالفيروس وعودوا به إلى بيوتكم وعائلاتكم…أنا أقول هذا الإجراء ليس له معنى بل يشكل خطرا على سلامة المواطنين.

أنا فعلا خائف على الجزائر، تصوّر إذا وصلنا إلى 20 أو 30 ألف حالة إصابة في الجزائر، عندها قد يكون الوضع أسوأ من إيطاليا، لأن هذه الأخيرة لديها منظومة صحية متقدمة، وتتمتع بإمكانيات كبيرة، ومع ذلك لم تستطع التحكم في الوضعية بسبب الإصابات المتزامنة، وقوة الضغط على المؤسسات الصحية، لذلك أطلبمن المسؤولين في معهد باستور فتح المجال أمام القطاع الخاص للقيام بعمليات الفحص، لا معنى لأن يحتكر المعهد عمليات الفحص بالإمكانات المتواضعة التي لديه… لتخرج الجزائر من الأزمة لا بد من إجراء 20 ألف فحص يوميا، وإذا لم يحدث هذا فأنا أتوقع حدوث مشكل كبير.

لكن هناك من يستند إلى نقص الإصابات والوفايات في المغرب العربي وأفريقيا بشكل عام، ويقول بأن المناخ الدافيء لا يساعد على انتشار الفيروس…هل تتوقع أن تساهم التغيرات الجوية، ونحن في الربيع ومقبلون على فصل الصيف في الحد من انتشار الفيروس؟
دعني أقول لك أن فيروس covid 19، وكل عائلة فيروس كورونا ليس له أي علاقة بالجو ودرجة الحرارة، في هذا الوقت الذي أكلمك فيه تبلغ الحرارة في بلدان مثل ماليزيا وهونكونغ وأندونيسيا، 40 درجة مئوية، ومع ذلك ينتشر فيها الفيروس، وأنا أتابع الكثير من الناس يعطون معلومات خاطئة، ولا تساعد في الحد من انتشار الفيروس، وهو ما فعله وزير الصحة الجزائري…إن الأرقام المعلنة في المغرب العربي وتحديدا في تونس والجزائر والمغرب ليست أرقاما حقيقية، لأن عمليات الكشف محدودة، لذلك لا يمكن أن نعرف الرقم الحقيقي للإصابات بالفيروس. وإذا كانت الإصابات المعلنة في الجزائر 500 حالة فإني أخشى أن يكون الرقم الحقيقي يعادل عشرة أضعاف هذا الرقم، وكذلك الأمر بالنسبة لتونس والمغرب. ففي إيطاليا بنفس كان يتم التعامل مع الأرقام في بداية انتشار الدواء وكانت تصريحات المسؤولين تهون وتقدم الوعود بالتحكم في الوضع وانظر إلى النتيجة التي وصلوا إليها اليوم بأكثر من 100 ألف إصابة و12 ألف وفاة.

أنت مختص في الفيروسات، وكنت مدير معهد باستور في كوريا الجنوبية… هل تتوقع أن تتوصل الجهود الجارية في أمريكا وأوروبا والصين إلى إنتاج أدوية وربما لقاحات في القريب العاجل؟
نحن محظوظون بأن لدينا أدوية يمكن استعمالها، وقد بدأت الكثير من الدول في فعل ذلك، وهذه الأدوية موجودة من خمسينيات القرن الماضي، يعني عمرها 70 سنة، مثل الكلوروكوين”Chloroquine”، وهيدروكسي كلوروكوين “Hydroxychloroquine”، وهذه الأدوية نستطيع استخدامها الآن ويجب ألا ننتظر، وأنا أنصح ببدء استخدامها في الجزائر خاصة بالنسبة لأولئك الذين يتواجدون في الخطوط الأمامية في الحرب ضد الوباء، وهنا أتكلم على الأطباء والممرضين وكل العاملين في الصحة والأمن وموظفي البلديات والنظافة وكل الذين استنفرتهم السلطات لمواجهة الوباء، وبالنسبة لي، هؤلاء هم أبطال الجزائر الذي يجب الاهتمام بهم ودعمهم. وهناك خيار آخر هو مركب دوائي طورته شركة أمريكية ضد الإيبولا أعطى نتائج جيدة مع المصابين بفيروس كورونا، وهو مستخدم في أمريكا والصين وكوريا الجنوبية، وأنا شخصيا اطلعت على حالة طبيب هنا في أمريكا، أصيب بفيروس كورونا، وكان على حافة الموت، وقد تم علاجه بدواء الإيبولا واستعاد عافيته.

أما ما يتعلق باللقاح، فهو لن يساعد حتى وإن توفر اليوم، لأننا وسط الأزمة، وأنا أقول للذين يتكلمون كثيرا عن اللقاحات، إن فيروس “سارس” الذي ظهر سنة 2002، لا يوجد لقاح ضده إلى اليوم، ولو كان موجودا لأمكن استخدماه ضد كوفيد 19، لأن الفيروس من نفس العائلة، وحتى وإن وجد لقاح ضد الفيروس المستجد، فلن يكون إلا بعد سنتين أو ثلاث سنوات من الآن، ونحن نحتاجه اليوم، وليس بعد ثلاث سنوات.

في سياق الحديث عن اللقاحات والأدوية، لعلك سمعت بما توصلت إليه مجموعة جزائرية عراقية يرأسها الفلكي بوناطيرو، يقولون إنهم اخترعوا دواء يعالج المصابين بفيروس كورونا، ويقضي على الأعراض في ظرف أربعة أيام… أنت كمختص في الفيروسات ماذا تقول لهؤلاء؟

(يضحك)….سمعت بهذا الشخص الذي يسمى بوناطيرو، وأنا شخصيا لا أعرفه، فقد كلمني أصدقاء من الجزائر عن هذا الأمر…إذا صح أنهم توصلوا إلى دواء فإن المطلوب من بوناطيرو وجمعيته إخبارنا بالتفاصيل، ما هي تركيبته؟ وما السر في كونه يعالج خلال أربعة أيام؟… ما لاحظته أنا خلال السنوات الماضية، وجود الكثير من الأشخاص مثل بوناطيرو، يظهرون فجأة خلال الأزمات الصحية، ويزعمون اختراع أدوية، وللأسف فإنّ الصحافة تقدم دعما كبيرا لهذا النوع من الناس، وعند التحقق نجد أن 99 بالمائة من هؤلاء لا تكون اختراعاتهم صحيحة، وهؤلاء نناديهم بالفرنسية “les charlatans” أي الدجالون، من ميزاتهم، أنهم يخرجون على أن الناس كل مرة بـ”خرجة جديدة” ويتكلمون كثيرا، وفي الحقيقة إن هؤلاء لا يخترعون شيئا وإنما هي مزاعم فقط..

وأذكر أني لما كنت مسؤولا عن معاهد باستور في ثمانية دول بينها كوريا الجنوبية، والصين، والفيتنام، وميانمار، وهونكونغ، وكنت عندما أتنقل إلى هذه البلدان يأتيني وزراء الصّحة ويتكلمون عن أدوية تم اختراعها في بلدانهم لأمراض مستعصية، وكنت أجد صعوبة في إقناعهم بأن الأمور لا تنفع بهذه الطريقة، لذلك كلمتي لبوناطيرو أن يقدم لنا تركيبة دوائه وسنقول له إن كان الأمر صحيحا أو غير صحيح، وعموما أنا أستغرب من كثرة الحديث عن بوناطيرو وكأنه عالم في أحد فروع الطب، لذلك أقول له: أنت تخصصك في علم الفلك، اذهب واكمل عملك هناك، ولا شأن لك بالفيروسات، ليس لك الخبرة التي تعطيك الحق في الحديث عن الأدوية الممكنة لفيروس كورونا.

ما هي نصيحتك الأخيرة للجزائريين؟ خاصة أنك تلاحظ عدم الالتزام بالحجر الصحي ولا بقواعد السلامة؟
لدي ثلاث نصائح، الأولى للسلطات العليا للبلد، باتخاذ إجراءات تعيد الثقة بين الجزائريين وحكامهم وعلى رأسها إطلاق معتقلي الرأي والحراك الشعبي، ليتوحد كل الجزائريين لمواجهة الوباء، والنصيحة الثانية للوزراء بتفادي التصريحات الفضفاضة التي تعطي أملا كاذبا للشعب وعليهم تفادي الوقوع في التهويل كذلك، والنصيحة الثالثة للجزائريين عامة، ورغم أني متفهم للظروف التي يمرون بها، إلا أني أنصحهم بالبقاء في البيوت، ولا تصدقوا كل ما يقوله بوناطيرو أو وزير الصحة الذي يقول أن فيتامين سي ينفع مع الفيروس….لا توجد أي علاقة بين فيتامين سي وفيروس كورونا، لذلك فالحل الوحيد حاليا هو البقاء في البيوت واتخاذ أقصى إجراءات السلامة في حالة الخروج من البيوت، وقدموا كل الإعانات الممكنة لأبطال الجزائر الذين يواجهون الوباء.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here