أفريقيا برس – الجزائر. في خضم حرب تحريف وتشويه إعلامية وأخرى إلكترونية قذرة تمارسها عدة دوائر رسمية وسياسية فرنسية ضد الجزائر ورموزها ومؤسساتها وجاليتها، أطلت الأجهزة الفرنسية عبر صحيفة “لوكانار أنشينيه” بما اعتبره “تحقيقا” يزعم أن شبكة من “حسابات وهمية مرتبطة بالجزائر تكثّف حملات التضليل ضد باريس” في محاولة لقلب الحقائق والالتفاف على أشرس هجمة تتعرض لها الجزائر من الداخل الفرنسي.
وفقًا لمحتوى مذكرة سرية كشفت عنها “لوكانار أنشينيه”، مطلع الأسبوع، تمت الإشارة إلى أن “شبكة من الحسابات الوهمية المرتبطة بالجزائر تكثّف حملات التضليل ضد فرنسا وشخصياتها وشركاتها”.
المذكرة التي يفترض أنها “سرّية” نُقلت إلى مقر رئاسة الوزراء الفرنسية (ماتينيون) بتاريخ 25 جوان الماضي، حسب ذات الصحيفة، من قبل “فيجينوم”، الهيئة الفرنسية المكلفة بمكافحة الهجمات الرقمية الأجنبية، والتي تحدثت “عن حملة تضليل واسعة النطاق يتم تنظيمها من الجزائر ضد فرنسا”.
وزعمت الهيئة الفرنسية بوجود “أنشطة شبكة منظمة من الحسابات الوهمية، تُعرف بما يسمى “الذباب الإلكتروني”، تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف “زعزعة الاستقرار السياسي في فرنسا”.
وربط التقرير تنامي نشاط هذه الخلايا مع قضايا أثارت خلافات سياسية عميقة بين الجزائر وفرنسا ومنها إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 27 جويلية 2024، اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المحتلة وأزمات أخرى زادت الوضع تعقيدًا، منها رفض الجزائر استقبال رعاياها المرحلين، سجن بوعلام صنصال، وقضية توقيف العون القنصلي الجزائري في فرنسا على خلفية ملف “أمير دي زاد” وما يثير الريبة في مصداقية وحجية هذه النتائج، أن مجمل هذه القضايا -حسب متابعين- جعلت الجزائر وأجهزتها تحت مرمى الاستهداف الإعلامي والرقمي المكثف وغير المسبوق، لكن الهيئة ذاتها ألبست الطرف الفرنسي لباس الضحية !!
وللتغطية على آلة التضليل الفعالة والمنظمة التي تستهدف الجزائر تدعي مذكرة “فيجينوم” وقوع عدة موجات من الهجمات الرقمية على فرنسا في نفس الفترة بل ورد في التقرير مزاعم بوجود حملة تدعو إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية من “بيجو” إلى “تيفال”.
وفيما يبدو أنها عملية تحويل الأنظار عما تتعرض الجزائر منذ فترة ليست بالقصيرة إلى حملة ممنهجة تقودها شبكات ومواقع إعلامية فرنسية موالية للتيار اليميني المتطرف والتي تناغمت مع أجندات صهيو-مخزنية، أعلنت الحرب الإعلامية ضد الجزائر وجندت آلاف الإعلاميين ومئات المواقع والمنابر الإعلامية لتشويه الجزائر، “لاحظ” المركز الفرنسي ارتفاعًا ملحوظًا في المحتوى العدائي أو الساخر الموجه إلى مسؤولين فرنسيين، لا سيما في شهر فيفري، بينما تؤكد البيانات الرقمية والإعلامية بأنها الفترة التي شهدت ذروة الحملات الإعلامية التحريفية والتصعيدية تجاه الجزائر.
ومن أخطر ما ورد في التقرير الذي نقلته الصحيفة الفرنسية، الادعاء بأن “التحقيقات التقنية” سمحت بتتبع الخيوط حتى الوصول إلى خادم بريد إلكتروني تابع لهيئة جزائرية سيادية مكلفة بمكافحة الجرائم الإلكترونية.
مسألة تقنية أم سياسية؟
وفي رده على هذه الادعاءات تساءل مصدر مختص، في لقاء مع “الخبر”، عن الانحرافات في النتائج التي سربتها الهيئة الفرنسية إلى “لوكانار انشينيه”، مستدلا بالتعقيدات التقنية التي تعرفها الخيارات والإعدادات داخل الإطار مفتوح المصدر “ديسارم”.
“الحرب الرقمية” التي وردت في الوثيقة الفرنسية، هي في الحقيقة -حسب المصدر المختص- عبارة عن “أصوات مواطنية، مستقلة ووطنية”، تعبّر عن رفضها “لظلم محسوس يشعر به جزائريون من دون توجيه أو تلاعب “وخاصة إذا تعلق الأمر بالرد على حملات اليمين المتطرف والتفاعل مع قضايا ترتبط بالإرث الاستعماري الإجرامي الفرنسي وكذا ملفات الذاكرة والقضايا التحررية العادلة (فلسطين والصحراء الغربية ) تضاف إليها قضايا المغتربين وأبناء الضواحي في فرنسا والمخاطر الإقليمية التي تهدد الجزائر وغيرها من التطورات التي تغذي الشعور الوطني والتعبير العفوي لدى متصفحي وسائل التواصل الاجتماعي دون توجيه.
كيف حدّدت “فيجينوم” عناوين البريد الإلكتروني؟
في تقريرها، تقول فيجينوم إنها تمكنت من “تتبع” بعض عناوين البريد الإلكتروني المرتبطة بحسابات تنشر رسائل سياسية يُفترض أنها موجّهة من الجزائر، لكن على أي أساس؟ يتساءل الخبير ذاته، فبدون عمل متقدّم من نوع “راد تايمينغ”، هناك عدة فرضيات محتملة ومنها أن تحليل البيانات الوصفية (metadata) لبعض المنصات تكشف أجزاء من المعلومات عبر الـ”ا.بي.أي” أو الثغرات أو أخطاء الإعداد مع احتمال ضعيف لتحديد تواطؤ رسمي مباشر.
أما الربط مع قواعد بيانات مقرصنة، فيوضح المصدر أن استخدام ما يُعرف بتسريبات البيانات أو قواعد يتم تداولها في “الدارك ويب” هي طريقة تستخدم غالبًا في الأمن السيبراني الهجومي، ونادرًا ما تعلن عنها جهات رسمية.
وإذا ما اتبعت الهيئة الفرنسية -يقول مصدرنا- “أدوات تتبع تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحليل السلوكي التي تربط بين توقيت النشر، المحتوى، العلاقات الرقمية فقد يؤدي العمل بهذا الأسلوب، “إلى انحراف كبير في النتائج إذا ما تم ضبط إعدادات خاطئة في “ديسارم”.
ولفت المصدر إلى أن أخطر ما ورد في التقرير الصحفي الفرنسي هو الوصول غير القانوني أو غير القضائي إلى بيانات خاصة وخاصة البريد الإلكتروني لجزائريين، ففي حال حدث ذلك، فإن الأمر يشكل انتهاكًا صارخًا للائحة حماية البيانات الأوروبية والقانون الدولي، خاصة إذا ما ثبت بأن الحسابات تتبع مواطنين ومتصفحين عاديين على كثرتهم، وهو ما يضع الجانب الفرنسي هنا أمام شكل من أشكال التسلل التقني.
ويفيد مصدر “الخبر” أن المواطنين حينما يعبّرون بحرية عن آرائهم وتفاعلهم مع قضايا تهمّ بلدهم، هل من الضروري اعتبار ذلك “هجومًا أجنبيًا”؟
المصدر: الخبر
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس