كشفت صحيفة “الشرق الأوسط”، نقلاً عن مصادر فلسطينية مطلعة أن حركة حماس تبحث عن موطئ قدم لها في الجزائر، من بين خيارات أخرى مطروحة، لاستيعاب قادة الحركة، بعدما خرج معظمهم من العاصمة القطرية الدوحة، وتوزعوا في بلدان مختلفة. وبحسب المصادر، فإن الجزائر تلقت طلبا رسميا من الحركة، لإقامة مكتب تمثيلي لها في العاصمة الجزائر، واستضافت عددا من قادة الحركة، لكنها لم ترد على الطلب.
القيادي في حركة حماس د. أحمد يوسف أكد في تصريح خاص لـ”الحدث”، أن السياسات العامة لحركة حماس هي أن تنتشر في معظم الأقطار والمناطق ومنها دولة الجزائر، نافياً علمه عن أي طلب رسمي قد يكون قدم للجزائر لتستضيف قيادات من حماس. وقال يوسف، إن الجزائر تعتبر أيقونة في المقاومة وكحركة تحرر وطني ضد الاستعمار الفرنسي، وساحة مهمة للعمل الفلسطيني تاريخاً منذ عهد الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار، وبدايات الثورة ودعم الجزائر للثورة الفلسطينية، واحتضان قيادتها وكوادرها سنوات طولية جداً، وكانت الجزائر متقدمة على العديد من الدول العربية والإسلامية في هذا المجال.
لذلك وبحسب يوسف فأن التاريخ الطويل للجزائر في دعم القضية الفلسطينية، قد يدفع الحركة لتفكر فيها كبيئة حاضنة للمقاومة وتاريخها الطويل مرتبط بالعمل المقاوم ضد الاحتلال، وفي أن تكون إحدى المحطات التي تفكر حماس في الانتشار فيها لبعض القيادات.
صحيفة “الشرق الأوسط” أكدت نقلاً عن مصادرها، أن حركة حماس التي يتوزع قادتها اليوم، بين غزة ولبنان وماليزيا وقطر، لا تريد أن تحصر تواجدها في بلد واحد، وتسعى إلى توزيع مسؤوليها وتخفيف الضغط عن أي دولة، بتواجد عدد أقل من قادتها فيها.
وأضافت، بعد تجربة سوريا وقطر، وتجربة أخرى في تركيا، لا تريد الحركة تركيز ثقلها السياسي في أي بلد عربي. لذلك اختارت أن يبقى رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في قطاع غزة، حتى يصبح القطاع مركز الثقل لحماس، على أن يتوزع بقية قادتها في دول مختلفة، بحيث لا يشكل وجودهم أي عبء أو يدل على وجود تنظيم.
وعن إذا ما كانت الجزائر موطئ قدم حماس الجديد بعد دولة قطر، فقد علق يوسف على ذلك، بأن قطر لم تطلب من أحد قيادات حماس أن يغادر، وحتى الان تتواجد قيادات حماس في قطر وهم على تواصل مستمر معهم، ولكن ربما بعض الشخصيات المرتبطة بشكل أو أخر بالملف الأمني هي من اضطرت للمغادرة طوعاً دون أن يطلب منها أحد ذلك.
وأضاف يوسف بأن قطر كانت من الدول الوفية للعمل الفلسطيني وقدمت الكثير، ومن غادر قطر كان من باب التخفيف من الضغوطات التي تحاول بعض الدول فرضها على قطر وخرج طوعاً، حتى لا يترك المجال لوسائل الاعلام الإسرائيلية التحريض على قطر وتشويه صورتها من هذا القبيل.
وكان الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري، الذي يتواجد حاليا في الجزائر، قد أكد رغبة قيادات في الحركة في الإقامة هناك. وقد طلب من الجزائر قبل أشهر عدة، افتتاح مكتب للحركة، وتواجد قادة آخرين، لكنه لم يتلق ردا رسميا، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”. وقالت المصادر، إن حماس تخطط لأن يتواجد أبو زهري بداية في الجزائر، ويفتتح مكتبا للحركة هناك، ثم يلتحق به عدد من قادة حماس. وبحسب أبو زهري، فإن الحركة تقدمت بطلب إلى السلطات الجزائرية لإقامة قادة لها هناك، قبل وقت قليل من اندلاع أزمة الخليج.
وقال أبو زهري في حديث لمنتدى (الشروق) الجزائري، “على المستوى الشخصي، أنا تقدمت بطلب للإقامة في الجزائر، والسلطات الجزائرية وعدت بدراسة الطلب والنظر فيه”. وأضاف أبو زهري، “إن رجال المقاومة يتشرفون باحتضانهم في مهد الثورة والحرية”.
ويتوزع قادة حماس الذين كانوا في قطر، حاليا، بين لبنان وماليزيا، وبقيت قلة قليلة منهم في قطر، بينها رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل.
وتدرك حماس أن خياراتها بعد قطر أصبحت صعبة للغاية، فقد خسرت الحركة مقرها الدائم والطويل في سوريا، كما فقدت تركيا بسبب ضغوط إسرائيلية ومن حلف الناتو، ويصعب عليها أن تذهب إلى إيران مغامرة برصيدها السني، فيما لا يعتقد أن تفتح مصر ذراعيها لحماس للإقامة فيها، بسبب الصراع الكبير مع تنظيم الإخوان المسلمين.
واختارت حماس جعل قيادتها المركزية في قطاع غزة، وأرسلت مسؤولين عسكريين إلى لبنان، وبعضهم إلى ماليزيا، وتخطط من أجل استقرار البعض في الجزائر.