لا أمطار حتى منتصف سبتمبر و”طبقية” في توزيع المياه

5
لا أمطار حتى منتصف سبتمبر و”طبقية” في توزيع المياه
لا أمطار حتى منتصف سبتمبر و”طبقية” في توزيع المياه

أفريقيا برسالجزائر. شلغوم: 5% فقط نسبة امتلاء عديد السدود

الشيخ فرحات: نعيش مرحلة جفاف وعطش هي الأسوأ

بوداود: حذار من خزانات المياه في العمارات الهشة

حماني: على المواطنين التبليغ عن أي زيادات في أسعار المياه المعدنية

زبدي: مواطنون يشتكون من غياب العدل في توزيع المياه

تشهد عديد المدن الكبرى، أزمة غير مسبوقة في التزوّد بمياه الشرب، ما جعل السلطات المعنية، تلجأ إلى قطع المياه على المواطنين بالتناوب، بسبب تدني مخزون السدود جراء نقص مياه الأمطار والتبذير في استهلاك الماء. فكيف يقرأ الخبراء هذه الوضعية؟ وماهي الحلول في نظرهم لتجاوز كارثة كبرى تتربص بالجزائر، خاصة وأن مرحلة الصيف لا تزال طويلة وتساقط الأمطار حسب الخبراء لا زال بعيدا حتى منتصف سبتمبر القادم..

اشتكى مواطنون في عدة اتصالات وتصريحات للشروق من توزيع غير عادل للمياه بعديد الأحياء بالعاصمة في ظل استفحال جفاف الحنفيات، حيث أكد مواطنون أنهم يعانون من انقطاع المياه لعدة أيام خاصة في بلديات عرب العاصمة على غرار عين البنيان والدويرة وأولاد فايت وبابا حسن..، عكس ما وعدتهم به، مؤسسة “سيال “. فمثلا أحياء ببلدية جسر قسنطينة بالعاصمة لم تزر المياه حنفياتهم منذ يومين، في وقت لم تنقطع المياه عن أحياء ببلدية بئر خادم إلا ساعات فقط. وهو ما جعل بعض المواطنين، يعلقون بسخرية عن وجود “طبقية في توزيع المياه” .

وفي هذا السياق أكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، لـ “الشروق”، بأن المواطن يعيش وضعا اجتماعيا واقتصاديا متدهورا، وعلى مؤسسة توزيع المياه احترام توقيت توزيع المياه، حسب البرنامج المعلن عنه مؤخرا.

وحسب محدثنا، فقد تلقت المنظمة عدة اتصالات من مواطنين من مختلف الأحياء يشكون غياب المياه عن حنفياتهم لأيام، وهو عكس ما أعلنته مؤسسة “سيال”، ما جعل العائلات تلجأ مضطرة لشراء البراميل البلاستيكية وتركيب الخزانات في العمارات.

وقال “نتخوف من انهيار الثقة بين الإدارة والمواطن، في حال عدم الالتزام بالبرنامج المسطر”.

الجفاف والعطش أكثر ما يهدّد الجزائريين خلال السنوات القادمة

وفسّر رئيس نادي المخاطر الكبرى، عبد الكريم شلغوم ما تعيشه البلاد، بأنه من المخاطر الكبرى الـ10 التي تترصد بالجزائر، التصحر والجفاف.

وقال لـ “الشروق”، إن منطقة شمال إفريقيا معرضة مستقبلا إلى الجفاف، وحتى الجنوب كفرنسا ولكن بصورة أقل، ولمواجهة هذه الوضعية بالجزائر، قال المتحدث لـ”الشروق”، بأنه لابد من تسيير هذه الوضعية “بذكاء وبجدية وعقلانية في التسيير”. معتبرا، أن الأمطار عرفت شُحا في التساقط خلال السنوات الأخيرة. وحتى الأمطار المتساقطة سواء بالشمال أو الجنوب، وبسبب سوء استغلالها، تذهب غالبيتها للبحار وقنوات الصرف الصحي وفي باطن الأرض. وهذه الوضعية اعتبرها محدثنا، نقطة سوداء في التسيير.

أما النقطة الثانية، حسبه، فهي تجاهل الدراسة التقنية الصحيحة عند بناء السدود، فقال “بنينا سدودا بملايير الدينارات، ضمن المشاريع الكبرى التي كلفت الجزائر 1300 مليار دولار خلال 20 سنة، وهي ميزانية تكفي لبناء إفريقيا بأكملها، فتم إنشاء سدود بني هارون وتاكسابت وبني سردون بالبويرة، لكن بناءها كان من دون دراسة تقنية صحيحة ولا مراقبة دورية، حيث غزت الأوحال والطحالب معظم السدود، ومع الجفاف وصلت نسبة امتلاء بعض السدود 5 من المائة “.

والنقطة الثالثة، لابد من حسن تسيير المياه الجوفية، عوض اللجوء الى عملية تحلية مياه البحر، والتي تكلف أموالا طائلة، وتطلق أنواعا من السموم في البحر، مهددة البيئة والأسماك.

ليخلص مُحدثتنا، بأن وضعية الجفاف والتصحر في الجزائر، تنتقل من سيئ إلى أسوأ، في حال لم تسارع السلطات إلى ايجاد حلول ذكية وتسيير عقلاني للمياه من طرف الخبراء، “وإلا بقينا في دائرة مغلقة، وقد تضطر الجزائر بعد سنة إلى استيراد المياه، لا قدر الله” على حد قوله.

40 من المائة من المياه تضيع في التسرّبات

من جهته، أكد المختص في الأرصاد الجوية، الشيخ فرحات في تصريح لـ “الشروق”، بأنه سبق أن دق ناقوس الخطر، ومنذ 6 أشهر من سير الجزائر نحو الجفاف وشحّ المياه، في وقت كان يتوقع ومنذ 15 سنة الوصول لهذه الوضعية المناخية.

كما أن منظمة الصحة العالمية، قد دقت ناقوس الخطر من ظاهرة الجفاف، والتي اعتبرتها الوباء المقبل، والأكثر خطرا من فيروس كورونا.

وقال الشيخ فرحات، بأن الاحتباس الحراري، سيطر على القارّة الإفريقية بأكملها. وفي الجزائر، فقد غابت الأمطار خلال السّنتين الأخيرتين، أما الثلوج فلم تتساقط خلال هذه السنة، “فجبال جرجرة، والتي كانت بيضاء على مدار فصل الشّتاء، لم تتساقط فيها الثلوج كالعادة “.

كما أرجع محدثنا، مشكل نقص المياه، إلى ظاهرة التسربات في قنوات التوزيع، والتي تبقى أشهرا وحتى سنوات دون إصلاحها. وقال “40% من المياه تضيع في التسربات، سواء في الشارع أو داخل المنازل، في ظل غياب قوانين تجرّم الظاهرة”.

وتحدث أيضا، على ظاهرة بناء مسابح فردية داخل الفيلات وحفر الآبار، دون الحصول على ترخيص من السلطات البلدية ولا من مؤسسة توزيع المياه “سيال”، وما تستهلكه من كميات كبيرة من المياه.

ولن نشهد عودة الأمطار إلا في منتصف شهر سبتمبر المقبل، حسب الخبير في الأرصاد الجوية، حيث نترقب “صلاحة النوادر” في هذه الفترة، وذلك بعد موسم الحصاد.

ومن جهة أخرى، فقد عرف الطلب على المياه ازديادا في الجزائر بنسبة 6 من المائة، بعد إنشاء مدن جديدة، وهو ما لم تحسب له السلطات حسابا.

والحل، حسبه، يكون برفع قدرات محطات تحلية مياه البحر، وإنشاء أخرى جديدة.

مسابح “غير قانونية” تساهم في التبذير وخزانات المياه تهدّد العمارات

أما رئيس مجمّع المهندسين المعماريين، عبد الحميد بوداود، فتأسف لظاهرة وضع خزانات ماء ثقيلة، في عمارات عتيقة وآيلة للسقوط، ومعقبا “ولكن لا حل أمام المواطنين لتوفير المياه سوى هذا، ولا يمكننا منعهم من ذلك “.

وأكد، بأن الإشكال ليس في وضع الخزانات، بل أعمق من ذلك بكثير. وحسبه “السلطات المحلية غائبة عن القيام بدورها، بخصوص مراقبة البنايات، وطريقة البناء.. ففي البناءات الفردية وحسب القانون قانون 90/29، الصادر في 1 ديسمبر 1990 في مادته 73 لابد من لجنة تقنية لمراقبة البنايات، مكوّنة من الوالي ورئيس البلدية واللجنة التقنية للبلدية، ولأن الهيئة لم تقم بدورها، نحن اليوم أمام 2 مليون و200 ألف وحدة سكنية غير شرعية، وأضحى كل مواطن يبني مثلما يشاء وبالطريقة التي يري،. دون الحديث، عن أصحاب الفيلات والذين ينشئون مسابح من دون إعلام السلطات المحلية ولا مؤسسة سيال”.

وحسب محدثنا، تضم الجزائر 21 محطة تحلية للمياه، تغطي 2 مليون و600 ألف متر مكعب يوميا، مع وجود محطتين قيد الإنشاء منذ سنوات. ليتساءل محدثنا، عن سبب التأخير في إنجازهما إلى اليوم؟ معتبرا، أن أزمة المياه الحاصلة، تتحمل المسؤولية الكبرى فيها السلطات المعنية، لأنها لم تستعد وتخطط منذ سنوات لظاهرة الجفاف وشحّ الأمطار والذي كان متوقعا، بسبب التصحر المناخي، أما المواطن فهو يسدد فاتورة المياه ودوريا، فلماذا يتحمل مسؤولية الظاهرة؟

رفع عشوائي لأسعار المياه المعدنية..

وسارع بعض تجار التجزئة للمواد الغذائية، لرفع أسعار بعض علامات المياه المعدنية، في شكل من أشكال الابتزاز للمواطنين بسبب أزمة المياه، خاصة العائلات المتعودة على الشرب من مياه الحنفيات. أما أخرى ففضلت التوجه إلى الجبال والغابات، لملء مياه المنابع الطبيعيّة، وهو ما شكل تزاحما كبيرا في هذه المناطق.

وفي هذا الصدد، دعا رئيس الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات والعصائر والمياه المعدنية، علي حماني لـ “الشروق”، إلى التبليغ عن أي زيادات في أسعار المياه، مؤكدا بأنه تحدث مع منتجي المياه المعدنية، وأكدوا لهم عدم وجود أي زيادة في الأسعار بالمصانع، وبالتالي فبعض الزيادات المسجلة لدى قلة من تجار التجزئة في بعض المناطق، التي تشهد تذبذبا في توزيع المياه “هي سلوكات فردية وابتزازية “.

وقال محدثنا “نحن كمنتجين مستعدون للمساعدة في أي أزمة مياه قد تحصل، مثلما تعودنا على ذلك، إذ بإمكاننا مساعدة المستشفيات مثلا بالمياه “.

ليطالب حماني لجان المراقبة التابعة لوزارة التجارة، بالقيام بدوريات إلى محلات التجزئة، ومراقبة الأسعار، لتجنب استغلال أزمة المياه ورفع أسعار المياه المعدنية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here