أفريقيا برس – الجزائر. قال وزير الخارجية رمطان لعمارة، إن الجزائر تعد بلدا مُصدرا للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، مؤكدا أنها كانت ولا تزال، سندا للشعوب في كفاحها ونضالها من أجـل اسـترجاع حقوقهـا.
وأوضح لعمامرة في رسالة له بمناسبة الاحتفال بيوم الدبلوماسية الجزائرية المصادف ليوم 08 أكتوبر أن الدبلوماسية الجزائرية أصبحت مرجعا في ترقية الحوار والتفاوض بين الأمم وبلدا مُصدرا للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم.
وأكد الوزير أن الجزائر أن كانت، ولا تزال، سندا للشعوب في كفاحها ونضالها من أجـل اسـترجاع حقوقهـا الأساسية وتقريـر مصـيرها.
النص الكامل لرسالة لعمامرة:
يصادف الثّامن أكتوبر الذي نحتفي به اليوم، الذكرى التاسعة والخمسين (59) لانضمام الجزائر رسميا إلى هيئة الأمم المتحدة، وأثبتت هذه الرمزية استكمال استرجاع الجزائر لشخصيتها الدولية وتم تكريس هذا الحدث التاريخي كمناسبة وطنية للاحتفاء بإنجازات الدبلوماسية الجزائرية عبر مختلف مراحلها التاريخية. وإنّها لمحطة هامة نستذكر فيها بكل فخر واعتزاز نصاعة السجل الدبلوماسي الحافل بأروع صور النضال والاخلاص والتفاني في سبيل استقلال الجزائر والدّفاع عن سيادتها وحماية وحدتها الترابية، فضلا عن تمثّلها كقوة حشد واقتراح في المحافل الدولية.
يمثّل يوم 8 أكتوبر 1962 علامة فارقة بصمت على عودة الجزائر على مسرح التاريخ، مثلما جسّد أول نوفمبر 1954 نهضة الدبلوماسية الجزائرية كفاعل ساهم بقوة في الحفاظ على السيادة الوطنية التي رسم جيش التحرير الوطني ملحمتها. جاءت هذه النهضة لتكرّس التناسق التاريخي المتواصل للشخصية الدولية للجزائر، التي خُلدت تفاعلاتها مع القوى الكبرى لفترة ما قبل الاستعمار عبر نصوص قانونية ذات أبعاد هامة.
وبما أن تدويل القضية الجزائرية أحد الأهداف الرئيسية التي نص عليها بيان أول نوفمبر، فالمعركة ضد فرنسا الاستعمارية كان لها بعدا دبلوماسيا مكملا للعمل المسلح، كونه السبيل الوحيد الذي يسمح بإخراج القضية الجزائرية من الإطار الضيق الذي كانت فرنسا تريد حشرها فيه.
و من ثم، فقد تولى الرعيل الأول من أبناء جيل نوفمبر توفير السند السياسي لجيش التحرير الوطني في الكفاح ضد المستعمر الفرنسي من خلال القيام بمهمة الدفاع عن القضية الجزائرية العادلة في المحافل الدولية والتعريف بمطالب الشعب الجزائري المشروعة لدى الأشقاء والأصدقاء.
واستطاع هؤلاء الرجال بفضل نفسهم الثوري وعزيمتهم الفذة وعبقريتهم المُتَقِدة كسب التأييد الدولي لقضيتهم وسجلوا أول انتصار دبلوماسي مدوي تحققه الثورة شهورا قليلة بعد اندلاعها، عبر مشاركة جبهة التحرير الوطني في مؤتمر باندونغ الأفروأسيوي في 18 أفريل 1955، تلته سلسلة انتصارات متتالية في أروقة الأمم المتحدة من خلال تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال هذه الهيئة على امتداد سنوات 1955 إلى 1961، واعتراف هذه الأخيرة في دورتها الـ 16 بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره وهو مكسب مفصلي.
إن التضحيات الجسام للشعب الجزائري وقوافل شهداء الثورة غرست في أعماق دبلوماسيتنا معاني التحدي والاجتهاد والتفوق، لتكون حاملة لراية حضارية أصيلة ومعبرة عن قناعة ومواقف تاريخية راسخة مفادها تأصيل مقومات الشخصية الوطنية الحضارية للأمة الجزائرية المستمدة من جذورها الأمازيغية العريقة، وتراثها العربي الإسلامي الأصيل. تِلكم القيم شكّلت في الماضي وستظل الحصن الصلب الذي تتحطم على جداره كل المناورات التي تستهدف هويتنا ووحدتنا الوطنية.
لم يخبُ مشعل الدبلوماسية الجزائرية بعد الاستقلال بل اِستعر لهيبه في قيادة المد التحرري في العالم من الهيمنة الاستعمارية وإيصال صوت البلدان النامية المطالب بعلاقات دولية أكثر عدلا وإنصافا، من خلال حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ 77، مرتكزة في ذلك على مجموعة من المبادئ والثوابت بقيت راسخة منذ أيام الثورة تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها ودعم القضايا العادلة وأولوية الحلول السلمية، ورفض التدخلات العسكرية الأجنبية. كما نجحت الدبلوماسية الجزائرية في بلورة أسس نظام اقتصادي عالمي جديد يجسد مقاصد سيادة الشعوب الدائمة على ثرواتها الطبيعية.
و من ثمّة، تسعى الجزائر دائما، بصفتها دولة محورية، لتحقيق السـلم وبسط الأمن والاستقرار ودعم التعـاون، حيث ساهمت، بفضل مقاربتها الابتكارية والشجاعة في مجال الوساطة، في معالجة العديد من الأزمات في منطقتنا الإفريقية والعربية والمشاركة في نزع فتيل الكثير من النزاعات عبر العالم.
بفضل هذا النهج الهادئ والفعال، أصبحت الدبلوماسية الجزائرية مرجعا في ترقية الحوار والتفاوض بين الأمم وبلدا مُصدرا للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم. وسيبقى سجل الدبلوماسية العالمية يحتفظ بإسهاماتها المكتوبة بأحرف من ذهب مرصعة بدماء دبلوماسيين جزائريين سقطوا شهداء فداء للسلام في العالم. فلن ينس التاريخ أبدا هذه الصفحات المنيرة التي تشكل نبراصا يقتدى به. وأذكر هنا، على سبيل المثال لا الحصر، حل النزاع الحدودي بين العراق و إيران سنة 1975، إنهاء أزمة السفارة الأمريكية بإيران سنة 1981 وفض النزاع المسلح بين إثيوبيا وإريتريا سنة 2000.
إن جهود الجزائـر لحـل الخلافات والنزاعـات تجسدت أيضا من خلال اتفاق السلم والمصالحة بين أطراف النزاع في مالي، إذ لا تزال بلادنا إلى اليوم تعمل دون كلل على مرافقة الأشقاء في تحقيق كافـة أهـداف ومبـادئ هذا الاتفـاق، ملتزمة بمواصـلة القيام بدورها المركزي على رأس لجنة متابعة تنفيـذ اتفـاق السـلم و المصالحة.
كما تبرز اسهامات الجزائر أيضا في المساعي التي ما فتئت تبذلها من أجل عودة الأمن والاستقرار في ليبيا الشقيقة. إذ سعت بلادنا، في هذا الشأن، إلى دعم مسـار الحـوار الوطـني وكذلك إنشاء وتفعيـل آليـة دول الجـوار الليـبي. وتبقى الجزائر حريصة على تكثيف التنسيق والتعاون قصد إنجاح مسار العملية السياسية الجارية في هذا البلد الشقيق، أين نتطلع أن تشكل الانتخابات المقبلة محطة فعلية للمساهمة في طي صفحة الأزمة، كما ستبقى الجزائر مستعدة دوما لمواصلة جهودهـا لدعم الأشقاء وتمكينهم من الاستفادة من تجربتها في مجال المصالحة الوطنية.
كانت الجزائر، ولا تزال، سندا للشعوب في كفاحها ونضالها من أجـل اسـترجاع حقوقهـا الأساسية وتقريـر مصـيرها، بدعمها اللامشروط للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقه غير القابل للتصرف أو المساومة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وبنفس الروح، تثبت الجزائر وق