أفريقيا برس – الجزائر. شرع الوزير الاول, وزير المالية, أيمن بن عبد الرحمان, بعد ظهر اليوم الخميس, في الرد على الانشغالات التي طرحها نواب المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشتهم لمخطط عمل الحكومة, في جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس, ابراهيم بوغالي, بحضور أعضاء في الحكومة.
للتذكير, فأن مخطط عمل الحكومة استمد محاوره الخمسة الأساسية من برنامج رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, والتزاماته ال54 المتمحورة أساسا حول “تعزيز دوله القانون, تجديد الحوكمة,عصرنه العدالة وتعزيز الحريات والحوار والتشاور”.
ومن خلال مخطط عملها, تسعى الحكومة الى “تعزيز دعائم الإنعاش الاقتصادي وعصرنة النظام المصرفي والمالي واصلاح القطاع العمومي التجاري وحوكمة المؤسسات العمومية”, ناهيك عن “تحسين جاذبية مناخ الاستثمار وترقية إطار تطوير المؤسسات والمقاولاتية” مع “تعزيز اندماج القطاع الموازي ضمن القنوات المشروعة”.
ميزانية الدولة مبنية على 30 بالمائة من عائدات المحروقات
أكد الوزير الاول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن ميزانية الدولة مبنية على 30 بالمائة فقط من عائدات المحروقات مقابل 70 بالمائة من الجباية العادية.
وخلال رده على انشغالات النواب في إطار مناقشة برنامج الحكومة، أكد بن عبد الرحمان على أهمية التفريق بين حصة القطاع النفطي من عائدات البلاد من العملة الصعبة والتي تتراوح بين 96 و97 بالمائة، وبين الجباية البترولية التي لا تشكل سوى 30 بالمائة من ميزانية الدولة.
وفيما يتعلق بمسألة تمويل برنامج الحكومة التي حظيت باهتمام “كبير” من طرف النواب خلال المناقشات، قال بن عبد الرحمان أن مخطط العمل الجديد الذي يهدف إلى إنعاش الاقتصاد الوطني وتنويعه يستند إلى أساليب تمويلية جديدة من شأنها أن تقلل من الاعتماد على عائدات المحروقات.
وتتمثل هذه الأنماط الجديدة بشكل رئيسي في اللجوء إلى السوق المالية عبر إعادة تنشيط البورصة وترقية دور البنوك في مرافقة ودعم الاستثمار والمؤسسات فضلا عن فتح رأسمال البنوك العمومية وفتح بنوك خاصة جديدة وترقية التمويل الإسلامي إلى جانب اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص من اجل تمويل مشاريع تجهيزات قاعدية اقتصادية مهيكلة لخلق مناصب الشغل.
وفي هذا الإطار، أكد الوزير الأول أن التمويل المصرفي لا يزال يمثل إلى غاية اليوم “الأسلوب السائد” في مجال تمويل الاقتصاد الوطني حيث بلغ جاري إجمالي القروض الممنوحة من قبل البنوك إلى غاية 30 جوان مبلغ 10387 مليار دج منها 5065 مليار دج منحت للقطاع الخاص (أي ما يمثل 49 بالمائة).
كما أشار بن عبد الرحمان ان القروض الاستثمارية تمثل 71 بالمائة من الالتزامات العامة للبنوك بإجمالي 7410 مليار دج.
وأكد الوزير الأول كذلك، في نفس السياق، على ضرورة تطوير أدوات أخرى لتمويل الاقتصاد، كالإيجار المالي والاستثماري وسوق رؤوس الأموال، معتبرا أنها تعتبر من “أولويات السلطات العمومية”، حيث أطلقت العديد من المبادرات لتحسين وتنويع حصول المؤسسات على التمويل من طرف رؤوس الأموال الاستثمارية والإيجار المالي وسوق الأوراق، يضيف الوزير الأول.
وفي هذا الصدد، أشار بن عبد الرحمان أن عدد الشركات الناشطة في مجال الإيجار المالي يبلغ 16 مؤسسة بقيمة إجمالية تقدر بـ 162 مليار دج ممنوحة من قبل هذه الشركات لتمويل الاقتصاد.
الوزير الأول يؤكد عزم الدولة على استرجاع الأموال المنهوبة المهربة إلى الخارج
جدد الوزير الأول، إرادة الدولة وعزمها على استرجاع الأموال المنهوبة المهربة إلى الخارج، وهذا من خلال تفعيل جملة من الآليات القانونية في إطار الاتفاقيات الدولية.
وقال الوزير الأول في رده على التساؤلات التي طرحها النواب خلال مناقشتهم لمخطط عمل الحكومة، أنه “تم اعتماد مقاربة شاملة لهذا الملف (الأموال المنهوبة) من خلال وضع آليات تنسيق على أعلى مستوى ومباشرة جملة من الإجراءات مع الدول التي هربت إليها الأموال”.
وأوضح أن هذه المقاربة ستتم من خلال “تفعيل الأدوات القانونية المتاحة في إطار الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف, لاسيما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
وفضلا عن ذلك –يضيف الوزير الأول– فقد تم “تفعيل جملة من الآليات ومبادرات التعاون في إطار منظمات دولية متخصصة من أجل تتبع هذه الأملاك وتحديد مكانها وتبادل المعلومات الخاصة بها”.
وفيما يتعلق بآلية التسوية الودية لاسترجاع الأموال المنهوبة المهربة الى الخارج, أشار بن عبد الرحمان الى أن هي الآلية “أثبت نجاعتها في العديد من الدول وتعتبر بمثابة ممارسة مثلى وفعالة في مجال مكافحة الفساد”, غير أن هذه الآلية –مثلما قال– “لا تتعلق بالأشخاص الطبيعيين المتورطين ولا تمس بالعقوبات المسلطة عليهم, بل تخص الأشخاص المعنويين, أي الشركات الأجنبية المتورطة في عمليات الرشوة, والتي استفادت هي الأخرى من هذه الأموال المهربة في إطار صفقات ومشاريع محل ممارسات فساد”.
وأكد الوزير الاول أن “استرداد الأموال محل عمليات الرشوة عبر وسيلة التسوية لا تنطبق على الأشخاص الطبيعيين وإنما على الأشخاص المعنويين”.
كما جدد “عزم الدولة وإرادتها في مكافحة الفساد والمفسدين بدون هوادة واسترجاع أموال الشعب المنهوبة من خلال تجنيد كل مؤسسات الدولة, بما في ذلك ثقلها الدبلوماسي, وهذا في ظل الاحترام الصارم للقانون واستقلالية القضاء”.
وخلص الى القول أن الدولة “لن تتنازل عن دينار واحد سرق أو اختلس ولن تتنازل عن شبر من العقار نهب أو حول عن وجهته, إنها أمانة وسنسهر عليها جميعا”.
تنصيب ورشات لإصلاح قانوني البلدية و الولاية بداية من أكتوبر المقبل
أعلن أيمن بن عبد الرحمان، عن الشروع في تنصيب ورشات لإصلاح قانوني البلدية و الولاية، مع بداية أكتوبر المقبل، تحسبا لمراجعتهما، وفي رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني حول مشروع مخطط عمل الحكومة، أفاد الوزير الأول، بأنه سيشرع في مراجعة قانوني البلدية و الولاية، عبر تنصيب ورشات لإصلاح النصين المذكورين، بداية من أكتوبر القادم.
وشدد الوزير الأول على أهمية هذه الخطوة التي “طال انتظارها”، بغية “الاستجابة لما تقتضيه متطلبات التنمية المحلية”، متوقفا عند الدور “الفعال والأساسي'” الذي سيكون للنواب في هذا المسعى، و ذلك وفقا ل”مقاربة تشاركية، ستضم كل القوى الخيرة في المجتمع من خبراء ومهنيين ومتعاملين اقتصاديين، مع الإشراك الفعلي لكافة أطياف المجتمع المدني، دون إقصاء و بكل شفافية”.
وسجل أيضا التزامه بأن تؤسس هذه الورشات لإطار قانوني جديد, يكرس لـ”سياسة حقيقية للتخطيط الإقليمي والتنمية الاقتصادية المحلية”، انطلاقا –مثلما قال– من “إيماننا الراسخ بأن ذلك سيساهم في السياسيات العمومية ويعزز من مبدأ المساءلة”.
وفي سياق ذي صلة، كشف الوزير الأول أيضا عن أنه سيتم “قبل نهاية السنة”، مراجعة وتحيين المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الذي يعتبر من أهم أدوات التخطيط والاستشراف، الأمر الذي “سيسمح بتعديل الاستراتيجيات الوطنية لتهيئة الاقليم”، وهي العملية التي ستكون متبوعة بتكييف المخططات الولائية و البلدية.
وبالموازاة مع كل هذه المشاريع، سيتم فتح ورشات موسعة أخرى، من بينها ورشة لإصلاح منظومة الوظيفة العمومية، في خطوة تندرج ضمن “مقاربة شاملة تشاركية، تلتزم فيها الحكومة بجعل الحوار والتشاور الاجتماعيين آلية للتكفل بانشغالات كافة الشركاء الاجتماعيين وجعلها الإطار الأمثل للوقاية من الخلافات الجماعية و إيجاد الحلول المناسبة، في جو من الشفافية والصراحة وتغليب المصلحة العامة”، يقول بن عبد الرحمان.
صيرفة اسلامية: فتح 15 ألف حساب مع إيداع 10 مليار دج إلى غاية ماي 2021
بلغ عدد الحسابات البنكية التي تم فتحها منذ إطلاق منتجات الصيرفة الاسلامية 15 ألف حساب تم من خلاله إيداع أكثر من 10 مليار دج إلى غاية مايو المنصرم.
وخلال رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني حول مخطط عمل الحكومة، أكد بن عبد الرحمان أن الصيرفة الاسلامية تعد أحد الأنماط التي ستعتمد عليها الحكومة في مجال التمويل.
وأوضح في هذا السياق أن تمويل الاقتصاد وانشاء بنى تحتية وتجهيزات عمومية جديدة يتطلب اللجوء إلى موارد جديدة خارج الدائرة المصرفية, مؤكدا أن التمويل الاسلامي يشكل “أداة مهمة” لتعبئة المدخرات وامتصاص السيولة المالية المتداولة في السوق الموازية.
وفي هذا الصدد, أشار إلى أنه منذ اطلاق الصيرفة الاسلامية, فقد بلغ عدد الشبابيك التي فتحتها البنوك بنهاية مايو المنصرم, 310 شباكا مخصصا لهذا النمط من التمويل.
الجزائر في رتبة “جد متقدمة” في مجال التنمية البشرية و”من الإجحاف” نكران المكاسب
أكد الوزير الأول، أن الجزائر مصنفة في رتبة “جد متقدمة” في مجال التنمية البشرية في القارة الإفريقية، معتبرا أنه “من الإجحاف نكران المكاسب وإعطاء صورة سوداوية تضر بسمعة البلاد”، مشير الى أنه “رغم العديد من السلبيات نتيجة تراكمات لسنوات عديدة، أخذها برنامج رئيس الجمهورية بعين الاعتبار ضمن برنامج تنموي نهضوي شامل، إلا أنه أيضا من الإجحاف أن نعطي صورة سوداوية قاتمة تضر بسمعة بلدنا ونكران المكاسب التي تم تحقيقها” في مجال التنمية البشرية.
وأوضح أن هذه المكاسب أشادت بها “العديد من التقارير الدولية، التي تعتبر الجزائر في مقدمة الدول الإفريقية، بل هي الثالثة بعد جزر موريس والسيشل في مجال التنمية البشرية، كما أنها في رتبة جد متقدمة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.
وكشف الوزير الأول أن “مؤشر التنمية البشرية بلغ 0,784 بالمائة”، معتبرا أنه مؤشر “جد عال على المستوى الدولي”، حيث أن الجزائر مصنفة “في التربة ال83 على مقياس 187 دولة على المستوى الدولي”.
وشدد على أن “هذا التحسن يترجم في الواقع، عبر العديد من المؤشرات الاجتماعية التي لا ينبغي الاستهانة بها مقارنة مع العديد من الدول التي ما زالت تعاني في هذا المجال، على غرار معدلات الربط بالكهرباء التي قاربت 99 بالمائة والربط بالغاز الذي تجاوز 65 بالمائة والربط بشبكات المياه الذي قارب 98 بالمائة والربط بشبكات التطهير الذي بلغ 91 بالمائة”، كما أن “معدل التمدرس فاقت نسبته 89 بالمائة، بالإضافة إلى ملايين السكنات الاجتماعية الموزعة والمبرمجة للإنجاز”.
استعادة ثقة المواطن “أولوية الأولويات” بالنسبة للحكومة
شدد، وزير المالية، على كون استعادة ثقة المواطن “أولوية الأولويات” بالنسبة لحكومته، فضلا عن ملفات أخرى لا تقل أهمية، في صدارتها محاربة الفساد والرشوة والرداءة.
كما تعد محاربة الفساد هي الأخرى أولوية لا تقل أهمية، حسب تأكيدات الوزير الأول الذي شدد على أنه و “بالرغم من الفساد وعمليات النهب الممنهجة، بقيت الجزائر واقفة بفضل أبنائها الواقفين و الخيريين”.
وفي إطار التقيد بتنفيذ الآليات الموضوعة للتكفل بمحاربة هذه المظاهر السلبية كالفساد والرشوة والرداءة، التزم بن عبد الرحمان أمام ممثلي الشعب بوضعهم في الصورة، عبر موافاتهم بصفة دورية حول مدى تقدم تنفيذ المشاريع الواردة في مخطط عمل الحكومة والتي تستند إلى الالتزامات الـ54 التي يتضمنها برنامج رئيس الجمهورية.
وسيتم ذلك من خلال آلية جديدة للمتابعة، تم استحداثها على مستوى مصالحه، وإعداد تقارير دورية “تنشر في وقتها، تكريسا لمبدأ الشفافية”.
وفي هذا الشأن، كان الوزير الأول قد صرح في وقت سابق بأن الآلية المذكورة ستعمل “وفق مؤشرات كمية دقيقة”، مشددا على أن الحكومة تحذوها “الإرادة للعمل مع كل الخيرين في هذا البلد، في سبيل مصلحة بلادنا ومواطنينا، تحت القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية وتوجيهاته”.