أفريقيا برس – الجزائر. أكد نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مبدأ التعارف الإنساني يعدّ من أهم المبادئ الدينية والقيم الحضارية في الإسلام، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير﴾.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن هذا المبدأ ينبني على أصل الخلق من نفس واحدة، مما يرسخ مفهوم التواصل الإنساني بعيدًا عن التمييز أو الصراع.
وخلال كلمته في مؤتمر المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، الذي جاء تحت عنوان “التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش”، أشار فضيلة مفتي الجمهورية، إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جسّد هذا المبدأ في وثيقة المدينة المنورة، وفي العهود التي عقدها مع نصارى نجران، ما يعكس احترام الإسلام لثقافات ومعتقدات الشعوب.
وأكد أن من حق كل أمة أن تحافظ على خصوصيتها الثقافية والاجتماعية والسياسية، مشددًا على أهمية الحوار بين الثقافات في تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل.
وفي سياق حديثه عن تحديات التعارف الإنساني، وصف فضيلة المفتي ما يرتكبه الاحتلال الصهيوني في غزة بأنه أبشع صور انتهاك القيم الإنسانية، مؤكدًا أن ما يحدث من جرائم قتل وقصف للمدنيين، نساءً وأطفالًا، يمثل جرحًا غائرًا في ضمير البشرية، وسط تواطؤ دولي واضح.
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن الجهود السابقة تركزت في إطار “التعارف الديني”، لكنها لم تتوسع بما يكفي نحو التعارف الحضاري، الذي يتطلب حوارًا أعمق وأشمل بين الثقافات، منوهًا بالجهود النوعية التي بُذلت في هذا المجال، مثل “وثيقة الأخوة الإنسانية” التي وقعها الأزهر الشريف مع الكنيسة الكاثوليكية.
ودعا فضيلة المفتي، إلى أن تتبنى المؤسسات الدينية – الإسلامية والمسيحية – فكرة التعارف الحضاري كأحد محاور عملها الرئيسة، لما لذلك من دور حاسم في وقف الصراعات الحالية. وأوضح أن أحد مفاتيح هذا التعارف يتمثل في امتلاك أدوات العلم والقوة التي تحقق التوازن بين الشعوب، مؤكدًا أهمية دعم القيادات الوطنية التي تسلحت بالإيمان والعلم لتحقيق هذا الهدف.
وفي ختام كلمته، نبّه المفتي، إلى أن العالم يشهد استخدام الذكاء الاصطناعي في تدمير البشر، بدلًا من تسخيره لخدمة الإنسانية، داعيًا إلى ضرورة استخدامه في مكافحة الفقر والجهل والمرض، وإلى وضع ميثاق أخلاقي عالمي يُحدد ضوابط استخدام هذه التكنولوجيا بما يضمن ترسيخ ثقافة السلام والتعايش.
وتأتي مشاركة مفتي الجمهورية في المؤتمر تعزيزًا لدور دار الإفتاء المصرية في الحضور الفعّال بالمحافل الدولية التي تهتم بقضايا الحوار والتفاهم الإنساني، وإيمانًا بأهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية في بناء جسور التعاون الفكري وترسيخ قيم السلام في العالم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس