من الصعب التوفيق بين “الذاكرات” وسنسعى إلى “سلام نسبي”

15

الجزائر – افريقيا برس. قال المؤرخ بنيامين ستورا، المكلف من قبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ببحث ملف الذاكرة مع نظيره الجزائري، عبد المجيد شيخي، إنه يعمل مع عدد من المؤرخين والجامعيين من أجل الوصول إلى الأرشيف بكل حرية، واعتبر الخطوات التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مشجعة على تهدئة حروب الذاكرة، التي كثيرا ما تسببت في تسميم العلاقات الجزائرية الفرنسية.

واعترف ستورا بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه، وأرجع ذلك إلى طبيعة الإشكالية القائمة بين الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط، والتي تقوم على معادلة متناقضة، تتمثل في الاستعمار من جهة والتحرر من جهة أخرى، ومع ذلك عبر عن تفاؤله بقوله: “اليوم وبعد مرور 60 عامًا، يمكننا بالفعل العثور على نقاط اتفاق حول توصيف النظام الاستعماري، الذي هو نظام غير عادل وتعسفي وعنيف..”، لافتا إلى أنه “يمكن المضي قدمًا على أساس هذه المقاربة في الكتابة التاريخية، وفي التواصل مع الأجيال الجديدة”.

وتحدث ستورا عما أسماه “الزخم الجديد” الذي فجرته تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في حملته الانتخابية، عندما وصف الاستعمار بأنه “جريمة”، أو “جريمة ضد البشر” أو “جريمة ضد الإنسانية”.

ستورا تحدث أيضا عن توصيف ماكرون لقضية المغدور، موريس أودان، أحد الداعمين للثورة التحريرية، والذي تمت تصفيته من طرف المظليين الفرنسيين، وكانت زوجته جوزيت أودان، قد تلقت اعتذارا من الرئيس الفرنسي في وقت سابق، وقال ستورا إن المسؤولين الفرنسيين اعترفوا بجريمة اختطافه ثم اختفائه.

وبالنسبة لبنيامين ستورا، فإن ما قاله ماكرون عن قضية أودان، تعتبر “خطوة جد مهمة، خطوة إضافية”، لأنها تساعده على “إيجاد حلول لهذه المسالة على المستوى العلمي التاريخي”، بمعنى أن تصريح الرئيس الفرنسي أغناه عن توصيف طبيعة الجريمة، وسهل عليه القيام بما يجب القيام به.

وذكر المؤرخ الفرنسي أن “التوفيق بين الذاكرات هو هدف من الأهداف المسطرة”، لكن من الصعب جدًا التوفيق تمامًا بين تلك “الذاكرات” والسبب راجع إلى طبيعة الذاكرة في كل دولة، فلكل دولة أو مجموعة لها ذاكراتها، التصنع هويتها، وفق ستورا، الذي يعتقد أنه “يجب علينا المضي قدمًا نحو سلام نسبي للذاكرات، من أجل مواجهة تحديات المستقبل، حتى لا نبقى سجناء طوال الوقت، فالجزائر وفرنسا كل منهما بحاجة إلى الآخر، على الكثير من الأصعدة، على غرار ما تعلق بالاقتصاد والهجرة، وقضايا الإرهاب..

وذكر ستورا “هناك رغبة في المعرفة لدى الشباب الجزائري، عما حدث بالفعل على مستوى تاريخهم.. هو تاريخ معقد يحاول الشباب الجزائري إعادة ملاءمة أنفسهم ليكونوا قادرين على مواجهة تحديات المستقبل دون أن يبقوا سجناء قصة مرهقة”، ولاحظ أن “التاريخ في الجزائر كما هو في فرنسا، قصة ذات رهانات. في فرنسا، لا تزال هناك مجموعات من الذاكرة، تدعي أن الجزائر فرنسية.. وفي الجزائر، هناك أيضًا ذكريات فظيعة وراسخة مبنية على الهوية..”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here