هامل ينكسر.. زوجته تتوسل وأبناؤه مصدومون

18

في مشهد درامي.. وقف الضابط السامي مكبل اليدين أمام القاضي متوسلا، مستعطفا وطالبا البراءة… في صورة أسقطت عنه “عنجهيته” الممزوجة بالانضباط.. لينطق اللواء المتهم بعبارات “سيدتي.. أنا بريء ولي ثقة كاملة في عدالتكم..؟” فيما تذرف عينا زوجته دموعا محرقة ترجمت مدى آلامها وحسرتها على عائلتها المتبعثرة في زنزانات سجني الحراش والقليعة، ناهيك عن ابنته التي وقفت جامدة، باردة كالثلج وعيناها مغرورقتان بالدموع، لا تعرف ما ستقوله للقاضي سوى أنها تحتاج إلى والدها ولا تريد أن تترك صغيرتها…

هي لحظات مغايرة للمألوف عاشتها عائلة “هامل” ليلة أمس.. بعد أن نادت عليهم القاضي وطلبت منهم الإدلاء بكلمتهم الأخيرة، تنتهي بمعانقة الأم لأبنائها والأب لابنته وزوجته، تحت أعين هيئة المحكمة، رجال الأمن، المحامين والحاضرين، قبل أن تؤجل القاضي المداولات وإصدار الحكم إلى جلسة الأربعاء الفاتح من أفريل الداخل على الساعة العاشرة صباحا.

بعد 5 أيام كاملة من محاكمة هامل وعائلته ومن معهم من وزراء وولاة، وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، وبعد مرافعات ودفوع المحامين انتهت أطوار وتفاصيل قضية فساد قالت عنها النيابة العامة بالسابقة من نوعها في القضاء الجزائري، فيما وصفها الدفاع بوصمة عار على العدالة التي جرت عائلة بأكملها إلى السجن والمحاكمة.

هامل: لي ثقة كاملة في عدالتكم
القاضي أعطى الكلمة الأخيرة للمتهمين، التي اجتمعت جميعها في عبارة واحدة وهي “البراءة”، ولأول مرة منذ بداية المحاكمة ينكسر “الجلاد” وتظهر عليه علامة الهزيمة التي لم يسبق وأن ظهرت على ملامحه، منذ أن عرفناه كمدير عام للأمن الوطني برتبة لواء، فحين طلبت منه القاضي أن يدلي بكلمته الأخيرة، اكتفى هامل وهو يقول بصوت منخفض: “لي ثقة كاملة في عدالتكم، أنا بريء وأطلب إنصافي”.

زوجه هامل: اشتقت إلى كلمة أمي من أولادي وسليمة من زوجي
ولم تستطع سليمة، زوجة اللواء السابق عبد الغني هامل، تمالك نفسها وهي تستجدي القاضي العفو عنها، وتطلب منها لم شمل عائلتها التي اشتاقت إليها، قبل أن تذرف دموع محرقة وتقول: “فرقوا بيني وبين زوجي وأبنائي منذ أزيد من 9 أشهر.. لو تعلمي سيدتي كم تساوي كلمة (أما) التي لم أسمعها منذ زمن من فلذات أكبادي ولا كلمة سليمة من زوجي عبد الغني.. من فضلكم سيدتي الرئيسة أنصفينا”.

شهيناز: أحتاج إلى أبي.. والبراءة إن شاء الله
ولم تتمالك الابنة المدللة ونقطة ضعف المدير العام السابق للأمن الوطني، شهيناز هامل نفسها عندما انفجرت بالبكاء، وتطلب من القاضي أن ترد لها والدها قائلة: “نسحق بابا وأولادي يسحقوه.. أنا نحب نمد شيء للجزائر أنا ماذا بيا تشجعوا الشباب لتستثمر، وأطلب البراءة إن شاء الله”.

أمير ومراد وشفيق: نلتمس البراءة لجميع أفراد العائلة
من جهته، فإن الابن البكر للواء السابق أميار هامل المعروف بقوة شخصيته، وثقته بنفسه، يبكي ويفقد في أسوإ لحظة في حياته هذه الصفات وهو يبكى ويترجى القاضي من إخلاء سبيله قائلا: “البراءة ثم البراءة سيدتي”، وهي نفس العبارات التي نطق بها أخوه شفيق الذي طلب من رئيس الجلسة البراءة والمغفرة، فيما رافع مراد لصالحه وصالح عائلته، وقال: “نطلب البراءة لجميع أفراد العائلة وعندي ثقة في العدالة الجزائرية”.

زعلان: الله أحكم الحاكمين
تناوب المتهمون على طلب الغفران والصفح من القاضي.. وقف وزير النقل والأشغال العمومية سابقا ناظرا إلى القاضي وقال مدافعا عن نفسه: “أشهد الله أني لم أخرق القانون ولم أتعد عليه يوما… وما قمت به كان بإخلاص حسب مبادئي في العمل… لديّ ثقة في أن الحق سيكون ظهيرا على الباطل وهذا بإذن الله يكون على أيديكم سيدتي.. ثقتي كبيرة في العدالة والله أحكم الحاكمين”.

بوضياف: أطلب البراءة التامة لأنني طبقت القانون
أما وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في حكومة عبد المالك سلال، عبد المالك بوضياف فبدا مقتنعا ببراءته متحدثا بصوت عال ونبرة الهادئ الرافض لالتماسات ممثل الحق العام: “أطلب من عدالتكم البراءة التامة لأنني طبقت القانون خلال تنفيذ مهامي”.

غلاي: أطلب من عدالتكم إنصافي
وأسرع الوالي السابق لولاية تيبازة موسى غلاي إلى أن يطلب من القاضي إنصافه وتبرئته من كل التهم الموجهة إليه وقال: “أطلب من عدالتكم الموقرة الإنصاف، فأنا عملت بحسن وفي إطار تطبيق التعليمات والمهام الموكلة إلي بحسن نية ولم أقصد الإساءة في جميع الأحوال… أبدا لم أخن بلدي… أنصفوني”.

بن صبان: ثقتي كبيرة.. وأنا بريء
من جهته، لم يستسغ الوالي السابق لولاية تلمسان زوبير بن صبان، الأحكام القضائية التي التمسها وكيل الجمهورية في حقه، وذلك عندما طلبت منه رئيسة جلسة المحاكمة كلمة أخيرة، حيث رافع لنفسه قائلا: “كنت صريحا وصادقا سيدتي أمام المحكمة الموقرة ومنذ بداية التحقيق وحتى أمام الضبطية القضائية… عملي قمت به حسب القوانين والأنظمة المعمول بها، وثقتي في العدالة كبيرة بأن تعلن عن براءتي”.

محمد رحايمية: أنا مظلوم
ولم يتمالك المدير السابق لديوان الترقية والتسيير العقاري لحسين داي محمد رحايمية حين طلب وهو يتوسل القاضي وعلامات الألم والحسرة بادية على وجهه قائلا: “أطلب البراءة سيدتي.. فأنا مظلوم”.

وقبل أن يرفع القاضي الجلسة، منح الكلمة الأخيرة لبقية الموقوفين الذين طالبوا جميعهم بالبراءة التامة من التهم الموجهة إليهم وهم على التوالي، عميران علي الذي قال: “أطلب البراءة” وعبد الرحيم خلدون: “سيدتي القاضية أنا خدمت 16 شهرا من دون أن أتقاضى أجرتي، أتمنى أن تنصفني العدالة وأسترجع حقي.. أطلب البراءة”، سليم معلم، فيصل معاشي وحمرات جلول الذين طلبوا البراءة التامة، إلى جانب المتهم شنيني ناصر الذي أدلى بعبارات “خاطيني” سيدتي الرئيسة… أنا بريء، وعلي بالي الذي قال: “أنا لم أبدد أموالا عمومية ولا علاقة لي بالملف… أنا بريء سيدتي… أنصفوني”.

..وفي حدود الساعة التاسعة و15 دقيقة، رفع القاضي الجلسة وأعلن أن الأحكام في قضية الحال ستكون يوم الأربعاء 1 أفريل ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، وعليه، فإن قاضي الحكم سيصدر أحكامه حضوريا وعلنيا في حق المتهمين في قضايا الفساد.

وكان وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد قد التمس الاثنين عقوبة 20 سنة حبسا نافذا في حق عبد الغني هامل وابنه أميار، فيما التمس عقوبة 15 سنة في حق باقي أبنائه “مراد، شفيق وشهيناز” و10 سنوات لزوجته مع غرامة بـ 8 ملايين دينار لكل واحد منهم ومصادرة كافة عقاراتهم وأموالهم المحجوزة وأرصدتهم البنكية.

كما التمس وكيل الجمهورية عقوبة 15 سنة سجنا مع غرامة بـ 8 ملايين دينار في حق والي تيبازة السابق موسى غلاي وكذا عقوبة 12 سنة مع نفس الغرامة في حق والي تلمسان السابق بن صبان زوبير بالإضافة إلى عقوبة 10 سنوات سجنا وغرامة بـ 8 ملايين دينار في حق واليي وهران السابقين عبد الغني زعلان وعبد المالك بوضياف.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here