أفريقيا برس – الجزائر. أخذ ملف الجزائر قسطا وافرا من أول “خرجة” إعلامية لوزير الداخلية الفرنسي الجديد، لوران نونياز. وبدا من كلام الوزير في حكومة لوكورنو الثانية، أنه لا يتقاسم الكثير من المواقف والقناعات في تسيير قطاع الداخلية، مع سلفه برونو روتايو، بل تحدث عن “قطيعة في الشكل”.
سيد قصر “بوفو” الجديد، وفي حوار مع عدد من وسائل الإعلام الفرنسية (فرانس إنتر، فرانس إنفو، لوموند)، مساء الأحد، حرص على الاستفادة من أخطاء وزير الداخلية السابق، الذي دخل في صراعات دونكيشوتيه مع الداخل الفرنسي ومع الجزائر، من خلال تأكيده بأنه لا يوظف في قاموسه “الكلمات التي تجرح”، كما يحرص على “عدم تقسيم المجتمع الفرنسي”.
وكان سلفه في وزارة الداخلية، قد سقط في أخطاء سياسية كلفته غاليا، من قبيل إسهابه في توظيف خطاب يميز بين الفرنسي من أصول فرنسية والفرنسي من أصول مهاجرة (الجزائريين خاصة)، كما سقط أيضا في فخ التمييز بين الفرنسي المسلم وغير المسلم، الأمر الذي خلف حالة من الانقسام داخل المجتمع الفرنسي باتت تهدد انسجامه. وعلى الصعيد الخارجي كان مهووسا بالجزائر بشكل جلب له الانتقاد من بني جلدته.
وقال نونياز: “هناك كلمات سوف لن أوظفها” في خطابي. وأوضح: “عندما تتم الدعوة إلى فتح نقاش حول مسألة الاندماج التام، فلن أفعل ذلك أبدا. كلمة الاستيعاب موجودة بالفعل في القانون المدني، نعم، لكنها تعيدنا بالضرورة إلى الجدل حول الاندماج مقابل الاستيعاب. أنا أؤمن بالاندماج، فالإنسان يندمج عندما يحترم قواعد وقيم الجمهورية”.
غير أن حرصه على أن يكون مختلفا عن سلفه روتايو، لم يمنعه من مواصلة العمل على النهج الذي أرساه أسلافه، كلا من برونو روتايو، وقبله جيرالد موسى دارمانان، وكريستوف كاستانير، مع العلم أن سياسة هؤلاء الثلاثة تختلف كثيرا عن السياسة التي انتهجها زعيم حزب “الجمهوريون”.
وعلى الرغم من القطيعة التامة التي تضرب العلاقات الثنائية منذ أزيد من سنة، فقد عبر لوران نونياز، عن رغبته في إعادة فتح قنوات التواصل مع الجزائر، وقال: “أعلم أن التوتر القائم حاليا مع الجزائر أدى إلى انقطاع العلاقات الأمنية وتبادل المعلومات بيننا. وبالنسبة لوزير داخلية، هذه مشكلة كبيرة، مشكلة حقيقية”.
وأضاف: “سيتعين في وقت ما أن نستأنف الحوار مع الجزائريين حول القضايا الأمنية وتبادل المعلومات. سأعمل على ذلك”. وهي الحاجة التي تفرضها المعطيات الراهنة، لأن الجزائريين يشكلون أكبر جالية أجنبية في فرنسا، إذ بلغ عددهم 649 ألف و991 شخص، في عام 2024، كما يحتلون المرتبة الثانية في الحصول على تصاريح الإقامة، خلف المغربيين وهي الحقيقة التي لم يذكرها الوزير الفرنسي، في الوقت الذي يتحدث رموز اليمين واليمين المتطرف في فرنسا، عن مزايا حصرية للجزائريين بسبب اتفاقية 1968 للهجرة.
وسئل الوزير الفرنسي عن تقرير برلماني عرض الأربعاء المنصرم، اقترح إعادة النظر في الامتيازات الممنوحة للجزائريين بموجب اتفاق 1968 بين فرنسا والجزائر، غير أنه رفض التعليق. وأوضح: “هناك اتفاق، وهو يعمل، لكنه ليس مثاليا تماما، أعترف بذلك، لكن في الوقت الحالي، ليس هذا مطروحا على جدول الأعمال”. كما عبر عن أمله في أن “يستأنف إصدار تصاريح المرور القنصلية، وسأعمل على ذلك”.
وجاءت رغبة وزير الداخلية الفرنسي الجديد في التواصل مع الجزائر، في وقت تقوم باريس بأفعال استفزازية، فالسلطات الفرنسية تنسق مع النظام المغربي هذه الأيام في الأمم المتحدة من أجل تسويق مخطط الحكم الذاتي قبل أيام من تصويت مجلس الأمن الدولي، وهو معطى آخر يبرر للطرف الجزائري التشدد في التعاطي مع محاولات الطرف الفرنسي التقرب منها.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس