26 ماي للنطق بالأحكام الابتدائية في قضية “الفساد الانتخابي”

2
26 ماي للنطق بالأحكام الابتدائية في قضية “الفساد الانتخابي”
26 ماي للنطق بالأحكام الابتدائية في قضية “الفساد الانتخابي”

أفريقيا برس – الجزائر. طوت محكمة القطب الاقتصادي والمالي، بعد 9 أيام على التوالي، ملف “الفساد الإنتخابي”، المتابع فيه 3 راغبين في الترشح لرئاسيات 2024، وهم سعيدة نغزة، بلقاسم ساحلي، عبد الحكيم حمادي، رفقة 80 متهما، بمنح المتهمين الكلمة الأخيرة، أين طالب جميعهم بالإنصاف، وصرحوا بأنهم أبرياء، قبل أن يعلن قاضي الفرع الثالث لدى القطب الاقتصادي والمالي، مساء الأربعاء، عن رفع الجلسة وإحالة القضية للنظر، فيما حدد تاريخ 26 ماي الجاري موعدا للنطق بالأحكام.

بعد غلق باب مرافعات هيئة الدفاع التي أثنت على لسان المحامي نذير لخضاري، أصالة عن نفسه ونيابة عن زملائه الحاضرين بجلسة المحاكمة، على الظروف الحسنة التي جرت فيها المحاكمة، قائلا “لكم مني ومن هيئة الدفاع بالغ الشكر والامتنان على حسن إدارتكم لجلسة المحاكمة، بالرغم من حساسية القضية، وبالرغم من العدد الكبير للمتهمين الموقوفين، إلا أنكم قمتم بتسييرها بطريقة ممتازة وأعطيتم الفرصة للمتهمين للدفاع عن أنفسهم، وشهادة منا كشركاء في العدالة أنكم وفرتم شروط المحاكمة العادلة”.

وأضاف لخضاري ممثلا لهيئة الدفاع “سيدي الرئيس، لا يفوتنا نحن أسرة الدفاع أن نوجه لكم كل التقدير، تعامل المحكمة الموقرة الإنساني مع المتهمين سواء الموقوفين منهم أو غير الموقوفين، وحرصكم الشديد على راحتهم وتوفير أحسن الظروف للمثول أمامكم، وخاصة تكفلكم الشخصي بالمتهم الذي تعرض لوعكة صحية أثناء مرافعة الدفاع، أين وقفتم شخصيا على حالته الصحية وتعليماتكم بالتكفل به بطريقة مستعجلة، إن شرف العدالة الجزائرية بين أيدي قضاة من أمثالكم”.

بعد أن أعلن القاضي غلق باب المرافعات، ووفقا للمادة 253 من قانون الإجراءات الجزائية، فسح المجال للمتهمين للإدلاء بكلمتهم الأخيرة، “اين التمس جميعهم البراءة والإنصاف على أمل العودة إلى أحضان عائلتهم قبيل عيد الأضحى المبارك”.

بلقاسم ساحلي: لم أرتكب أي تجاوزات والله شاهد على كلامي

وخلال منح الكلمة الأخيرة للمتهم بلقاسم ساحلي، الأمين العام للتحالف الوطني الجمهوري، قال: “سيدي الرئيس، أولا أشكركم جزيل الشكر على التسيير المثالي للجلسة والذي يشهد عليه الجميع.. ثانيا أنتم ستصدرون حكما باسم الشعب الجزائري وسيبقى يذكره التاريخ وتنقله الأجيال، فأنا مارست حقي الدستوري واحترمته ولم أرتكب أي تجاوزات أو خروقات، من شأنها ان تجعلني متابعا بشبهة فساد والله شاهد على كلامي، وعلى هذا الأساس سيدي الرئيس أملنا فيك كبير، أن تسقط التهم الموجهة لي، وأن تعلن براءتي وإنصافي وشكرا لكم مرة ثانية”.

سعيدة نغزة: لي ثقة كبيرة في العدالة

من جهتها، فإن سعيدة نغزة، رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سابقا ذرفت دموعا كثيرة وهي تدلي بكلمتها الأخيرة، وقالت “سيدي الرئيس، اسمح لي أقول كلمة… إذا كان هناك شخص يتحمل المسؤولية هنا هو أنا.. أنا أتحمل المسؤولية كاملة… هؤلاء كلهم أبرياء… أنا اطلب منك أن تأخذني إلى السجن، لكن أطلق هؤلاء الأشخاص المغبونين من السجن… منهم من توفى والداه وابنه.. سيدي الرئيس، لن اطلب منك شيئا أتركها بينك وبين ضميرك.. لدي ثقة فيك والثقة في العدالة أن تمنح البراءة لهؤلاء الناس، لأنهم اقسم بالله أبرياء كلهم، فيهم الصغير أو الكبير… أنا أتحمل المسؤولية سيدي الرئيس… أنا خذني للسجن.. مستعدة أن تأخذني الآن، لكن هؤلاء الأبرياء أطلق سراحهم سيدي الرئيس… عندي ثقة فيك أنك ستنصفني وتنصف جميع المتهمين وألتمس البراءة”.

ومن جهته طالب دفاع المترشح الحر عبد الحكيم حمادي، البراءة، مؤكدا أن موكله يضع ثقة كبيرة في العدالة.

دفاع ساحلي: المتابعة في حق موكلي تفتقر للسند القانوني

وقبلها واصلت هيئة الدفاع، الأربعاء، مرافعتها في حق بقية المتهمين، إذ قدمت هيئة الدفاع عن المتهم بلقاسم ساحلي، الأمين العام للتحالف الوطني الجمهوري، مرافعة قانونية قوية ومفصلة، أبرزت فيها جميع النقاط القانونية التي من شأنها أن تبرئ ساحة موكلها من جميع روابط التهم الموجهة له في ملف “الفساد الانتخابي” والمتعلقة بعملية جمع الاستمارات باسم المترشح الحر تبون عبد المجيد.

ودافع المحامي زاهي سعيد، ممثلا لهيئة الدفاع خلال جلسة المحاكمة عن موكله ساحلي بلقاسم، الراغب في الترشح لرئاسيات 2024، مفندا جميع التهم الموجهة إليه، والتي تتعلق أساسا بمنح هبات نقدية، تقديم مزايا، وتحريض موظفين عموميين، واعتبر الدفاع أن الملف القضائي يخلو تماما من أي دليل مادي أو قرينة واضحة تدين المترشح، مؤكدا أن القضية مبنية على فرضيات غير مدعمة ومجرد محاولات لبعض الأحزاب من اجل تشويه صورة مترشح سياسي لا يملك سوى سيارته الشخصية وطموحه السياسي على حد قول ـ الدفاع ـ.

واستند المحامي زاهي على التقرير النهائي للضبطية القضائية، والذي قال فيه إنه لم يتضمن أي إشارة مباشرة أو غير مباشرة إلى استعمال المال مقابل الحصول على توقيعات المنتخبين، مضيفا أن الواقع كان عكس ذلك، حيث جاءت شهادات خمسة منتخبين محليين استمعت إليهم الضبطية لتؤكد بالإجماع أن البروفيسور ساحلي لم يعرض عليهم أي مقابل مالي، ولم يعدهم بشيء، ولم يفتح معهم أصلا موضوع المقابل المادي، مشيرا إلى عبارة وردت في محاضر التحقيق مفادها: “المترشح ساحلي لم يمنحنا المال، ولم يفاتحنا في موضوع أي مقابل مادي مقابل التوقيعات”. وهو ما يشير – حسب الدفاع – إلى غياب القصد الجنائي من جهة، وانعدام الأدلة من جهة أخرى.

وبالمقابل، أكد الأستاذ، أن قاضي التحقيق لم يطرح على موكله أي سؤال يتعلق بمسألة المال خلال جلسات الاستجواب، ما يعني عمليا استبعاد هذا الاتهام الموجّه لموكله، مضيفا أن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات لم تتقدّم بأي شكوى ضده، معتبرا ذلك عنصرا مهما يضعّف الاتهام ويرفع أي ارتباط محتمل لما قام به موكله بقانون مكافحة الفساد.

وفي رده على تهمة الاحتيال الموجّهة للمتهم ساحلي، أوضح الدفاع، أن الملف لا يحتوي على أي شكوى من طرف متضرر أو ضحية مزعومة، وهو ما يجعل الركن المادي للجريمة غير متوفر، وبالتالي، فإن المتابعة -حسب المحامي- غير مؤسّسة قانونا.

أما فيما يتعلق بمطالب الطرف المدني، ممثل الخزينة العمومية، بخصوص تعويض مالي قدره مليون دينار، فقد تساءل الدفاع عن طبيعة الضرر الحاصل فعليا للخزينة العمومية، مؤكدا أنه لا توجد أي خسائر مادية أو معنوية مثبتة في الملف، وعلى هذا الأساس، يقول المحامي: “نلتمس استبعاد طلبات الخزينة العمومية”.

وتأسف زاهي عن غياب بعض الإجراءات المهمة ـحسبهـ والمتعلقة بإجراء مواجهة مباشرة بين المتهم والمنتخبين، وكذا غياب أيضا الاستماع إلى الشهود، الذين طلب الدفاع حضورهم، وعلى رأسهم مرافقي المترشح في جولاته عبر الولايات، بمن فيهم الأمناء الولائيون لحزب التحالف الوطني الجمهوري، مع مطالبته بضرورة الرجوع إلى التقارير اليومية لمصالح الاستعلامات الأمنية، خاصة تلك التي رافقته خلال زيارته إلى ولاية أم البواقي، التي تسبّبت في إثارة قضية الحال.

ورجع الدفاع إلى تفاصيل بداية عملية جمع الاستمارات، وأكد أن المتهم أعلن عن ترشحه رسميا يوم 19 أفريل، وكان الإعلان مرفقا بتغطية إعلامية واسعة، مما يدحض تصريحات بعض المنتخبين الذين ادعّوا لاحقا أنهم لم يكونوا على علم بترشحه خلال لقائهم به في 1 جويلية، وهو ما اعتبره تناقضا فاضحا مع القوانين المتابع بها موكله.

وفي السياق، أشار الأستاذ زاهي، إلى أن استمارات التوقيع كانت تحمل اسم المترشح بشكل واضح، وخضعت لمسار دقيق من المراحل التقنية، تصل إلى أربع مراحل، تشمل التحقّق من الاسم والهوية، وهو ما يستحيل معه تمرير توقيع بالخطأ أو التلاعب بالاستمارات، خصوصا أن الاستمارات كانت مرقّمة تسلسليا لكل مترشح.

وأضاف أن المنتخبين الخمسة المعنيين وقّعوا يوم 1 جويلية من دون أي اعتراض، ولم يبدوا تحفظهم إلا بعد شهر كامل، وبعد أن وقّعوا لاحقا لصالح مترشح آخر، وهو ما قد يرقى -حسب الدفاع- إلى مخالفة قانونية بموجب المادة 301 من قانون الانتخابات، التي تعاقب على التوقيع المتعدّد أو التراجع عن توقيع بدون مبرر قانوني.

وشدّد المحامي زاهي، خلال مرافعته بنبرة حاسمة قائلا: “لو كان موكلي يملك المال لشراء التوقيعات، لما زار 30 ولاية وقطع 15 ألف كيلومتر بسيارته الخاصة خلال 35 يوما، بل كان سيكتفي بمنح الأموال وجمع الاستمارات من مكتبه في العاصمة.”

ليختم زاهي مرافعته بالقول: “سيدي الرئيس، موكلي مارس حقه الدستوري ولم يرتكب أي تجاوزات أو خروقات من شأنها متابعته بشبهة فساد، بل صال وجال عبر العديد من ولايات الوطن حتى يتمكّن من جمع أكبر عدد من التوقيعات، وعلى هذا الأساس، نلتمس من هيئة المحكمة الموقرة تبرئة ساحة موكلي وإنصافه، وتكونون بذلك قد عدلتم”.

دفاع حمادي: “الاتهامات لا تنطبق قانونا… وجمع الاستمارات ليس جريمة”

من جهته، استعرض دفاع المترشح الحر، عبد الحكيم حمادي، خلال مرافعته، النقاط القانونية باستعمال جميع الأدلة والقرائن التي من شأنها أن تسقط التهم الموجّهة لموكله، مؤكدا أن عملية جمع الاستمارات تمت في إطار مشروع وشفاف، على حد قوله.

وفنّد دفاع المتهم حمادي التهم الموجّهة لموكله، مؤكدا أن المتابعة القضائية ترتكز على أسس قانونية لا تنطبق إطلاقا على الوقائع، قائلا إن جوهر القضية يتمحور حول الهدف المشروع الذي سعى إليه المترشح، والمتمثل في عملية جمع استمارات المنتخبين، في إطار قانوني واضح لا غبار عليه.

وارتكزت المتابعة القضائية بملف الاتهام، حسب الدفاع، على المادة 300 من قانون الانتخابات، إضافة إلى المادتين 25 “فقرة 1” و32 “فقرة 1” من قانون مكافحة الفساد، موضّحا أن هذه المواد، رغم وضوحها في النص، لا تتماشى مع المرحلة الزمنية ولا مع طبيعة الأفعال المنسوبة لموكله، حيث شدّد الدفاع بخصوص المادة 300 على أنها تخص من يسعى إلى التأثير على الناخبين خلال يوم الاقتراع، سواء لدفعهم للتصويت لفائدة مترشح معيّن أو لدفعهم للعزوف عن التصويت، ما يعني صراحة أن هذه المادة مرتبطة بزمن محدّد، وهو يوم الانتخابات، وأكد أن موكله كان حينها في مرحلة جمع استمارات الترشّح، أي قبل الاقتراع، مما يجعل هذه المادة خارج السياق تماما ولا تنطبق على الوقائع، وعلى هذا الأساس، يجب عدم الأخذ بها، على حد تعبير الدفاع.

كما تطرق عضو هيئة الدفاع إلى المادة 25 “فقرة 1” من قانون مكافحة الفساد، مشيرا إلى أنها تتعلق بمن يعد أو يعرض أو يمنح مزية لموظف عمومي بغرض دفعه للقيام بعمل أو الامتناع عن أداء واجب من واجباته، وبيّن الدفاع أن جمع الاستمارات لا علاقة له إطلاقا بأداء أو عدم أداء الموظف العمومي لواجباته، إذ أن الاستمارة تعود ملكيتها للمنتخب، وله كامل الحرية في منحها لمن يشاء، وبذلك، فإن الفعل موضوع المتابعة لا يندرج ضمن نطاق هذه المادة، لا نصا ولا قصدا.

وأشار الدفاع بخصوص المادة 32 “فقرة 1′′، التي تتحدث عن التحريض على استعمال النفوذ الحقيقي أو المفترض للحصول على مزية من إدارة أو سلطة عمومية، إلى أن مفهوم هذه المادة يوحي وكأن الإدارة هي من تمنح الاستمارات، وهو أمر غير صحيح من الناحية القانونية، لأن الإدارة أو السلطة لا تملك هذه الاستمارات أصلا، نافيا وجود أي تحريض أو استغلال نفوذ، كون الاستمارة حق خالص للمنتخب وحده، ولا علاقة لها بأي مسؤول أو جهة إدارية، كما أوضح أن جميع المفوضين الذين تولوا جمع الاستمارات نيابة عن حمادي عبد الحكيم لا يعتبرون موظفين عموميين، ولم يكن لهم أي تعامل مع إدارات أو سلطات رسمية خلال أداء مهامهم، مما يسقط عنهم أي شبهة تتعلق بسوء استغلال النفوذ أو خرق القوانين.

كما انتقد الدفاع أيضا طلبات الخزينة العمومية وقال: “أن يأتي الممثل القانوني للخزينة العمومية ويقول إن المتهمين تسبّبوا في ضرر معنوي للخزينة العمومية… هذا “تمسخير” بكل المقاييس”.

وخلص المحامي إلى التأكيد بأن المترشح، عبد الحكيم حمادي، لم يقدّم وعودا، ولم يعرض أو يمنح مزايا لأي طرف، ولم يمارس أي شكل من أشكال التحريض، لا المباشر ولا غير المباشر، ولم يلجأ لأيّ نوع من أنواع النفوذ، وكل ما قام به -حسب مرافعة الدفاع- هو سلوك قانوني مشروع يندرج ضمن آليات جمع الاستمارات التي يسمح بها القانون للمترشحين.

وجدّد المحامي طلبه بإنصاف العدالة للمترشح حمادي عبد الحكيم، ودفعه الصريح بالبراءة من جميع التهم الموجّهة إليه، مؤكدا أن لا جريمة في ما حدث، وأن الهدف كان واضحا ومشروعا، وهو الترشّح وفقا لما يكفله القانون والدستور.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here