الدبلوماسية الجزائرية تخطف الأضواء في إفريقيا

الدبلوماسية الجزائرية تخطف الأضواء في إفريقيا
الدبلوماسية الجزائرية تخطف الأضواء في إفريقيا

أفريقيا برس – الجزائر. تصدر ملفا العدالة التاريخية والأمن والسلم الإقليمي الساحة الدبلوماسية الإفريقية هذا الأسبوع، حيث شكلت الجزائر نقطة لقاء محورية للقارة، باستضافتها لحدثين بارزين، الأول يتعلق بمؤتمر حول تجريم الاستعمار في القارة السمراء، الذي نظم تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أما الحدث الثاني الآخر فيندرج ضمن “مسار وهران”، والذي يمثل إطارا سنويا رفيع المستوى يناقش بعمق المسائل المرتبطة بـالسلم والأمن في إفريقيا.

الحدث في الجزائر هذا الأسبوع، ليس مجرد لقاء أكاديمي، بل كان منصة رفيعة المستوى جمعت نخبة من الوزراء والقانونيين والمؤرخين الأفارقة بهدف بلورة موقف إفريقي موحد وجامع حول قضايا مصيرية تمس وجود وكرامة شعوب القارة.

ويُعد مستوى التمثيل الرفيع والحضور الرسمي القوي لمسؤولين سامين أفارقة دليلا واضحا على الأهمية الاستراتيجية للقاءين، فقد شهدت الجزائر حضور ما يقارب عشرة وزراء للشؤون الخارجية من دول ذات وزن في القارة، شملت كوت ديفوار، بوتسوانا، الطوغو، ناميبيا، أنغولا، ووزراء خارجية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وتونس، بالإضافة إلى عدد كبير من نواب وزراء الخارجية من دول كغانا وليبيريا والصومال وسيراليون ومصر وجنوب إفريقيا.

بعيدا عن المستوى التمثيلي الرفيع، نظمت الجزائر هذين الحدثين البارزين ضمن الأطر والهياكل الرسمية للاتحاد الإفريقي ووفق أجندة هذا التكتل الإقليمي، والذي اعتمد رسميا “مسار وهران” سنة 2013 كفضاء مركزي لمناقشة السلم والأمن في إفريقيا وهو ما يفسر حضور كبار المسؤولين في الاتحاد الإفريقي، يتقدمهم مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، بانكولي أديوي، إلى جانب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة المكلف بعمليات حفظ السلم، جون بيار دي لا كروا، ونائب الأمين العام الأممي، الممثل الدائم للأمم المتحدة لدى الاتحاد الإفريقي.

بتنظيمها لهذا الحدث المزدوج، تؤكد الجزائر أن ثقلها الدبلوماسي يسمح لها بفرض نفسها حقا كقوة رائدة توحد صفوف الأفارقة، مما يسمح لها بالتحول من لاعب إقليمي مهم إلى مهندس يعيد رسم خارطة الأولويات الإفريقية، خاصة عبر ربط الماضي الثوري من خلال ملف “العدالة التاريخية” والحاضر بمناقشة ملف السلم والأمن في إفريقيا.

بصيغة أخرى، نجحت الدبلوماسية الجزائرية في بناء جسر يربط إفريقيا بماضيها النضالي لبناء مستقبل يضمن سيادة الأفارقة في قراراتهم السياسية.

تدرك الجزائر من خلال إرثها الثوري والتاريخي الكبير أن السيادة الحقيقية تبدأ باستعادة الذاكرة وتصحيح المظالم التاريخية ونجاحها في تدويل قضية تجريم الاستعمار، واعتماد “إعلان الجزائر” ليس مجرد انتصار رمزي، بل هو عمل دبلوماسي يضع الجزائر في صدارة معركة الذاكرة لإنهاء التبعية للماضي الاستعماري وتمكين الأفارقة من الممارسة الكاملة للسيادة والهوية الإفريقية.

في مقابل المطالبة بالعدالة التاريخية، تفرض الجزائر نفسها كضامن للاستقرار في القارة، من خلال ملف الأمن والسلم، وهو ما يؤكده كل سنة “مسار وهران” بضرورة إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية، بعيدا عن التدخلات الخارجية وتفعيل آليات التنسيق الإقليمي لمواجهة التحديات العابرة للحدود، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة.

استنادا إلى هذه المعطيات، يتضح جليا بأن الجزائر تحظى باحترام كبير في الساحة الإفريقية وصوتها مسموع لدى الأشقاء الأفارقة عكس الرواية التي تروج لها بعض الدوائر المعادية والتي حاولت لفت الأنظار من خلال تنظيم لقاء محلي بالمغرب، تحت مسمى “ضحايا الإرهاب في إفريقيا”، إلا أن مناورة التغطية على “مؤتمر الجزائر حول تجريم الاستعمار في إفريقيا” و”مسار وهران” فشلت فشلا ذريعا شكلا ومضمونا. من حيث الشكل، كان الفشل واضحا بسبب مستوى التمثيل والمشاركة الضعيفة للدول الإفريقية كما يؤكده عزوف الدول الفاعلة في الانخراط في هذا اللقاء الاستعراضي والشكلي.

أما في المضمون، لا تمتلك المملكة المغربية لا الخبرة ولا الآليات الكافية التي تسمح لها بأن تشكل مرجعية قارية في مجال مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي، فمعالجة التهديدات الإرهابية تتطلب بيئة سياسية وقانونية وحتى عسكرية لا يوفرها لقاء الرباط، مما يؤكد مرة أخرى بأن الأخير كان مجرد محاولة إقليمية فاشلة لصرف الأنظار عن الدور المحوري للجزائر في صياغة الأجندة الإفريقية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here