تطويع الذكاء الاصطناعي لتعزيز المرجعية ومواجهة التضليل

تطويع الذكاء الاصطناعي لتعزيز المرجعية ومواجهة التضليل
تطويع الذكاء الاصطناعي لتعزيز المرجعية ومواجهة التضليل

أفريقيا برس – الجزائر. فرضت التطورات الرقمية التي يشهدها العالم نفسها بقوة على الحياة اليومية للجزائريين، وتمكنت من خلق تغيير تدريجي في طريقة التفكير، ووسائل التواصل وحتى صناعة الرأي العام، أمام تدفق غير مسبوق للمعلومات واتساع تأثير الوسائط الرقمية والذكاء الاصطناعي، يقابله سعي متواصل من المؤسسات الدينية والعلمية لمرافقة مختلف أطياف المجتمع للحفاظ على مرجعيتها الدينية في خضم هذا الزخم المتسارع.

أجمع مشاركون في الملتقى الذي احتضنه مركز البحث في العلوم الدينية وحوار الحضارات بـ”جامع الجزائر” على مدار يومين، أن التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي أصبحت واقعا يؤثر في حياة المجتمع وطريقة تفكيره، ما يفرض على المؤسسات الدينية مواكبة هذه التغيرات مع الحفاظ على المرجعية الدينية الوطنية، مؤكدين أن “جامع الجزائر” مدعو اليوم إلى لعب دور أكبر في توجيه الوعي الديني وخدمة المجتمع بخطاب متوازن وقريب من الناس.

الفضاء الرقمي مجال خصب لانتشار التضليل

وفي الموضوع، أكد الدكتور بلقاسم عدوان، أستاذ بجامعة باتنة وعضو المجلس العلمي، أن الرهان الحقيقي اليوم لا يقتصر على مواكبة التحول الرقمي من الناحية التقنية فقط، بل على مرافقة المجتمع في تحولاته المتسارعة، وتوجيه الناس نحو الفهم السليم للدين، بعيدا عن القراءات السطحية أو المتطرفة التي تجد في الفضاء الرقمي مجالا خصبا للانتشار، وأوضح عدوان أن هذه المعرفة مطالبة بأن تكون مبنية على أسس علمية ومنهجية واضحة، تجمع بين عمق التراث الإسلامي ومتطلبات الواقع المعاصر، بما يسمح بتقديم خطاب ديني متوازن وموثوق.

وأشار بلقاسم عدوان إلى أن هذه المقاربة المعرفية تمكن المؤسسات الدينية، وعلى رأسها “جامع الجزائر”، من أداء دورها في دعم صانع القرار من خلال تقديم رؤى علمية دقيقة تساعد على فهم التحولات الاجتماعية والفكرية التي يشهدها المجتمع، واقتراح حلول عملية للتعامل معها، مضيفا أن غياب هذا الدور قد يفتح المجال أمام مصادر غير موثوقة للتأثير في الرأي العام، وبالتالي لابد من إعطاء أهمية أكبر للاستثمار في البحث العلمي والدراسات الاستشرافية المرتبطة بالشأن الديني والتحول الرقمي.

وأكد المتحدث أن مواجهة مظاهر التضليل تقتضي حضورا واعيا وقويا للمؤسسات الدينية في الفضاء الرقمي، من خلال مبادرات استباقية تقدم محتوى هادف وتوظف أدوات العصر، بما فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي، لخدمة قيم الوسطية والاعتدال، واعتبر المتحدث أن هذا التوجه من شأنه أن يعزز ثقة المجتمع في المرجعية الدينية الوطنية، ويجعلها قريبة من انشغالات المواطن اليومية، مؤكدا في ذات الوقت على أن تعزيز مكانة “جامع الجزائر” كمرجعية وطنية جامعة وفاعل حضاري يمر عبر ترسيخ دوره العلمي والفكري، وتوسيع إشعاعه الثقافي داخل الوطن وخارجه، ومواكبة العصر والانفتاح على العالم، من دون التفريط في الثوابت أو فقدان الجذور الحضارية للمجتمع الجزائري، مشيرا إلى أن العالم يشهد اليوم تغييرات عميقة في أنماط إنتاج المعرفة وصناعة الرأي العام بفعل الثورة الرقمية، لاسيما تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما يجعل “جامع الجزائر” بمثابة حصن للمرجعية الدينية أمام تحدّ مزدوج، وهما الثبات على القيم الأصيلة، مع القدرة على التجديد في الوسائل والخطاب من دون التفريط في المبادئ الوطنية والحضارية.

“جامع الجزائر“ يواجه تحديات الذكاء الاصطناعي

وأعطى عميد “جامع الجزائر”، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، الأربعاء، إشارة انطلاق أشغال الملتقى الذي نظمه مركز البحث في العلوم الدينية وحوار الحضارات التابع لـ”جامع الجزائر”، بحضور ممثلي هيئات علمية وطنية وثلة من الباحثين المختصين، بعنوان “جامع الجزائر.. رسالة حضارية في عصر الذكاء الاصطناعي”.

وأكد الشيخ القاسمي على هامش الملتقى أن “جامع الجزائر” لم ينشأ ليكون معلما عمرانيا أو فضاء للعبادة فقط، بل أسس ليؤدي رسالة حضارية متكاملة، باعتباره فضاء حيا للعلم والفكر، ومنارة للمرجعية الدينية الوطنية، وجسرا للحوار مع أسئلة العصر وتحولاته.

وفي حديثه عن تحديات عصر الذكاء الاصطناعي، اعتبر الشيخ القاسمي، أن هذه التحولات تضع المؤسسات الدينية والعلمية أمام مسؤولية مضاعفة، تقوم على الفهم العميق من دون خوف أو انبهار، مؤكدا أن الرهان الحقيقي يكمن في التمكن الواعي من أدوات العصر وتطويعها لخدمة الإسلام، ونشر المعرفة الصحيحة، ومواجهة التضليل وخطابات الكراهية، مذكرا بأن الحضارة الإسلامية قامت تاريخيا على التوازن بين الوحي والاجتهاد، وبين الثوابت ومتطلبات التطور.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here