ثلاثة أحزاب معارضة في الجزائر تعلن إنشاء لجنة تفكير وتشاور.. وتوقعات بفتحها قنوات حوار مع السلطة

10
ثلاثة أحزاب معارضة في الجزائر تعلن إنشاء لجنة تفكير وتشاور.. وتوقعات بفتحها قنوات حوار مع السلطة
ثلاثة أحزاب معارضة في الجزائر تعلن إنشاء لجنة تفكير وتشاور.. وتوقعات بفتحها قنوات حوار مع السلطة

أفريقيا برس – الجزائر. اتفقت ثلاثة أحزاب جزائرية محسوبة على ما يسمى بـ”التيار الديمقراطي” على إنشاء آلية تنسيق وتشاور بينها لمتابعة الوضع السياسي في ظل ما تعتبره وضعا دوليا عصيبا يتطلب حماية البلاد. وتبدو لغة الخطاب التي تستعملها هذه الأحزاب في اجتماعاتها المشتركة، ناصحة للسلطة أكثر منها هجومية ضدها، ما قد يمهد لإمكانية فتح قنوات حوار بين الطرفين لاحقا.

وقال بيان مشترك لأحزاب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والإتحاد من أجل التغيير والرقي، إن اجتماع قياداتها على التوالي، لويزة حنون وعثمان معزوز وزبيدة عسول الذي انعقد ليلة 12 نيسان/أبريل، تناول تقييم اللقاءات الثنائية السابقة بينهم لاسيما من حيث الوضع السياسي العام في البلاد.

وأبرزت الأحزاب الثلاثة أن اجتماعها يأتي في وقت تمر البلاد بوضعية مفصلية حول مستقبلها بالنظر إلى التحولات التي يعرفها العالم حاليا، مشيرة إلى أنها قررت تنصيب لجنة تفكير وتشاور ومتابعة لهذه اللقاءات.

ووفق ما استقته مصادر اعلامية من قياديين في هذه الأحزاب، فإنه من المبكر الحديث عن مبادرة سياسية، بينما يبقى الغرض الأولي من هذه الاجتماعات حسبهم هو “فتح المجال السياسي والإعلامي وإعادة الاعتبار للعمل السياسي، كونه المسلك الوحيد لإخراج البلاد من الأزمة”.

وأبرزت المصادر الحزبية أن البلاد تعيش وضعا صعبا ومعقدا وطنيا وإقليميا، والرسالة التي يجب أن تصل للسلطة هي أن “مصلحة البلاد في فتح المجال للحريات”. وينتظر أن تصدر الأحزاب الثلاثة بيانا تفصيليا يوم الأحد المقبل، لشرح وجهة نظرها لهذا المسائل الشائكة التي تختلف فيها نظرة السلطة تماما مع ما تريده المعارضة.

وكان أكثر ما أثار غضب هذه الأحزاب مؤخرا، اعتماد قوانين جديدة اعتبرت مقيدة للحريات، أبرزها قانون العمل النقابي وقانون الحق في الإضراب وقانون الإعلام. وما رصدته المعارضة عموما أن هذه القوانين تصادر الحق في العمل النقابي بوضعها شروطا “تعجيزية” في الحصول على التمثيل لإنشاء نقابة وفصلها التام بين العمل السياسي والنقابي بشكل يحد من حرية القيادات النقابية في الاهتمام بالشأن السياسي إلى جانب تقييد الحق في الإضراب واشتراط أشواط طويلة من المفاوضات للوصول إليه.

وجاء اجتماع الأحزاب الثلاثة بعد تنسيق ثنائي أجرته قيادات هذه التشكيلات السياسية في الأسابيع الأخيرة، لكسر الركود العام الذي تشهده الساحة السياسية، وظهر فيه تطابق في المواقف حول النظرة لمسائل الحريات تحديدا واعتراف بوجود تهديدات خارجية على الجزائر في ظل السياق الدولي المتوتر.

وكان حزبا العمال والاتحاد من أجل التغيير والرقي مؤخرا، قد عقدا لقاء بينهما أعربا فيه عن القلق المشترك بشأن الوضع العام في البلاد في ظل التحولات الكبرى التى يمرّ بها العالم.

وقال الحزبان إنه من المستغرب في هذا السياق الدولي الجدّ حرج الذي يستدعي تعبئة حقيقية لمواجهة التهديدات المحتملة والمتعدّدة، أن تقوم السلطات بشلّ أغلبية القوى الحيّة للأمة. واعتبرا أن “تهميش الأحزاب السياسية وتجريم العمل السياسي والجمعوي والنقابي يشكّلان خطرًا جديًا على استقرار البلاد”، مؤكدين أنّ “التعددية الحزبية و النشاط النقابي والجمعوي عناصر أساسية لضمان تماسك البلد”.

واعتبرا أنّ غياب النقاش حول المسائل الاقتصادية والاجتماعية بمشاركة التنظيمات المؤطّرة للمجتمع من أحزاب سياسية وكل الفاعلين في المجتمع المدني نتيجة الغلق للفضائين السياسي والإعلامي، أصبح عائقًا رئيسيًا أمام البحث عن حلول جدّية للمشاكل التي تؤثر سلبًا على حياة أغلبية الشعب وتزيد من الضائقة الاقتصادية والاجتماعية التي قد تشكّل مصدرًا للعنف.

وأكد الحزبان، وهي النقطة الأبرز في البيان “استعدادهما لتحمّل مسؤولياتهما تجاه الشعب من خلال عرض المقترحات والحلول التي يرونها ضرورية ممّا يطرح الطلب الملحّ بفتح المجالين السياسي والإعلامي”.

واللافت في هذا البيان أنه اعتمد لغة ناصحة للسلطة يتخللها لوم على خياراتها السياسية والاقتصادية مع التنبيه لخطورة الوضع الوطني والإقرار في نفس الوقت بما تقوله السلطة نفسها حول وجود تهديدات خارجية محتملة على البلاد جراء الوضع الدولي الراهن. في المقابل، ابتعدت لغة الحزبين عن التهجم على السلطة أو رموزها وتجنبت تماما النقاش الذي كان سائدا في فترة الحراك الشعبي حول شرعية السلطة والمؤسسات التي انبثقت عن المسار الانتخابي منذ سنة 2019، والذي كانت نفس هذه الأحزاب قد قاطعته بمبرر أن هذا المسار سيعيد إنتاج نفس النظام الذي انتفض ضده الجزائريون.

وقد يكون ذلك مؤشرا قويا على تغير في الخيارات التكتيكية للأحزاب التي تبنت نهجا راديكاليا رافضا للتعامل مع السلطة خلال فترة الحراك الشعبي طمعا في الحصول على ضمانات أكبر للتغيير. وهذا التوجه يحيل مرة أخرى للمقاربة الإصلاحية التي كانت سائدة من قبل في توجّه المعارضة باختلاف ألوانها، من خلال التعامل مع النظام السياسي كما هو والبحث عن تحقيق مكاسب من خلال النضال ضد سياسات أو قوانين تعتبرها جائرة عبر فتح قنوات حوار مباشرة معه، وهو ما يختلف جذريا مع المقاربة الثورية التي كانت تطالب برحيل النظام باعتباره غير قابل للإصلاح.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here