أفريقيا برس – الجزائر. أجمع نواب المجلس الشعبي الوطني، خلال جلسة مناقشة مشروع القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، على ضرورة أن لا تتحول التدابير الوقائية التي يتضمنها النص الجديد إلى قيود بيروقراطية تعرقل نشاط البنوك والمؤسسات المالية، التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات عميقة ورقمنة شاملة لتسريع أدائها وتعزيز فعاليتها.
واعتبر النواب أن التصدي لمخاطر تبييض الأموال لا يمكن أن يكتمل دون معالجة شاملة للسوق الموازية للعملة الصعبة، وفي مقدمتها سوق “السكوار”، والتي تعد أبرز الأسواق الموازية للعملة الأجنبية.
وفي هذا السياق، تساءل النائب بجيلالي أحمد عن مصير سوق “السكوار” للنقد الأجنبي، الذي ظل – حسبه- خارج دائرة المعالجة القانونية رغم ما يحمله من مخاطر على النظام المالي الوطني، متسائلا عن غياب أي موقف حاسم تجاهه، كما أشار إلى أن هذا الملف يحتاج إلى معالجة معمقة في إطار محاربة تبييض الأموال. بالمقابل لم يخف النائب تحفظه من الطابع الاستعجالي للمشروع الجديد، معتبرا أن مقاربة بعض مواده لم تعط حقها من النقاش والتأني.
من جهته، اعتبر النائب عبد القادر بريش في مداخلاته أن النص القانوني المقترح لا يندرج في خانة التعديلات التقنية أو التحديثات الشكلية، بل يعكس بوضوح توجّه الدولة نحو بناء منظومة قانونية مالية عصرية وفعالة، تواكب المعايير الدولية وتعزز أدوات الوقاية من الجرائم المالية، لاسيما وأن الجزائر، حسبه، كانت من الدول السباقة إلى تجفيف منابع الإرهاب ورفض دفع الفدية للمجموعات المسلحة، بينما كانت دول أخرى تفاوضها في الخفاء باسم حماية رعاياها.
وفي السياق نفسه، عبر بريش عن استغرابه من إغفال مجموعة العمل المالي الدولي “غافي” في تقريرها الأخير للدور المحوري الذي لعبته الجزائر في محاربة الإرهاب ومنابعه المالية، مؤكدا أن إدراج الجزائر ضمن الخانة الرمادية لا يعكس جهودها الحقيقية، بل يستوجب مراجعة معايير التصنيف وآلياته.
كما دعا إلى ضرورة مرافقة القانون الجديد بحملات تكوينية وتحسيسية موجهة إلى المتعاملين الاقتصاديين والهيئات المصرفية، حتى لا يبقى النص مجرد وثيقة قانونية جامدة بل يتحول إلى أداة فعالة في الميدان.
من جانبه، أعرب النائب بوزيد مومني في مداخلاته عن قلقه من توسيع صلاحيات الرقابة وتشديد العقوبات، خصوصا تلك المتعلقة بعمل الجمعيات والمنظمات غير الربحية التي تمثل رئة من رئات المجتمع المدني، معربا عن تخوفه من أن تتحول الإجراءات الجديدة إلى عبء بيروقراطي قد يحدّ من النشاط المدني بدل تنظيمه.
كما وجه انتقادا للمادة 6 مكرر التي تمنع التعامل الكامل مع الأصول الرقمية، معتبرا أنها تتجاهل واقعا اقتصاديا جديدا فرضته التحولات الرقمية، حيث يعتمد عدد من الشباب على الأجور الرقمية في أعمالهم عن بُعد.
وفي السياق ذاته، أبدى مومني تحفظه على المادة 7 مكرر التي تُلزم المؤسسات بإجراء تحريات دقيقة ومتكررة حتى في المعاملات الصغيرة أو البسيطة، مؤكدا أن هذا التوجه قد يؤدي إلى إرهاق المواطن وتوسيع البيروقراطية دون تحقيق الأهداف المرجوة، كما نبه إلى المادة 27 التي تتيح تبادل المعلومات مع الجهات الأجنبية من دون تحديد دقيق لحدود هذا التبادل، قد تشكل تهديدا لسرية البيانات المالية للمواطنين سواء داخل البلاد أو خارجها.
أما رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، فقد شدّد في مداخلاته على أن الجزائر كانت من الدول الأكثر وعيا بخطورة حركة رؤوس الأموال المشبوهة، وقدمت نموذجا فاعلا في تفادي تصنيفات الدول غير الملتزمة في مجال محاربة تبييض الأموال.
كما أشار إلى أن المشروع الحالي يأتي لتعزيز التعاون الدولي وتكريس سيادة القانون، إضافة إلى تلبية توصيات “غافي” بشأن مراقبة القطاعات غير المصرفية وضمان شفافية المستفيدين الفعليين من الشركات، في إطار سدّ الثغرات التشريعية وتحقيق المزيد من الحوكمة المالية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس