رحب محللون سياسيون بمضمون مسودة الدستور، الموزعة على الأحزاب والنقابات وأطياف المجتمع المدني ووسائل الإعلام، معتبرين أنها تجسيد لأهم تعهدات رئيس الجمهورية، وكل ما تحتاجه حاليا هو مناقشة عميقة وتوضيحات لإزالة غموض بعض المواد.
يرى المحلل السياسي، رياض بوهيدل، في تصريح لـ”الشروق”، أن مسودة الدستور الموزعة مؤخرا، تحتاج إلى شرح وتفسير من طرف اللجنة التي صاغتها، لعدم ترك المجال “لأشباه مختصين، رأيناهم يفسرون عشوائيا ويعارضون، دون فهم منهم، وكأنهم في المقاهي…”، معتبرا أن التعديلات الدستورية الجديدة، تثبت وجود نية للتغيير والتوجه نحو الجزائر الجديدة.
وقال بوهيدل، من بوادر حسن نية السلطة، وجود مواد لاستقلالية القضاء، وتنازل رئيس الجمهورية عن بعض الصلاحيات، التي كان يحتكرها سابقوه. وحسبه فإن “تعيين نائب للرئيس والرجوع إلى رئيس الحكومة بدل رئيس الوزراء، هما مؤشران جيدان، على أن يتم تطبيق هذه التعديلات”.
وحتى قضية استحداث منصب نائب الرئيس أثار غموضا لدى كثيرين، حسبه، فراحوا يؤكدون سعي السلطة لتطبيق النظام الرئاسي، وهذا خطأ، موضحا “لا نزال في النظام شبه الرئاسي، لأن النظام الرئاسي يكون فيه فصل للسلطات وغياب منصب رئيس الحكومة وانتخاب نائب الرئيس.. فالنظام السابق شوه أصول النظام شبه الرئاسي”، على حد قوله.
وبالتالي، أي تعديل للتخلص من أخطاء دستور 2016 نرحب به، “فمثلا عند محاولتنا تطبيق المادة 102 من هذا الدستور، لتفادي أزمة غياب الرئيس، وجدنا صعوبات”.
إرسال الجيش خارج الحدود لحفظ السلام وليس للحروب
وبخصوص النقطة التي أثارت الجدل، والمتعلقة بإرسال الجيش خارج حدودنا، أوضح المتحدث “هذه نقلة نوعية لعقيدة الجيش الجزائري، ولا تعني مشاركة جيشنا في الحروب، وإنما لحفظ السلام، والدفاع عن الوطن”. وحسبه، لا يعقل مجيء قوات تركية وفرنسية إلى ليبيا، ونحن أولى بذلك.
وجميعنا، نتذكر-حسب المتحدث- حادثة خطف الدبلوماسيين الجزائريين في أفريقيا ومقتلهم، وضرب سفارتنا بليبيا، وخطف والي إليزي ولم نستطع التحرك للدفاع عن أنفسنا، وبالتالي “فالوضع الأمني الإقليمي يحتم علينا تغيير عقيدة جيشنا، كما أنها رسالة قوية للخارج”.
وأكدد أستاذ العلوم السياسية، بشأن من وصفهم بـ”المشوشين” والذين انتقدوا مسودة الدستور “أن هذه التعديلات، تبقى مسودة وأفكارا معروضة للنقاش، ويمكن إحداث تغييرات فيها”، والإيجابي، أن هذه التعديلات لن تمر دون استفتاء شعبي، فالكلمة الأخيرة ستكون للشعب، حسب تعبيره.
فيما اعتبر الناشط محمد بوخطة، بأن أزمتنا- شعبا وسلطة- ليست في النص الدستوري ولكن في الالتزام الدستوري، وحسبه، فإن ثقافة الالتزام هي الغائب الأكبر في حياتنا، مضيفا “وثيقة الدستور هي النص القانوني الأساس الذي يحدد معالم وتوجه النظام السياسي، وما دامت مطروحة للنقاش فالخوض فيها حتمي على كل مثقف مهتم بالشأن السياسي والوطني”.