يعيش المسنون في الجزائر، هذه الأيام، حالة قلق متزايدة بعد ارتفاع الحصيلة اليومية لإصابات كورونا، التي تناهز 600 إصابة يوميا، خاصة مع ارتفاع الوفيات وانتقالها من معدل 7 وفيات إلى 12 وفاة.
وما يزيد من هذه المخاوف، التصريحات التي تفيد بأن هذه الفئة هي الأكثر تعرضا وتضررا من الوباء.
ويظهر مسنون وبعض المرضى المزمنين قلقا كبيرا، بعد متابعة الحصيلة اليومية للإصابات، التي ينتظرونها كل مساء، لمعرفة التطورات، ويتابعون البرامج الإرشادية والتوعوية، حتى إنهم باتوا يمتلكون ثقافة صحية ووقائية أفضل بكثير من أبنائهم الذين يستخفون بالوباء.
مسنّون ضحية أبنائهم المستهترين
ورغم حرص المسنين على لزوم بيوتهم وعدم الخروج منها، إلا أنّهم عادة ما يكونون ضحية لأبنائهم، الذين يستهترون في احترام إجراءات الوقاية وينقلون الفيروس إلى والديهم، الذين يعانون بعد ذلك تعقيدات صحية ترقدهم في مصالح العناية المركزة، وقد يفارقون الحياة على إثرها.
وفي مقابل هؤلاء، يبدى أبناء آخرون حرصا شديدا على حماية آبائهم، ومنهم من قطع سهراته وجلسات سمره في الأحياء، حبا في والديه وخشية إصابتهما بمكروه يندم عليه بقية عمره، ومنهم من دخل في عطلة غير محدودة عن العمل وقاطع الأسواق والتجمعات صونا للأرواح.
المسنون أكثر تعرضا للإصابة بالفيروس
وأفاد البروفيسور، مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، في تصريح إلى “الشروق”، بأن الجزائر تعرف منحى تصاعديا خطيرا للوباء، سجل عقب تخفيف إجراءات الحجر الصحي.. ومن المحتمل أن يتزايد أكثر من هذا، لأن الفيروس بات موجودا في كل التجمعات السكانية، ومن الصعب توقيفه. والحل يكمن، حسب المتحدث، في الحجر الممنهج، واتخاذ إجراءات مرافقة، مثل رفع مستوى الكشف عن الفيروس، وكذا تعزيز التحقيقات الوبائية.
ويؤكد خياطي أن الانتشار السريع للفيروس يضر بشكل أكبر بالمسنين، الذين لديهم قابلية التأثر السريع، كما أنهم في الغالب يعانون أمراضا مزمنة، مثل السكري والضغط الدموي والقصور الكلوي، بالإضافة إلى الحوامل والمدخنين، ومن يعانون السمنة المفرطة.
وأمام هذه الظروف الاستثنائية والخطيرة، يقول المختص، يجب على هذه الفئة حجر نفسها بنفسها والابتعاد عن كل أشكال الاختلاط مع الأقارب والأهل وحتى أفراد الأسرة الواحدة الذين يخرجون إلى الشارع، حيث يطلب أيضا من الأبناء تقليل الاحتكاك بوالديهم، لأن الخطر كبير عليهم بالنظر إلى سنهم وضعف مناعتهم.
6587 مسن أصيبوا بكورونا
وحسب أرقام رسمية قدمها عضو اللجنة العلمية البروفيسور سوكحال عبد الكريم، فإن الإصابات لدى المسنين بلغت 6587 لدى الفئة التي يزيد سنها عن 60 عاما و3736 لدى الفئة التي تتراوح أعمارها ما بين 50 إلى 59 عاما، فيما بلغت الإصابات لدى الفئة العمرية ما بين 25-49 عاما 8757 إصابة.
وحذّر سوكحال من تهاون الأبناء في إجراءات الحماية والوقاية، ما قد يعرض آباءهم المسنين الآمنين في بيوتهم إلى مضاعفات صحية هم في غنى عنها.
ودعا سوكحال الجميع إلى الحفاظ على المسنين الماكثين معهم، وتجنب معانقتهم أو التقرب منهم، خاصة بالنسبة إلى من تضطرهم الظروف إلى الخروج من البيت لأسباب مهنية أو اجتماعية.
مراكز البريد الخطر الداهم للمسنين..
وتبقى مراكز البريد البؤرة الخطيرة التي تهدد المسنين بالإصابة بفيروس كورونا، خلال فترة صب المعاشات، حيث تغيب التدابير الوقائية، رغم بعض المحاولات في التقيد بها، إلا أنّ ذلك لا يجدي نفعا.
وتشكل طوابير المسنين الديكور الخارجي الملازم لمراكز البريد، التي يحرص القائمون عليها على ضبط واحترام مسافة الأمان داخل المركز، بينما خارجه يضرب بكل مقاييس الحماية عرض الحائط.
وأمام هذه الوضعية، بادر بعض المتطوعين إلى تنظيم الصفوف بشكل يحفظ سلامة الأشخاص، فيما بادرت المديرية العامة للبريد ببعض الإجراءات التنظيمية لصب المعاشات في أيام متفرقة لتجنب الاكتظاظ والازدحام