ثمّن المُحلل السياسي، رياض بوهيدل، جهود السلطة الوطنية في جمع المترشحين الخمسة لرئسيات 12 ديسمبر، حول طاولة واحدة، ومعتبرا أنها تجربة أولى في الجزائر، وهو ما يجعلها “إيجابية” في بعض تفاصيلها، لكن وفي حال أردنا التعمق أكثر في خصائص المناظرة “فإنها لا تنطبق على ما شاهدناه سهرة الجمعة” على حد تعبيره.
واعتبر بوهيدل في تصريح لـ”الشروق”، المناظرة التي جمعت كُلا من المترشحين عزيز بلعيد، وعبد القادر بن قرينة، عبد المجيد تبّون وعز الدين ميهوبي وعلي بن فليس “لم ترق إلى الطموح المُنتظر، فقد كنا ننتظر أشياء أخرى..”.
وحتّى مفهوم المناظرة لم تلتزم به السلطة الوطنية-برأيه- خلال تنظيمها، حيث قال محدثنا “المنظمون اقتبسوا حرفيا من مناظرة تونس.. وهذا خطأ، لأن المفهوم الحقيقي للمناظرة نجده في أمريكا، والتي تعني وجود تفاعل بين المترشحين أنفسهم، وبينهم وبين الصحفيين”. وتأسّف المحلل السياسي، لاقتصار مهمة الصحفيّين على قراءة الأسئلة فقط.
وشبه المتحدث المترشحين خلال المناظرة “بأعضاء حكومة واحدة، يعرضون برنامجا واحدا على المواطنين… فلم نر اختلافا أو أجوبة متميزة، يمكن للناخب أن يحكم منها على مترشح”، فيما وصف الأسئلة، بالسطحية والعامة والطويلة جدا، والتي لا تعطي فرصة للمترشح للتعمق في الإجابات.
ومع ذلك، يؤكد بوهيدل، أن المعايير الرئيسية للحكم على نجاح شخصيات في المناظرة من عدمه، ليست في إجابات الأسئلة “وإنما في طريقة الوقوف واللباس، وحركة اليدين والعينين، ونبرة الصوت والإيماءات وحتى طريقة وضع الخاتم … وغيرها كثير من لغة الجسد التي يفسرها مختصون في المجال”.
ولتقييم تفوق المترشحين الخمسة في هذه المناظرة، لابد من إجراء تحليلات سيميولوجية على الخمسة. حيث قال “في المناظرة تشكل الجمل والكلمات نسبة 7 بالمائة فقط، أما لغة الجسد فتشكل 55 بالمائة، فيما تشكل نبرة الصوت 38 بالمائة فقط”.
وتكمن أهمية لغة الجسد خلال المناظرات، حسب تفسير بلهيدل، في أنه لا يمكن الحكم على شخصية رئيس الجمهورية انطلاقا من جواب لا تتعدى مدته دقيقتين…!! وبالتالي لغة الجسد هي نقطة الفصل بين المترشحين.
وبخصوص تمكن المترشحين من استقطاب “الكتلة الصامتة” من خلال مناظرة الجمعة، قال بلهيدل “من أهداف المناظرة في أي بلد، هي الرهان على جزء من الوعاء الانتخابي والمتمثل في الكتلة الصامتة والتي لم تحدد مرشحها بعد، أو تغيير نظرة البعض إلى مرشحهم”.
ولكن للأسف، حسب محدثنا، فإن الشيء الذي لاحظناه أن المترشحين الخمسة لم يقنعوا بالقدر الكافي، “فلربما بسبب انعدام تجربتهم في المناظرات، أو لعدم تدربهم على الموضوع”.
ومع ذلك، ثمّن المتحدث، المناظرة التي جمعت المتنافسين الخمسة على كرسي المرادية، حيث قال “من الصّعب أن تجمع خمسة مترشحين في قاعة واحدة وعلى طاولة واحدة… وهو ما يجعلنا نثمن مجهودات السلطة الوطنية”.
أستاذ العلوم السياسية.. العيد زغلامي لـ”الشروق”:
كل مترشح أظهر قدراته التواصلية وكانت أصواتهم جوهرية وقوية
شبه أستاذ العلوم السياسية، العيد زغلامي في تصريح لـ”الشروق”، مناظرة الجمعة باستعراض إعلامي، جرى فيه “استجواب أو مقابلة بين خمسة مترشحين وأربعة صحفيين، غاب عنها الجدل والإثارة والتشويق”.
إذ حاول كل مرشح، حسب المتحدث، الترويج لبرنامجه ومؤهلاته لا غير “خاصة في ظل افتقاد الأسئلة للدقة والوضوح، والتي لم تكن تعكس انشغالات الوضع الراهن”.
وعن تحقيق المناظرة مهمتها في استقطاب الكتلة الناخبة، رد زغلامي “الوعاء الانتخابي، يتوقف على عوامل عديدة، وأهمها البيئة المحيطة بالشخص الناخب، ومؤهلاته العلمية، وجنسه، وتوجهاته السياسية من عدمها، ومستواه الفكري…. وبالتالي تختلف ردود فعل المواطنين تجاه المناظرة”.
وتأسف المحلل لتوجه مناظرة أول أمس، نحو “الملل” بسبب كثرة الصحفيين، وتكرار نفس الأسئلة، وطول مدة البث. وهو ما جعله يدعو وفي حال كان هنالك دور ثان “لتفادي أخطاء المناظرة الأولى، ومع ضرورة تقليص وقتها، أو منح استراحة للمترشحين.. فوقوفهم أكثر من ساعتين هو عقوبة لهم”. كما تمنى أن تكون مناظرة الدور الثاني (في حال وجدت) أكثر إثارة وتشويقا وجدلا.
ومع ذلك، قال زغلامي، إن كل مترشح أظهر قدراته الاتصالية، ومهارته وصبره “كما لاحظنا تحكم غالبيتهم في اللغة العربية الفصحى، ومنهم من استعمل لغة ثانية لزيادة التوضيح، وكما كانوا يتكلمون بصوت جوهري وقوي”.