الكرة الجزائرية خارج القانون

4

تعيش الكرة الجزائرية مرحلة جديدة من الهوان جعلتها رهينة وتحت رحمة الفوضى على مستوى الهيئات المتحكمة في سلطة القرار، وأصبح القاسم المشترك بين رؤساء الاتحادية المتعاقبين هو الدوس على القانون والتسيير بإجراءات تنظيمية مبهمة وفي ضبابية، إلى درجة فقد القانون سلطته وكأنه وُجد لكي لا يُطبّق.

من بُنِي على باطل فهو باطل.. قول مأثور ينطبق على واقع الكرة في الجزائر، فرئيس الاتحادية الجديد لم يختلف عن سابقه من حيث طريقة دخول الهيئة الكروية ولا من حيث طريقة التسيير والتعامل، واختلفت نظرة خير الدين زطشي للإجراءات القانونية ولدور الإعلام في التعامل مع الخروقات الواضحة بين الوقت الذي كان فيه مرؤوسا من محمد روراوة، والوقت الحالي الذي تحوّل إلى رئيس لكل الفاعلين في الكرة، فالرجل اعتلى كرسي الرئاسة في جمعية عامة انتخابية جرت بـ”أبواب مغلقة” في وجه الصحفيين يوم 20 مارس 2017، بتدخل مباشر من وزير الشباب والرياضة السابق، الهادي ولد علي، بما يتنافى وقوانين “الفيفا” التي تمنع أي تدخل حكومي في شؤون الاتحادات.

ولم يعُد دخول معترك الانتخبات بمترشح وحيد “معيّن” من الوزير” و”مفروض” على الجمعية العامة، يُحرج السلطة ويحرّك الإعلام، بل إن انتزاع الشرعية من تركيبة دأبت على رفع الأيدي مؤيدة ومزكية لأي رئيس “مسنود” حتى دون مشروع، يطرح إشكالا أو يبعث على القلق على منظومة كروية وقد عقدت العزم على السير عكس التيار بما يخالف الاتحادات الناجحة التي جعلت من احترام سلطة القانون والإجراءات التنظيمية سلاحها لقطع الطريق أمام الانتهازيين والمغامرين الذين يحرصون على إحكام قبضتهم على الكرة الجزائرية بمنطق “النية” التي لا وجود لها في قاموس التسيير الاحترافي للجمعيات والمؤسسات.

الكرة الجزائرية في عهد خير الدين زطشي حطّمت الرقم القياسي وفي ظرف وجيز من حيث كمّ الفضائح التي اقترنت بالدوس على القانون بشكل فاضح، فخليفة روراوة جعل من كرسي الاتحادية غاية لتحقيق مصالح ضيقة تتعلق بإنجاح المشروع الرياضي والاقتصادي لأكاديمية بارادو، وهي مصالح لها ارتباط مباشر بالتحكم في دواليب الاتحادية لتأمين طريقة تسويقه بفوائد مضمونة دون عقبات نحو النوادي الأجنبية، بما تحوّل تحرير الإعارات دون قيد أو شرط إلى خطر يهدد نزاهة البطولة التي تشهد تواجد لاعبين من ناد واحد على مستوى أكبر عدد من النوادي المحترفة.

وأسقط زطشي من حساباته، وهو يجلس على كرسي سابقه، كل الإجراءات التنظيمية المطلوبة، حتى يجد في الفوضى و”النية” وسيلة للمناورة وذر الرماد في العيون، فكان له أن يمضي على شهادة وفاة اتحاد البرج الموسم الماضي بإنزاله إلى آخر مستوى من المنافسة لإنقاذ فريق شباب أمل القبة رغم أن المادة 71 من قانون بطولة الهواة في ذلك الوقت كان تنص صراحة على أنه “لا يمكن إنقاذ فريق سقط رياضيا ولا يمكن تعويضه”، في حين كان شباب أمل القبة ورائد بومرداس قد سقطا رياضيا في ذات الموسم وتم إنقاذهما، بينما حظيت ثمانية أندية من رابطة سعيدة وأربعة أندية من رابطة وهران بمعاملة خاصة من “الفاف” بتجنيبهم النزول إلى البطولة الولائية رغم أنها غابت عن المنافسة لموسم كامل مثل اتحاد البرج.

وداست “الفاف” على ما ورد في قانونها الأساسي الذي ذكرت بأنه يتماشى مع قانوني الجمعيات والرياضات لـ2012 و2013 على التوالي حسب المادة الأولى، ومع قانون “الفيفا” وقوانين “بورد” الدولي حسب المادة الثانية من ذات القانون الأساسي، وراحت اتحادية زطشي تسطو على صلاحية الهيئات القانونية بإصدار عقوبات على النوادي على مستوى المكتب الفدرالي، رغم أن هذا الأخير فاقد للسلطة التأديبية، بينما فرض زطشي نفس منطق روراوة بتسويق أعضاء الهيئات القانونية على أنهم “مستقلون” رغم أن الحقيقة تثبت بأنهم معينون ولم يكتسبوا سلطتهم من الجمعية العامة.

مشاكل الكرة في الجزائر لم تتخلص من هاجس عدم احترام القوانين التي تحوّلت إلى هواية على مستوى مختلف المكاتب الفدرالية، وتبيّن بأن “ما يجب أن يكون” على مستوى “الفاف” يتغير لدى زطشي ورواوة عندما يكون كل واحد منهما خارج منصب المسؤولية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here