أفريقيا برس – الجزائر. شهدت الكرة الجزائرية على مر السنوات الأخيرة، بروزا لافتة لعدة نجوم تنبأ لها الكثير بالذهاب بعيدا في مسيرتها الرياضية، إلا أنها بقيت في نطاق المحلية أو الاكتفاء بخوض تجارب احترافية متواضعة غلب عليها الشق المالي أكثر من الرياضي، والأكثر من هذا لم يتسن لها فرض نفسها مع المنتخب الوطني..
سواء بسبب لعنة الإصابات أم سوء الحظ الناجم عن قوة المنافسة أم عدم التسيير الجيد للمسيرة الكروية، والكلام ينطبق على نجوم صنعت الحدث، في رضا ماتام وعز الدين رحيم صورة لزهر حاج عيسى وعبد المؤمن جابو وأمير سعيود الذي خطف الأضواء هذا الموسم مع شباب بلوزداد، وفضل خوض تجربة احترافية في الدوري السعودي.
يجمع الكثير من المتتبعين على أن البطولة الوطنية أنجبت عدة مواهب كروية صنعت الحدث في الملاعب الجزائرية، حيث جمعت بين صنع اللعب والإبداع الفني فوق الميدان والحس التهديفي الذي كثيرا ما صنعوا به الفارق في مباريات هامة ومصيرية، حيث تتذكر الجماهير الجزائرية مؤخرا أسماء صنعت الفرجة وكسب قلوب محبي الكرة النظيفة، على غرار المدلل السابق لأنصار وفاق سطيف، لزهر حاج عيسى، الذي صنع أفراح نسور الهضاب لعدة مواسم محليا وقاريا، لكنه لم يذهب بعيدا مع المنتخب الوطني، والكلام ينطبق على جابو الذي سبق له أن أمر على مولودية العلمة واتحاد الحراش وصنع البهجة مع وفاق سطيف، وكان بمقدوره فرض نفسه مع المنتخب الوطني لعدة سنوات، لكنه لم يتسن له ذلك، فبقيت بصمته في مونديال 2014 مميزة لكن دون استمرارية.
وآخر المواهب التي صنعت الحدث هو أمير سعيود الذي أدى موسما مميزا هذا العام مع شباب بلوزداد الذي توج معه بلقب البطولة وختم المسيرة هدفا باحتيار، لكنه هو الآخر لم ينل حظه مع المنتخب الوطني لعدة أسباب منها سوء الحظ واحتدام التنافس في عهد بلماضي بالخصوص، في ظل توفر البدائل بقيادة عناصر محترفة في بطولات أوروبية وأخرى خليجية.
سعيود.. أمير مع الأندية وغائب عن الخضر
لن ينسى أنصار شباب بلوزداد المردود الباهر الذي أبان عنه أمير سعيود طيلة الموسم المنقضي، حيث يجمع الكثير بأنه لم يمر على أبناء العقيبة خلال العشريات الثلاث الأخيرة لاعب صنع الحدث على طريقة سعيود، وهذا رغم Hن الشباب أنجب مهاجمين كبار بوزن باجي ونقازي وياحي والبقية، أمير سعيود الذي سجل 20 هدف في البطولة وهدف في نهائي الكأس الممتازة و 8 أهداف في رابطة الأبطال الإفريقية و11 تمريرة حاسمة عرف كيف يمنح إضافة نوعية لشباب بلوزداد في مختلف المنافسات في موسم صنف بالاستثنائي سواء من ناحية الظروف أو نوعية الإنجازات، بحكم التتويج بكأس السوبر والبطولة الوطنية، وكذلك الوصول إلى ربع نهائي كأس رابطة أبطال إفريقيا، وهي إنجازات تضاف إلى المسار المتنوع للعب حمل ألوان 10 أندية في البطولة الوطنية والمصرية والبلغارية والكويتية وأخيرا السعودية، إلا أن الحظ لم يسعفه لفرض تواجده المنتخب الوطني لعدة أسباب أرجعها البعض إلى سوء الحظ واحتدام التنافس في تشكيلة بلماضي وكذا عدم تسيير أمير سعيود لمشواره الكروي رغم تنوعه، وهو القادر على فرض نفسه مع أكبر الأندية في أعلى المستويات.
جابو.. ترك بصمته في المونديال ثم خيب الآمال
من جانب آخر، يعد عبد المؤمن جابو من المواهب الكروية التي صنعت الحدث في البطولة الوطنية خلال المواسم السابقة، ورغم أنه لم يفرض نفسه مع وفاق سطيف في البداية، إلا أنه قام بعدة تضحيات لإثبات الذات، بعدما مر على مولودية العلمة واتحاد الحراش، ليعود إلى وفاق سطيف من الباب الواسع، مقدما إضافة نوعية، حتى انه سار على خطى لزهر حاج عيسى في الإبداع الفني واللعب الاستعراضي إضافة إلى الفعالية في التهديف، وهو ما جعله يطرق أبواب المنتخب الوطني في عهد المدرب خاليلوزيتش الذي منح له فرصة المشاركة في مونديال 2014 بالبرازيل، حتى إنه سجل هدفا تاريخيا حبس به أنفاس الألمان، بعدما قلص النتيجة في آخر أنفاس الوقت الإضافي، ورغم هذا البروز اللافت لجابوا إلا أنه لم يتسن له مواصلة فرض نفسه، بدليل أن المدرب غوركوف أبعده من الخيارات الأساسية، على غرار ما حدث في “كان 2015″، ما جعله يتحول إلى لاعب أندية، وهو الذي خاض تجربة مع مولودية الجزائر قبل أن يعود مجددا إلى وفاق سطيف.
حاج عيسى حقق كل شيء مع الوفاق ولكن..
يجمع الكثير أن اللاعب لزهر حاج عيسى ضيع مشوارا كرويا أفضل من ذلك الذي صنعه مع وفاق سطيف، انطلاقا من فريقه الأصلي مولودية باتنة، وهذا بسبب لعنة الإصابات وعدم التسيير الجيد لفترات هامة من مشواره الكروي.ابن حي بوعقال بباتنة لا يزال أنصار وفاق سطيف يتذكرونه بخير، وهو الذي ساهم في تألق نسور الهضاب منذ التحاقه عام 2004، سواء في البطولة الوطنية وكأس الجمهورية أم في المنافسات القارية والإقليمية، ما جعله يبهر الجميع في مختلف الملاعب الجزائرية والعربية والإفريقية، حتى إن المعلق الشهير الشوالي أطلق عليه اسم “باجيو العرب”، إشارة إلى حسه الفني وإمكاناته في صنع الفارق على طريقة اللعب الإيطالي الشهير روبيرتو باجيو.
إلا أن مشكلة لزهر حاج عيسى تمثلت في عدم تسيير مشواره بشكل جيد، بسبب تأخره في خوض تجربة احترافية تتماشى مع طموحاته وإمكاناته، وكذا سوء الحظ الذي عاكسه مع المنتخب الوطني، بحكم أنه لم تتح له فرص اللعب رغم حضوره تربصات كثيرة على مدار عدة سنوات، إضافة إلى لعنة الإصابات التي حالت دون مواصلة تألقه في المستوى العالي، وهو الذي برهن أكثر من مرة على قدرته في منح الإضافة اللازمة، بدليل مساره الخير مع شباب باتنة وفريقه الأصلي مولودية باتنة.
والواضح في النهاية، أن سوء الحظ الذي لازم عدة مواهب كروية مع المنتخب الوطني، لم تتوقع عند صانعي الألعاب وهدافين من الطراز العالي في صورة أمير سعيود وجابو ولزهر حاج عيسى، بل تعدى إلى هدافين مروا على البطولة الوطنية، بعضهم لم تتح لهم الفرص وآخرون لم يبرهنوا مع المنتخب الوطني رغم تألقهم اللافت في مباريات البطولة الوطنية، على غرار حاج عدلان وبرقيقة وناصر بويش وعامر بن علي وعز الدين رحيم وغيرهم، فيما ذهبت أسماء أخرى ضحية اشتداد التنافس، خاصة على مستوى وسط الميدان، وفي مقدمة ذلك منصب صانع العاب، على غرار ما حدث في الثمانينيات في عز تألق لخضر بلومي الذي حجب أسماء بارزة من طينة عجيسة وعبد القادر مزياني وبوكار وبلخطوات وقطاي وأسماء كثيرة لا تزال محل إشادة الجماهير والفنيين والمهتمين.