افريقيا برس – الجزائر. شيّع آلاف المعزين الحارس الدولي الأخير إلى مثواه الأخير بمقبرة سيدي السنوسي بتلمسان، ظهيرة الخميس في أجواء مهيبة. سمير اللاعب الخلوق، ترّجل ورحل عن الدنيا في سن 42 سنة، بعد مشوار كروي حافل بدأه من مسقط رأسه بتلمسان، مع الوداد التلمساني، ليشق الرحال في تجارب عبر فرق جزائرية مختلفة من جمعية الشلف إلى وفاق سطيف وشبيبة القبائل، مع حمل ألوان المنتخب الوطني، حيث أتيحت له فرصة لعب المباراة التاريخية ضد الأرجنتين بقيادة ميسي.
حجاوي الحارس الخلوق، والإنسان المتواضع والذي يعمل بصمت وبعد أن ودّع ميادين كرة القدم، بدأ مشواره في عالم التدريب وكان يمتلك طموحات كبيرة لتكوين أجيال من حرّاس المرمى، وخاض تجارب مع اتحاد بلعباس وسريع غليزان. كما نال عدّة ألقاب وطنية وقارية. ليتفاجأ من دون سابق إنذار بمرض خبيث، ليباشر رحلة علاجية بفرنسا، بعد تدخل أعلى السلطات التي مكّنته من مغادرة التراب الوطني رغم الظروف الصحية التي تمر بها البلاد، لكن رحلته أو بالأحرى رحلة علاجه، كانت متأخرة بعد أن تسرب المرض الخبيث إلى جسده فقاوم وقاوم إلى غاية الأيام الأخيرة، وظهر عبر فيديو في وسائط التواصل الاجتماعي يناشد فيه السلطات لإعادته إلى وطنه، بعدما أكد له الأطباء بفرنسا إستحالة علاجه.
نداء سرعان ما استجابت له السلطات بعد تدخل رئيس الجمهورية ووزير الشبيبة والرياضة، فبدأ الجميع في انتظار عودة سمير إلى أرض الوطن يوم الإثنين. لكن القضاء والقدر كان له قول آخر، وسلّم سمير حجاوي روحه إلى بارئها يوم الأحد 24ساعة قبل موعد عودته إلى أرض الوطن. عائلة سمير ورغم شدّة الصدمة فإنها كانت متماسكة فشكر والده الجزائريين المتضامنين مع العائلة من كل ربوع الوطن ومن خارجه.
وبدموع غزيرة أبى الوالد إلاّ أن يوجه نداء للشعب الجزائري فقال عبر الشروق: “رجاء أدعوا لسمير بالرحمة، وادعوا لشهداء فلسطين وشعبها”. أمّا شقيق سمير فقد قال “كلما أرى ما يحدث لأهلنا بفلسطين أنسى مصابنا في شقيقي، فاللهم يا رب اجعل أخي مع شهداء فلسطين في الدار الآخرة”.
سمير حجاوي كانت محطته ما قبل الأخيرة في الدنيا بمركب العقيد لطفي، الملعب الذي شهد بروزه وصنع فيه أمجاده الكروية، فهناك أقيمت عليه صلاة الجنازة، بحضور مسؤولي ولاية تلمسان كافة من سلطات مدنية وعسكرية، ليتم بعدها نقله إلى المقبرة، وحمل جثمانه الطاهر أعوان الحماية المدنية وسط تأثر كبير للحشود الجماهيرية التي تقدمها زملاء سمير في مختلف تجاربه الكروية فحضر عنتر يحي الذي زامله في المنتخب الوطني وأثنى عليه، وهي ذات عبارات الإعجاب بأخلاقه التي عبر عنها فوزي موسوني الذي واجهه في أكثر من مرة، كما حضر نجوم الكرة بالغرب الجزائري كمغارية وبن زرقة ومصابيح وعاصيمي، إضافة إلى قدماء لاعبي وداد تلمسان مثل الحارس سمير زيتوني الذي لم يستطع إخفاء دموعه وهشام مزاير وهبري وبن يمينة وبرحال والمدرب عمراني وغيرهم من الوجوه الكروية التي كانت مصدومة. كما قطع أنصار من سطيف ومن تيزي وزو مئات الكيلومترات لحضور جنازة سمير، مؤكدين أنهم لم يروا منه سوى الخير خلال لعبه مع فرقهم. وهي الأخلاق غير الغريبة على ابن مدينة تلمسان الذي كان دوما سبّاقا للمبادرات الخيرية وحافظ على علاقته الطيبة مع الجميع ..فألف رحمة تغشاك أيها الطيب.