السيسي يستعد لولاية ثالثة وسط المشاكل الاقتصادية في مصر

3
السيسي يستعد لولاية ثالثة وسط المشاكل الاقتصادية في مصر
السيسي يستعد لولاية ثالثة وسط المشاكل الاقتصادية في مصر

أفريقيا برس – مصر. قبيل التصويت في الانتخابات الرئاسية المقررة من 10 إلى 12 ديسمبر/كانون الأول، تواجه مصر المشاكل الاقتصادية التي تبدأ بأزمة العملة ولا تنتهي بالتضخم. ويقف مصريون في طوابير أمام جمعيات تعاونية تديرها الدولة لمحاولة شراء حصص مدعومة من السكر الذي بات شحيحا.

وهذه أحدث علامة على المشاكل الاقتصادية التي زادت بشكل حاد منذ أوائل العام الماضي، ووضعت المصريين في مواجهة صعبة مع أسعار آخذة في الارتفاع، وأزمة في النقد الأجنبي لم يُعثر على حل لها، ما يخيم بظلاله على تعهدات المضي في الإصلاحات المؤجلة.

وعلى الرغم من المشاكل الاقتصادية، من المتوقع أن يفوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة، وسط تهميش أو سحق حركات المعارضة الموثوق بها، وانشغال أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان بالحرب في غزة.

ولكن بمجرد انتهاء التصويت، سيراقب المحللون عن كثب التدابير التقشفية التي يعتقدون أنه جرى تأجيلها بسبب الانتخابات، ويمكن أن تكون بداية لترتيب أوضاع النظام المالي لمصر، وهو ما سيمثل تحديا كبيرا.

وتسببت سنوات من الاقتراض بمبالغ كبيرة من الخارج في تراكم ديون خارجية ثقيلة على مصر، وفي شح النقد الأجنبي اللازم لشراء السلع الأساسية.

وتوقف صرف شرائح حزمة الدعم المالي من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، التي وُقّع الاتفاق بشأنها في ديسمبر/كانون الأول 2022 بعد أن تخلفت مصر عن الوفاء بتعهد الانتقال إلى سعر صرف مرن، وتقليص دور الدولة والجيش في الاقتصاد.

وشهدت الأشهر القليلة الماضية أبرز المشاكل الاقتصادية المتمثلة في تراجع قيمة العملة الضعيفة بالفعل إلى 50 جنيها مقابل الدولار في السوق السوداء، مقارنة بالسعر الرسمي عند 31 جنيها للدولار. وتقول بيانات البنك المركزي إن أقساط الديون المستحقة في عام 2024 هي الأعلى مستوى على الإطلاق عند 42.26 مليار دولار على الأقل.

وفي أحدث محاولة لخفض الأسعار، أعلن مجلس الوزراء، في أكتوبر/تشرين الأول، عن اتفاق مع منتجي القطاع الخاص وتجار تجزئة على خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك السكر، بنسبة من 15 إلى 25 بالمئة بعد ارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي.

لكن الجهود لم تسجل نجاحا يذكر. وفي غضون أسابيع، قفز سعر التجزئة للسكر إلى 55 جنيها مصريا (1.78 دولار) من نحو 35 جنيها في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.

وقال تامر أحمد، وهو بائع خضراوات متجول عمره 46 عاما، من أمام متجر تعاوني تبيع فيه الحكومة المنتجات المدعومة: “الأسعار شديدة أوي على الناس كلها… على اللي معاه واللي مامعاهوش (الغني والفقير)”.

“الأزمة في السكر بالنسبة لنا احنا إن احنا نستنى مثلا الجمعية منزلة كيلو كامل بسبعة وعشرين جنيه دا اللي نروح ناخد منه اثنين كيلو ثلاثة كيلو، لكن في السوبر ماركت الـ50 جنيه موجود و55 جنيه موجود، النهاردة ما بتقولش هات كيلو بتقول هات نص كيلو سكر، هات بخمسة جنيه”.

فاتورة الديون المتزايدة تعمق المشاكل الاقتصادية

ومع عدم القدرة على تحمل تكاليف الاقتراض من أسواق الدين العالمية، عمدت الحكومة إلى تمويل العجز المتزايد من خلال توسيع الاقتراض المحلي، وسط ارتفاع أسعار الفائدة محليا وخارجيا، الأمر الذي أدى إلى عجز أكبر.

وارتفعت أذون وسندات الخزانة القائمة بالعملة المصرية إلى 5.04 تريليونات جنيه حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، من 4.35 تريليونات قبل عام، مع تقصير آجال الاستحقاق.

وارتفع متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 26.80% في مزاد يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني من 18.65% قبل عام.

وأظهرت بيانات لوزارة المالية أن فاتورة مستحقات الدين المحلي والخارجي لمصر زادت إلى أكثر من المثلين في الربع من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وقال باتريك كوران من مجموعة تيليمر للأبحاث: “من دون تمويل صندوق النقد الدولي، وبمبلغ معزِّز بصورة مثالية إن لم يكن المزيد من التعهدات بتمويل ذي صلة من الخليج، لن يكون هناك مفر من أزمة ديون في نهاية المطاف… ومن دون تخفيض قيمة العملة، ليس لدي تصور لكيفية إعادة البرنامج إلى المسار الصحيح”.

وخفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى، موديز وستاندرد أند بورز وفيتش، تصنيف الديون السيادية المصرية إلى مستويات غير مرغوب فيها.

وعند خفض التصنيف يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، قالت ستاندرد أند بورز إنها تعتقد أن الانتخابات، التي جرى تقديم موعدها، يمكن أن توفر فرصة سياسية للإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك تخفيض قيمة العملة إلى ما يقرب من سعر السوق الموازية.

وقالت فيتش، لدى خفض التصنيف في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، إنها تتوقع تسريع الخصخصة وتباطؤ مشاريع البنية التحتية الضخمة المكلفة وتعديل قيمة العملة بعد الانتخابات، ما يمهد الطريق على الأرجح لحزمة جديدة وأكبر من صندوق النقد الدولي.

لكن أي تخفيض لقيمة العملة قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم مرة أخرى.

وتوقع ألين سانديب من النعيم للوساطة المالية: “سنظل بين 34% و35% حتى نهاية العام، ومع بداية الربع الأول، سنعود إلى نطاق 40% بسبب انخفاض قيمة العملة وتأثيراته العابرة”.

وجلبت الحرب في غزة بيانات تضامن لمصر من حلفاء في الخليج والغرب، ولكن لم يصل الأمر إلى تلقي وعود بالدعم المالي على غرار ما قدموه في الماضي.

وهناك أيضا مخاطر جديدة، حيث أدى تعليق إسرائيل المؤقت لصادرات الغاز الطبيعي لأسباب أمنية، في أكتوبر/تشرين الأول، إلى إجبار مصر على توسيع فترات انقطاع التيار الكهربائي في أنحاء البلاد إلى ساعتين يوميا مقارنة بساعة واحدة في السابق.

وحذر فاروق سوسة، من بنك غولدمان ساكس، من أن التقشف ليس نتيجة حتمية، لأن أزمة تكاليف المعيشة في مصر ستجعل الإصلاح صعبا حتى بعد الانتخابات.

وقال إن “الحاجز أمام الإصلاح، وخاصة ما يتعلق بالنقد الأجنبي، سيكون مرتفعا في يناير/كانون الثاني مثل ما هو اليوم”.

(الدولار = 30.8500 جنيهاً مصرياً)

المصدر: رويترز

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here