سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إلهامي المليجي، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن القارة الإفريقية تمتلك اليوم فرصة تاريخية لإعادة صياغة موقعها في النظام الدولي، بفضل مواردها الطبيعية الضخمة وشبابها الواعد.
وقال إن القيادة المصرية تنظر إلى إفريقيا كشريك فاعل لا تابع، مشيرًا إلى أن مبادرات مثل منتدى أسوان تُجسد هذا التوجه نحو تمكين القارة سياسيًا وتنمويًا. وأضاف أن القاهرة تسعى إلى توحيد الصوت الإفريقي داخل المنصات الدولية لمواجهة ازدواجية المعايير، وشدد على أن تحقيق التوازن العالمي الجديد يتطلب إرادة سياسية جماعية تعكس وحدة إفريقيا وتكاملها المؤسسي.
كيف ترى القيادة المصرية موقع إفريقيا في النظام العالمي الجديد؟ وهل تمتلك القارة فعلاً مفاتيح الإصلاح كما أشار الرئيس السيسي؟
ترى مصر أن إفريقيا ليست مجرد طرف متأثر في النظام العالمي، بل طرف فاعل يمكنه الإسهام في صياغة نظام أكثر توازنًا وعدلاً. وتؤكد القاهرة أن القارة تمتلك بالفعل مفاتيح الإصلاح من خلال الكتلة السكانية الشابة، ومواردها الطبيعية، وموقعها الجغرافي المتميز.
وفي كلمته الافتتاحية لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن إفريقيا تمتلك قدرات تجعلها من اللاعبين الأساسيين في تحديد قواعد اللعبة الدولية.
ما المقومات التي تجعل إفريقيا قادرة على تصدر جهود استعادة التوازن الدولي رغم التحديات السياسية والاقتصادية؟
المقومات متعددة، ويمكن تلخيصها في ثلاث ركائز أساسية:
– السكان الشباب والأسواق الناشئة التي تمنح إفريقيا بعدًا ديموغرافيًا واقتصاديًا قويًا.
– الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي الاستراتيجي اللذان يجعلانها محورًا في سلاسل الطاقة والتجارة العالمية.
– الأطر المؤسسية الإفريقية المتطورة مثل سياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ومركزه في القاهرة، التي توفر بنية تنفيذية مشتركة.
هذا المزيج يمنح القارة قدرة على مقاربة الأزمات العالمية والمساهمة في صياغة توازن دولي جديد.
هل تنجح المنتديات الإقليمية مثل منتدى أسوان في تحويل الخطاب السياسي إلى سياسات واقعية تعزز مكانة إفريقيا دوليًا؟
منتدى أسوان يمثل منصة حوارية فاعلة تتجاوز النقاش النظري إلى إعداد خرائط طريق وتوصيات عملية تغذي جهود السلام والتنمية. وتشارك فيه مؤسسات إفريقية وأممية، مما يعزز فرص تنفيذ ما يُتفق عليه.
ورغم أن نتائجه ليست آنية بالكامل، فإن تراكم التجارب يجعله من الأدوات المهمة لتعزيز نفوذ إفريقيا في الساحة الدولية.
ما الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في قيادة جهود إعادة تعريف إفريقيا كقوة فاعلة في النظام العالمي؟
تلعب مصر أدوارًا مركزية في هذا المسار، أبرزها:
– استضافة ورعاية منتدى أسوان ما يجعلها في قلب المبادرة الإفريقية.
– قيادة ملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات داخل الاتحاد الإفريقي، بما يعزز نفوذها المؤسسي.
– احتضان مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية، وتقديم التدريب والخبرات للكوادر الإفريقية.
وبذلك تُمثل مصر جسرًا يربط بين المبادرات القارية والإرادة التنفيذية، ضمن رؤية إفريقية ذات حضور عالمي متنامٍ.
أشار الرئيس السيسي إلى ضعف أداء المؤسسات متعددة الأطراف، فما أسباب هذا الضعف من وجهة نظر مصر؟
ترى مصر أن ضعف المؤسسات متعددة الأطراف يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
أولًا، استقطاب القوى الكبرى الذي يعيق التوافق والعمل الجماعي.
ثانيًا، ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي مما يضعف الشرعية الدولية ويؤثر على الالتزام بها.
ثالثًا، قصور التمويل وضعف القدرات التنفيذية في العديد من الدول، ما يحدّ من فاعلية هذه المؤسسات.
وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه أن إصلاح هذه المعادلة يجب أن يتم من منظور أكثر عدالة وفاعلية يضمن مشاركة الجميع في صنع القرار الدولي.
كيف يمكن لإفريقيا أن تتعامل مع المعايير المزدوجة في تطبيق القانون الدولي كما ورد في خطاب السيسي؟
المقترح المصري يرتكز على ثلاثة محاور:
– تعزيز الصوت الإفريقي الموحد داخل المنصات الدولية والمطالبة بإصلاح حوكمة المؤسسات العالمية.
– تفعيل الأطر الإفريقية الداخلية كمراكز للسلام والتنمية لتقليل الاعتماد على القرارات الخارجية.
– توثيق الانتهاكات وممارسة الضغط السياسي والقانوني على من يستخدم المعايير المزدوجة، لتحويل التكلفة الأخلاقية إلى تكلفة سياسية وقانونية.
بهذه المقاربة، تتحول الشكوى من التحيز إلى مبادرة تقود التغيير من داخل القارة.
ما المطلوب من المجتمع الدولي والمنظمات لدعم الدول الإفريقية في مواجهة الأزمات الإنسانية والاقتصادية؟
تطالب مصر المجتمع الدولي بعدة إجراءات أساسية:
– تخفيف أعباء الديون وإعادة هيكلتها للدول الإفريقية المتضررة من الأزمات.
– توفير تمويل عادل ومستدام لقضايا المناخ والتنمية، بدل الدعم الموسمي المشروط.
– دعم عمليات السلام والتعافي بعد النزاعات عبر شراكات حقيقية تراعي الأولويات المحلية.
– بناء القدرات الإدارية والتشريعية والتقنية للدول الإفريقية لتصبح فاعلة لا متلقية للمساعدات.
هذه الدعوات تكررت في خطابات القاهرة خلال منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامة.
هل تمتلك الدول الإفريقية الإرادة السياسية الكافية لتجاوز الاستقطاب الدولي والانخراط في إصلاح النظام العالمي؟
هناك مؤشرات قوية على وجود إرادة إفريقية متنامية، تتجلى في اتساع المشاركة في المنتديات الإقليمية مثل منتدى أسوان، وصدور رسائل واضحة من القادة الأفارقة تتبنى الدور القيادي.
غير أن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه الإرادة إلى موقف تفاوضي موحد داخل المنصات الدولية، فالنوايا موجودة لكن التنفيذ الجماعي يحتاج إلى تنسيق أوسع وقاعدة مؤسساتية أقوى لضمان فاعلية الصوت الإفريقي في النظام العالمي الجديد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





