مرسي في الخطاب الرسمي المصري… أسباب عدة للتغيير

4
مرسي في الخطاب الرسمي المصري... أسباب عدة للتغيير
مرسي في الخطاب الرسمي المصري... أسباب عدة للتغيير

أفريقيا برس – مصر. تسع سنوات مرت على الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، جرت خلالها الكثير من المتغيرات على المستويين المحلي والدولي، وتحولت خلالها نبرة الحديث عن مرسي الذي كان يوصف بـ”الرئيس الإخواني”، ولا يرد ذكره على ألسنة الإعلاميين التابعين للأجهزة الأمنية إلا ملحقاً بسيل من الاتهامات التي تصل في كثير من الأحيان حد السب والقذف.

وكان أقل هذه الاتهامت حدّة وصفه بـ”العيّاط” كأحد أوجه الاستهزاء والسخرية، وذلك بخلاف التناول من جانب مسؤولي الدولة الرسميين، وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان يحرص دائماً على الإشارة لمرسي بالنقد متبوعاً بـ”مؤامرات أهل الشر” في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

مراحل تبدّل الخطاب الرسمي تجاه مرسي

هذا العام شهد تطورات كثيرة، كان أبرزها تغير لهجة الخطاب الرسمي حول مرسي. فخلال حفل إفطار الأسرة المصرية في 26 إبريل/نيسان الماضي، فاجأ السيسي الرأي العام بخطاب مغاير تماماً عن مرسي، ولأول مرة يذكره مترحماً عليه ويقول “الرئيس السابق الله يرحمه”.

واسترسل بالقول: “يعني أنا لما أقف الوقفة ده مع الرئيس مرسي الله يرحمه أنا بقف مع مصر”، مضيفاً: “لو تآمرت عليه بعد ما تولى يبقى تآمرت على مصر. على البلد و100 مليون وضيعت حياة ومستقبل 100 مليون”.

حديث السيسي آنذاك جاء في وقت كان يتم فيه عرض مسلسل “الاختيار 3″، الذي يتناول ضمن أحداثه العلاقة بين السيسي كوزير دفاع والرئيس المصري المنتخب محمد مرسي خلال الفترة ما بين عامي 2012 و2013.

وذهب مراقبون إلى أن المسلسل على الرغم من إظهاره مرسي بشكل سلبي، إلا أنه كان يريد تبرئته من الخيانة والتآمر، وإظهاره في دور المغلوب على أمره أمام قيادة الجماعة ومكتب إرشادها.

ويرى سياسي حزبي مصري، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “تغير مفردات الخطاب المتناول لقضايا جماعة الإخوان المسلمين، وفي القلب منهم الرئيس السابق محمد مرسي، من جانب الرئيس ومسؤولي الدولة، يأتي استشعاراً بأزمة حقيقية من جانب الدائرة المحيطة بالسيسي، نتيجة الأزمة الاقتصادية وما خلفته من حالة غضب لم يعد يمكن إخفاء مظاهره في الشارع المصري، في ظل حالة احتقان تنذر بانفجار يلوح في الأفق”.

ويضيف السياسي أن الخطاب تجاه الإخوان تغيّر، معتبراً أن هذا التحوّل “يأتي كواحدة من المناورات السياسية التي يمارسها النظام السياسي في الوقت الراهن لأسباب متعددة، أبرزها بلا شك التحايل على حالة الاحتقان الشعبي وانغلاق الأفق أمام المواطنين، لإقناعهم بأن هناك حراكاً قد يفضي إلى تطورات تنعكس على حياتهم بالأفضل”.

المناورة السياسية التي يقوم بها النظام المصري تشمل أيضاً من وجهة نظر السياسي المصري، وهو أحد المشاركين في الحوار الوطني المرتقب، “تخفيف حدة الاحتقان لدى قطاع كبير من الأسر المصرية، ممن لهم سجناء على ذمة قضايا سياسية، سواء كانوا إخواناً أو من اتجاهات سياسية أخرى.

وعليه، يتم إحياء الأمل في نفوسهم بإمكانية إطلاق سراح ذويهم، ما يجعلهم يمتنعون عن إبداء أية ردود فعل احتجاجية تجاه طول مدة حبس ذويهم، في ظل تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية”.

ويقول المصدر: “أما على الصعيد الدولي، فتغير نبرة الحديث عن مرسي، محاولة من السيسي لإظهار، على غير الحقيقة، حدوث تطور إيجابي على المستوى السياسي، في محاولة للإفلات من الضغوط الدولية لتحسين الحالة الحقوقية في مصر، عبر إبداء استعداده لفتح المجال أمام حالة تهدئة سياسية، تشمل جميع المكونات المصرية بمن فيهم الإخوان”.

ويشير إلى أن حديث السيسي “عن مرسي، بخلاف الأحاديث المتواترة عن مقربين من النظام المصري بقرب حصول انفراجة سياسية تشمل الجميع، وقوائم عفو عن المحكومين، والإفراج عن المحبوسين احتياطياً، وضمنهم من هم على ذمة قضايا متصلة بجماعة الإخوان، تأتي في سياق هذه التهدئة”.

أسباب تغيّر الخطاب الرسمي تجاه مرسي
سياسي آخر تحدث لـ”العربي الجديد”، يرى أن “هناك أسباباً رئيسية لا يمكن تجاهلها بشأن التطور الذي طرأ أخيراً على التعامل من جانب مسؤولي الدولة المصرية والإعلام التابع لها، سواء الرسمي أو ذلك المملوك للأجهزة المتحكمة في المشهد”.

ويتعلق الأمر، وفقاً لهذا السياسي، بـ”تهيئة المشهد للمتغيرات على صعيد العلاقة مع كل من قطر وتركيا، بعد فترة من التوتر في العلاقات بدأت في عام 2013، واستمرت لنحو 8 سنوات، بفعل الهجوم الرسمي على أنقرة والدوحة، ومعهم الإخوان باعتبارهم في سلة واحدة”.

في المقابل، يعتبر خبير سياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك سبباً جوهرياً متعلقاً بتغيّر خطاب السيسي شخصياً حول مرسي.

ويشير إلى أنه “بمرور الوقت بدأت شرعية السيسي التي جاء بها في أعقاب 3 يوليو 2013 ودوره بها كقائد للجيش، تتآكل تدريجياً، ولم يعد صالحاً معه أية تكثيف للأحاديث الإعلامية بشأن دوره في إنقاذ البلاد من الإخوان، في ظل تراجع كافة المؤشرات التنموية والاقتصادية، وتراجع الأوضاع الاقتصادية للمواطن، حتى بدأ المواطنون الذين رفعوه فوق الأعناق، يهاجمونه علناً في جلساتهم وتجمعاتهم الخاصة”.

ووفقاً للخبير السياسي، فإن “ما يردده قطاع لم يعد قليلاً من المصريين خلال الفترة الماضية مع اشتداد الأزمة الاقتصادية، بأن معاناة السيسي نتيجة ما فعله مع مرسي، في إشارة لغدره به، هو ما دفع السيسي إلى الخروج بالخطاب غير المألوف خلال إفطار الأسرة المصرية في إبريل الماضي، للتأكيد على الشرعية التي جاء بموجبها”.

ويشدّد على أن هذه الشرعية تتمحور حول “القضاء على الإخوان، بالإشارة إلى حديثه عن واقعة نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر بشأن جلب مقاتلين أجانب لمواجهة الجيش المصري، وأنه لولا تدخّله شخصياً لسقطت البلد. أما الشق الآخر فهو حديثه عن مرسي بشيء من الاحترام وتأكيده بأنه لم يخنه ولم ينقلب عليه”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here