خبير اقتصادي لـ”أفريقيا برس”: الاستثمارات القطرية فرصة لتنمية الاقتصاد المصري رغم تحديات التخطيط

6
خبير اقتصادي: الاستثمارات القطرية فرصة لتنمية الاقتصاد المصري رغم تحديات التخطيط
خبير اقتصادي: الاستثمارات القطرية فرصة لتنمية الاقتصاد المصري رغم تحديات التخطيط

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب الصحفي والمحلل الاقتصادي عبد النبي عبد الكريم أن قطاع الطاقة يمثل فرصة استثمارية كبيرة لقطر في مصر، خاصة مع تزايد احتياجات أوروبا للغاز وتنفيذ مشروع خط الغاز العربي عبر القاهرة. وقال في حوار مع “أفريقيا برس”، إن التعاون المصري القطري يمكن أن يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وزيادة فرص العمل، لا سيما في قطاعات السياحة والضيافة.

وأضاف أن غياب رؤية استراتيجية شاملة يمثل تحديًا رئيسيًا أمام التنمية الاقتصادية في مصر. كما شدد على أن أي دور عربي في لبنان سيكون ضمن إطار الرعاية الفرنسية، مؤكدًا أهمية وضع خطة اقتصادية مصرية واضحة تمتد لعشر سنوات على الأقل لتحقيق التنمية المستدامة.

وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، قد قال إن هناك إرادة سياسية من قيادات مصر، وقطر، للعمل على تحقيق نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، وتعزيز التشاور والتنسيق الكامل بين البلدين إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين الشقيقين.

بناءً على زيارة رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية إلى مصر، ما هي أبرز المجالات الاستثمارية التي تم الاتفاق عليها بين البلدين خلال هذه الزيارة؟

لا يبدو أن هناك اتفاقًا محددًا تم الإعلان عنه أو بيانًا رسميًا يشير إلى مشروعات معينة سيساهم فيها رأس المال القطري خلال هذه الزيارة. ومع ذلك، من المعروف أن الاستثمارات القطرية أبدت اهتمامها منذ عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وقطر بالتواجد في مختلف قطاعات الاستثمار والاقتصاد.

يأتي القطاع العقاري وقطاع الطاقة المتجددة على رأس أولويات رأس المال القطري، وهو ما يعكس رغبة قطرية متزايدة في تعزيز الشراكة الاقتصادية.

لكن جانبًا مهمًا من هذه الزيارة ركّز على مناقشة الأوضاع في غزة ومستقبل المنطقة، خاصة في ظل التطورات المتعلقة بإطلاق النار في لبنان.

كما تشير التصريحات إلى احتمالية وجود تعاون اقتصادي واسع النطاق بين البلدين، خصوصًا في مجال إعادة الإعمار، سواء في لبنان أو في غزة. وسيستلزم هذا التعاون دعمًا في مجالات متعددة، منها إنشاء مصانع لمواد البناء، الأسمنت، وغيرها، بما يعزز التعاون الاقتصادي ويحقق الفائدة المشتركة.

ما أهمية اختيار منطقة الساحل الشمالي لتنفيذ مشروع عقاري كبير بالتعاون مع قطر؟ وهل يمثل ذلك توجهًا جديدًا في السياسة الاستثمارية المصرية؟

أهمية اختيار منطقة الساحل الشمالي لتنفيذ مشروعات عقارية ضخمة بالتعاون مع قطر تكمن في التحول الكبير الذي تشهده هذه المنطقة، خاصة بعد مشروع رأس الحكمة. أصبحت تنمية الساحل الشمالي وتحويله إلى وجهة ريفييرا عالمية فرصة استثمارية جذابة للغاية لرأس المال العربي.

هذه المنطقة تُعد من أبرز المناطق السياحية الواعدة، ويمكن أن تتحول إلى واحدة من أفضل مناطق الجذب السياحي والإقامة الفاخرة على مستوى العالم، مع التركيز على إنشاء منتجعات سياحية متكاملة ومنشآت إقامة شاملة.

بالمقارنة مع أوروبا، الساحل الشمالي يتمتع بعدة ميزات تنافسية، أبرزها انخفاض معدلات التلوث التي تكاد تصل إلى صفر في المئة، إلى جانب المناخ المعتدل والجيد. في ظل التغيرات المناخية التي تشهدها أوروبا وصعوبة التكيف معها، تبرز هذه المنطقة كبديل مثالي للنخبة العالمية والطبقات الثرية للإقامة والاستمتاع.

كما أن عدم وجود توقعات واضحة بتحسن ظروف المناخ في أوروبا خلال الخمسين عامًا القادمة يعزز من جاذبية الساحل الشمالي، الذي يُعد وجهة مميزة قادرة على استيعاب طلب عالمي متزايد. لهذا السبب، تتسابق الشركات العالمية، بما في ذلك رأس المال العربي، للاستثمار والتواجد في هذه المنطقة الواعدة، مما يعكس توجها جديدًا ومهمًا في السياسة الاستثمارية المصرية.

كيف ترى الحكومة المصرية تأثير الشركات القطرية التي برزت خلال تنظيم كأس العالم على تنفيذ المشاريع الكبرى في مصر؟

هناك نقطة مهمة جدًا يجب أخذها في الاعتبار، وهي أن رأس المال القطري لم يغادر مصر حتى في ظل فترة القطيعة والمشكلات السياسية. لكن الحكومة المصرية في تلك الفترة كانت ترفض بشدة وجود الاستثمارات القطرية في البلاد. على الرغم من ذلك، الحكومة القطرية استمرت في وضع خطط استثمارية خاصة بمصر، وقامت بتحديثها باستمرار لأنها كانت تتوقع أن فترة القطيعة لن تدوم طويلًا، فالسياسة بطبيعتها لا تقوم على صداقات أو عداءات دائمة، بل على المصالح.

بالنسبة للشركات القطرية، المقصود هنا في الغالب هو رأس المال القطري وإمكاناته في دعم وزيادة الاستثمارات في مصر. الجزء الأهم في هذا السياق هو إدخال التكنولوجيا المتقدمة ضمن أساليب العمل والاستثمار القطري. لم يعد الاستثمار القطري تقليديًا كما كان في السابق، بل أصبح يعتمد بشكل كبير على تحقيق الرقمنة ونقل التكنولوجيا المتطورة.

الاستثمارات القطرية اليوم تمثل نموذجًا لما يمكن أن يُسمى الاستغلال الأمثل للموارد وتحقيق الحد الأقصى من الفائدة. هذا التحول في طبيعة الاستثمار يجعل الشركات القطرية مؤهلة للمساهمة بشكل فعّال في تنفيذ المشاريع الكبرى في مصر، بما يعزز من جودة وكفاءة هذه المشاريع ويضعها في مصاف الاستثمارات العالمية.

ما هي أبرز القطاعات التي تتوقعون أن تحقق فيها قطر نجاحًا استثماريًا كبيرًا في مصر، خاصةً مع الحديث عن قطاع الموانئ والمراكز اللوجستية؟

أعتقد أن قطاع الطاقة يُعد من أبرز القطاعات التي يمكن أن تحقق فيها قطر نجاحًا استثماريًا كبيرًا في مصر. هذا التوقع يرتبط بشكل كبير باحتياجات أوروبا المتزايدة للغاز، خاصة إذا تم تنفيذ مشروع خط الغاز العربي الذي يُفترض أن ينقل الغاز العربي إلى أوروبا عبر القاهرة بدلاً من سوريا أو تركيا.

في رأيي، هذا القطاع يمثل إحدى أهم فرص التعاون التي يمكن أن تُحقق منافع حقيقية للطرفين. إلى جانب ذلك، قد يكون لهذا التعاون دور استراتيجي في تعزيز مكانة مصر كمحور إقليمي للطاقة، مع دعم الجهود القطرية لتوسيع استثماراتها في هذا المجال الحيوي.

كيف ينعكس التعاون المصري القطري على الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل، خاصةً في ظل التركيز على قطاعي السياحة والضيافة؟

بالتأكيد، أي إضافة للاقتصاد المصري من خلال تدفقات نقدية أو استثمارات جديدة ستنعكس إيجابيًا على عدة جوانب. أولًا، ستساهم هذه الاستثمارات في تقليل التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري. ثانيًا، ستؤدي إلى زيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، خاصة مع تنفيذ مشروعات جديدة في مجالات مثل السياحة والضيافة، التي تُعد من القطاعات كثيفة العمالة.

علاوة على ذلك، إنتاج السلع والخدمات محليًا في إطار هذه الاستثمارات سيُسهم في تقليل الضغوط على الجنيه المصري، من خلال تقليل الحاجة إلى الاستيراد وإتاحة السلع بأسعار مناسبة للمستهلكين. هذا التعاون يشكل فرصة حقيقية لدعم الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة.

هل توجد خطط لضمان أن يكون لهذه المشاريع تأثير إيجابي مستدام على المجتمعات المحلية في الساحل الشمالي، أم أن التركيز الأساسي ينصب على جذب الاستثمارات فقط؟

في اعتقادي، المشكلة الرئيسية التي تعاني منها مصر هي غياب رؤية شاملة ومتكاملة للتعامل مع القضايا الاقتصادية والتنموية. غالبًا ما تعتمد السياسات على ردود الأفعال والظروف الآنية بدلاً من التخطيط المسبق. على سبيل المثال، مشروع رأس الحكمة جاء كحل لإنقاذ الاقتصاد المصري من خطر الإفلاس، حيث كان هناك تقييد لحركة الواردات وتعطل في عمل المصانع نتيجة نقص التمويل اللازم لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج. هذا المشروع ظهر تقريبًا كمصادفة أكثر من كونه جزءًا من تخطيط استراتيجي.

فيما يتعلق بجذب الاستثمارات، سواء العربية أو العالمية، لم يكن هناك تخطيط واضح لجذب رؤوس الأموال في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية. وإذا كنا نتحدث عن خطط طويلة الأجل تضمن تأثيرًا إيجابيًا مستدامًا لهذه المشاريع، أعتقد أنه من الضروري أن يكون للحكومة المصرية خطة واضحة ومكتوبة تُنشر للرأي العام، تتضمن توقعاتها ورؤيتها للاقتصاد خلال العشر سنوات القادمة على الأقل. وجود مثل هذه الخطة سيُسهم في تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات وتحقيق تنمية مستدامة تفيد المجتمعات المحلية.

في ضوء الحديث عن دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر وقطر في تحقيق استقرار لبنان، خاصةً فيما يتعلق بدعم الجيش وإعادة الإعمار؟

فيما يتعلق بدعم مؤسسات الدولة اللبنانية، أعتقد أن الحديث عن دور عربي مستقل في لبنان، سواء من مصر أو قطر أو غيرهما، أمر مستبعد في ظل وجود فرنسا كلاعب أساسي في المشهد اللبناني. فرنسا هي التي قادت الجهود لإيجاد وقف لإطلاق النار، وبالتالي أي دور عربي في لبنان سيكون في إطار الرعاية الفرنسية وليس بشكل مستقل.

بالنسبة للدور القطري والمصري، يمكن أن يكون جزءًا من الجهود العربية المشتركة، بمشاركة دول مثل السعودية والإمارات، لكن هذه الأدوار ستظل تحت مظلة التأثير الفرنسي.

من ناحية أخرى، السعودية قد تكون صاحبة التأثير الأكبر على الاقتصاد اللبناني أو حتى على النظام السياسي فيه، وهو ما يعقّد الحديث عن دور مصري قطري منفرد في مساعدة لبنان أو إعادة إعماره. من هنا، أعتقد أن تصور دور واضح لمصر وقطر في هذا السياق يحتاج إلى إعادة نظر، مع الأخذ في الاعتبار الإطار الإقليمي والدولي المحيط بالمشهد اللبناني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here