أفريقيا برس – مصر. أكد مصدر عسكري بارز في شرق ليبيا لـ”العربي الجديد” أن مقاتلين تابعين لشركة “فاغنر” الروسية غادروا الأراضي الليبية متجهين إلى روسيا، مرجحاً أن تكون موسكو قررت سحبهم، من أجل الاستفادة من خبراتهم القتالية والعملياتية في الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولفت المصدر إلى أن طائرة عسكرية روسية غادرت سراً الأراضي الليبية، وهي تحمل المئات من مقاتلي “فاغنر” المحترفين، في يناير/ كانون الثاني الماضي، قيل إن وجهتهم كانت هي نفس المكان الذي برز فيه ما يسمى بـ “الرجال الخضر الصغار” للمرة الأولى على المستوى الدولي في عام 2014، جنوبي أوكرانيا.
وقال المصدر إن مقاتلي شركة “فاغنر” الروسية الذين غادروا ليبيا، تم سحبهم من مواقع وتمركزات في مدينة سوكنة، وغيرها من المدن وسط وشرق ليبيا، واتجهوا عقب سحبهم إلى قاعدة الجفرة الجوية، وسط البلاد.
وأضاف المصدر العسكري الليبي، أن مغادرة قوات من “فاغنر” ليبيا: “قد تؤثر على الوضع العسكري، خصوصاً في الشرق الليبي، لا سيما أن وضع اللواء المتقاعد خليفة حفتر صعب بالأساس، بعد تزايد حالة الغضب داخل قواته، نتيجة العديد من المشكلات، ومنها تأخر الرواتب، والفساد، وسيطرة نجله صدام حفتر على القرار داخل الجيش”.
مغادرة قوات من “فاغنر” ليبيا قد تؤثر على الوضع العسكري
وأضاف المصدر أن “سحب فاغنر سيُضاف إلى مشكلات أخرى يواجهها حفتر، تتمثل في رفع الدعم المصري عنه نسبياً فضلاً عن التقارب الأخير بين تركيا والإمارات، التي كانت الداعم الرئيسي له قبل ذلك، لأنها كانت تمول تدفق المرتزقة والأسلحة والمقاتلين الأجانب على البلاد منذ أن شن حفتر هجومه”.
وأكد المصدر أن “ذلك كله يصب في مصلحة المعسكر المضاد لخليفة حفتر وحلفائه”.
من جهته، قال عسكري مصري سابق، إن روسيا “لم تنقل جنود فاغنر من ليبيا فقط، ولكن من أماكن أخرى في أفريقيا”، لكنه أكد في الوقت ذاته أن “أعداد تلك القوات ليست بالكثيرة”.
وأوضح في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “روسيا قامت بسحب مجموعة من هؤلاء المرتزقة لأهداف معينة، مثل تنفيذ عمليات تخريبية، و/أو تشكيل فرقة لاصطياد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اعتماداً على الخبرة العملياتية التي اكتسبها هؤلاء المرتزقة في ليبيا ودول أفريقية أخرى”.
في موازاة كشفت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، يوم الإثنين الماضي، أن أكثر من 400 مرتزق روسي من مرتزقة “فاغنر”، يتحركون في العاصمة الأوكرانية كييف، بأوامر من الكرملين، لاغتيال زيلينسكي وأعضاء حكومته، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق لموسكو لتولي زمام الأمور.
وقلّل المصدر العسكري من تأثير سحب قوات من شركة “فاغنر” الروسية من ليبيا على وضعها هناك، قائلاً إنه “حتى لو تم سحب المئات من المرتزقة فإن ذلك لن يضعف من تواجد هذه القوات في ليبيا، التي يقدّر حجمها بأكثر من 7 آلاف جندي مدعومين بطائرات وبمنظومات الدفاع الجوي بانتسير التي ترافقهم في كل تحركاتهم، ومتمركزين في خنادق ونقاط حصينة في سرت والجفرة”.
وأوضح المصدر أن قوات شركة “فاغنر” الروسية، عادة ما “تتحرك في أرتال تتكون من عربات مسلحة، وغرفة عمليات للتحكم بالطيران المسيّر”.
ولفت إلى أن هذه القوات “تتولى تنفيذ عمليات نوعية داخل الأراضي الليبية، أغلبها عمليات قذرة مثل التصفية وقصف المواقع المدنية، إضافة إلى عمليات سرقة ونهب وصلت إلى موارد النفط”.
وتعتبر شركة “فاغنر” المظلة السرية لشركات المقاولات والخدمات العسكرية الخاصة، المرتبطة بحليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يفغيني بريغوزين المعروف بـ”طباخ بوتين”.
وظهر مرتزقة “فاغنر” في ليبيا في إبريل /نيسان 2019 عندما انضم عناصرها إلى مليشيات تابعة لحفتر، بعد أن شن هجوماً على حكومة الوفاق التي كانت تعترف بها الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، نقلت “ذا صن” البريطانية عن مسؤولين في المخابرات البريطانية، أنه تم إنشاء قاعدتين عسكريتين روسيتين في بنغازي وطبرق، شرقي ليبيا، لدعم حفتر.
وقيل إن القواعد أقيمت تحت غطاء مجموعة “فاغنر” وأن العشرات من كبار عملاء مديرية المخابرات وأفراد القوات الخاصة كانوا يعملون كمدربين ومنسقين في المنطقة.
وفي مطلع مارس/آذار 2019، ووفقاً لمصدر حكومي بريطاني، كان حوالي 300 من عناصر “فاغنر” العسكريين في بنغازي لدعم حفتر.
وفي ذلك الوقت، حققت مليشيات حفتر تقدماً كبيراً في جنوب البلاد، واستولت على عدد من المدن، ومنها مدينة سبها التي تحتوي على أكبر حقل نفطي في ليبيا. وبحلول 3 مارس من العام عينه، كان معظم الجنوب، بما في ذلك المناطق الحدودية، تحت سيطرة حفتر.
وفي أعقاب الحملة الجنوبية، شنّت مليشيات حفتر هجوماً ضد العاصمة طرابلس التي كانت تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني، ولكن الهجوم تعثر في غضون أسبوعين في ضواحي المدينة بسبب المقاومة الشديدة.
وفي نهاية سبتمبر/أيلول 2019، وفي أعقاب تقارير عن ضربات جوية قامت بها حكومة الوفاق الوطني وقتلت مرتزقة روسيين، جنوبي طرابلس، بما في ذلك غارة أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة قائد “فاغنر” ألكسندر كوزنيتسوف، ذكر المسؤولون الغربيون والليبيون أنه خلال الأسبوع الأول من سبتمبر 2019، وصل أكثر من 100 متعاقد عسكري خاص من “فاغنر” إلى الجبهة لتقديم الدعم المدفعي لقوات حفتر.
ووفقاً للأمم المتحدة، يوجد 20 ألفا من القوات الأجنبية أو المرتزقة في ليبيا.
تولت “فاغنر” تنفيذ عمليات نوعية داخل الأراضي الليبية، أغلبها عمليات قذرة
وعلى الرغم من اتفاق الليبيين في 23 أكتوبر 2020 على إخراج المرتزقة الأجانب، وعلى رأسهم “فاغنر”، من بلادهم خلال 3 أشهر من ذلك التاريخ، فإن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.
ومع إعلان مجلس النواب الليبي، خلال جلسته مساء أول من الثلاثاء، عن منح الثقة لحكومة فتحي باشاغا بأغلبية 92 صوتاً من أصل 101 نائب حضروا الجلسة، ومع إصرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة على عدم التسليم إلا لسلطة منتخبة، توقع خبراء ومحللون أن يؤثر ذلك على الوضع الميداني في البلاد، ما ينذر باحتمالية تفجر الصراع المسلح مرة أخرى.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس